قال مسؤول في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إن بشار الأسد “يحاول التقليل من تأثير العقوبات، والتي تعكس إدانة شبه جماعية دولية لانتهاكات وفظائع نظامه”.
ويأتي التعليق الأمريكي بعد أيام من إعلان الأسد عبر شاشة قناة “سكاي نيوز عربية” أن نظامه “تمكن بعدة طرق من تجاوز قانون قيصر”، وأنه “ليس العقبة الأكبر”، حسب تعبيره.
وأضاف الأسد أن “العقبة تتمثل في أن صورة الحرب تمنع أي مستثمر من القدوم للتعامل مع السوق السورية”.
ووفق المسؤول الأمريكي “ستظل العقوبات المفروضة سارية إلى أن ترى واشنطن تقدماً في حل الصراع السوري، بما يتفق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015، والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والتسوية السياسية في سورية”.
لكنه تابع مستدركاً: “ولم نر ذلك بعد”.
كما رد مايك ماكول، الرئيس الجمهوري للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، على حديث الأسد المتعلق بـ”قيصر”
وصرح أن “العقوبات الأمريكية مصممة بعناية لاستهداف أفراد وكيانات معينة مسؤولة عن الجرائم ضد الشعب السوري، مع ضمان استمرار تدفق المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها”.
ودخلت عقوبات “قانون قيصر” حيز التنفيذ، في 17 يونيو/ حزيران 2020، وشملت شخصياتٍ من النظام، على رأسهم بشار الأسد وزوجته وشقيقه ماهر، وشركاتٌ عديدة يملكها متنفذون يدعمون الأسد، إلى جانب المصرف المركزي.
وتنص العقوبات على منع التعامل الاقتصادي والتجاري مع نظام الأسد أو أحد الداعمين له، خاصة في مسألة إعادة الإعمار، لإجباره على القبول بحل سياسي، حسب مسؤولين أمريكيين.
كما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية سلسلة عقوبات خلال السنوات الماضية استهدفت أركان النظام السوري والمقربين منه، وجاء قسم منها بموجب “قيصر” وأخرى استناداً إلى قانون مكافحة تهريب المخدرات الأخير.
هل يلتف بالفعل؟
وخلال السنوات الماضية ظهرت على الساحة الاقتصادية لسورية أسماء لم تكن معروفة من قبل.
وأطلق عليهم لقب “أثرياء الحرب” مستغلين فراغ الساحة من النخبة الاقتصادية القديمة، لتصبح هذه الفئة أحد أهم ركائز الاقتصاد في سورية.
هذه الأسماء اتخذها نظام الأسد مطية للتحايل على العقوبات الاقتصادية، كونها غير مدرجة على قائمة العقوبات الاقتصادية الأوروبية والأمريكية، عبر تأسيس شركات تصنف بأنها “وهمية” تعمل في الاستيراد والتصدير.
وفي 22 مارس/ آذار الماضي، كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية، حصولها على وثائق رسمية، تُظهر تلاعب نظام الأسد والتفافه على العقوبات المفروضة عليه عبر استخدامه شركات وهمية وإخفاء الأسماء الحقيقية للمستثمرين الأجانب.
وذلك تجنباً لفرض عقوبات عليهم، ما يسهم في دعم النظام مالياً، ويجعل من الصعب على الدول الغربية فرض عقوبات على الدائرة الداخلية للأسد.
وتشير الوثائق، غير المتاحة للجمهور، أن ما لا يقل عن 3 شركات تم تأسيسها في سورية في نفس اليوم، للتغطية على شراء الأسهم وإدارة شركات أخرى.
حيث ظهرت صلات واضحة بين مالكي الشركات “الوهمية” الثلاث، وبين أفراد خاضعين للعقوبات في نظام الأسد، بينهم رجال أعمال مثل خضر علي طاهر، رجل الأعمال البارز لدى نظام الأسد.
“شركات خارجية”
وإلى جانب الشركات الوهمية داخل سورية، عمد نظام الأسد للتحايل على العقوبات عبر الاستفادة من علاقته الوطيدة برجال أعمال لبنانيين وشركات مختلفة.
وحسب مصادر قانونية لموقع “الحرة” في 2020، فإن نظام الأسد اعتمد على شركات لبنانية لشركاء لبنانيين من أجل الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
وحسب المصادر فإنه “تم تأسيس حوالي 13 شركة موضوعها الإعمار والمقاولات في السجلات التجارية اللبنانية خلال عامي 2018 و2019، هدفها السماح للمستثمرين الدوليين الدخول إلى خط إعادة الإعمار دون تعريضهم لخطر العقوبات”.
كما عمد نظام الأسد للتعاون مع شركات في دول أخرى لمساعدته بالالتفاف على العقوبات، وخاصة في لبنان الدولة المجاورة.
وفي 2018 أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات اقتصادية على عدد من الشركات في لبنان والإمارات العربية المتحدة، بسبب توفيرهم إمدادات النفط والوقود والغاز المسال للنظام وتسهيل المدفوعات من سورية.
والشركات هي “شركة ناسكو للبوليمرات والكيماويات” ومقرها لبنان، وشركة “آبار للخدمات البترولية” ومقرها لبنان، وشركة “إنشاء خط الأنابيب الدولية” ومقرها في الإمارات العربية المتحدة، وشركة “سونكس للاستثمارات المحدودة” ومقرها في الإمارات.
كما تحدثت “وثائق بارادايز”، التي كشف عنها الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ بالتعاون مع صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية في 2017، امتلاك رامي مخلوف ورجال أعمال سوريين مقربين من النظام العديد من الشركات في لبنان.
“شركات الملاذات الضريبية”
الطريقة الثالثة من تحايل نظام الأسد على العقوبات، كانت في تأسيس شركات وهمية في الملاذات الضريبية البعيدة.
وكشفت “وثائق بنما”، التي نشرتها صحيفة “sueddeutsche Zeitung” والاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين ICIJ عام 2016، عن تسجيل رامي مخلوف وأخيه حافظ، العديد من الشركات الوهمية في الملاذات الضريبية البعيدة، ما أدى إلى تكوين ثورة كبيرة.
كما كشفت الوثائق لجوء النظام إلى ثلاث شركات وهمية للالتفاف على العقوبات الدولية التي تستهدفه، وهي “بانغاتس إنترناشيونال” و”ماكسيما ميدل إيست ترايدينغ” و”مورغان أديتيفز”، التي وفرت الوقود لطائرات نظام الأسد.
كما كشفت “وثائق باندورا” في 2021 عن تأسيس رجل الأعمال المقرب من النظام، سمير حسن، لشركات في جزر العذراء البريطانية.
وكشفت الوثائق عن تأسيس حسن لشركات عقارية هي “libra Investments Trading وSamya Investment Limited وSunset Real Estate Properties Limited”.
وحسب الوثائق فإن “رجل الأعمال السوري سمير حسن قام بتأسيس شركة Sunset في جزر العذراء البريطانية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، لتمارس أنشطة تجارية تتعلق بالعقارات والممتلكات”.