عقدت عدة منظمات إنسانية وإغاثية، مؤتمراً صحفياً في مدينة إسطنبول ، استعرضت خلاله الواقع الذي يعيشه قرابة مليون نازح في الشمال السوري، في ظل الحملة العسكرية الروسية ولقوات الأسد على المنطقة.
وخرج المؤتمر الذي رعته 16 منظمة إنسانية، اليوم الجمعة، بالدعوة العاجلة للأمم المتحدة ، إلى ضرورة تجديد تفويض آلية إيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سورية، ووقف “آلة القتل” المتمثلة بالحملة العسكرية الروسية لقوات الأسد على مناطق إدلب، ولفت أنظار العالم إلى الاحتياجات العاجلة لنحو مليون نازح.
وقال مدير فريق الدفاع المدني، “الخوذ البيضاء” رائد الصالح، خلال كلمة له في المؤتمر، إن “الحملات العسكرية لروسيا وقوات الأسد أدت حتى الآن إلى نزوح أكثر من مليون شخص نحو الشمال السوري”.
وأضاف الصالح أن “فرق الدفاع المدني وثقت منذ بداية عام 2019 حتى الآن مقتل أكثر من 1830 شخص بينهم 450 طفل، كما فقدنا 20 متطوعاً من الدفاع المدني، جراء استخدام روسيا والنظام ضربات مزدوجة من قبل الطائرات ضد عمال الإنقاذ”.
وأشار مدير الدفاع المدني إلى أن “فرق الإنقاذ التابعة للدفاع المدني عملت على إنقاذ 4992 شخصاً، بينهم أكثر من ألف طفل، فيما أصيب 52 متطوع خلال مهامهم، وهناك أكثر 13281 هجوماً جرى الاستجابة لها، بينها 228 هجوم بالقنابل العنقودية و5070 غارة جوية نفذتها طائرات روسيا والنظام”.
وأوضح الصالح أن الحملات العسكرية تركزت على منازل المدنيين، مشيراً إلى أن قوات الأسد وروسيا استهدفت 45 مشفى ونقطةً طبية، و18 مخبزاً، و72 سوقاً شعبياً، و90 مدرسة، و19 مخيماً، إضافةً إلى 39 مسجد، وكنيسة واحدة.
وبخصوص الحملة العسكرية الأخيرة لروسيا وقوات الأسد على قرى وبلدات إدلب، منذ أكثر من شهر، وثق “الدفاع المدني”، بحسب الصالح، مقتل 308 أشخاص، بينهم 80 طفل و49 امرأة و 6 متطوعين من “الدفاع المدني” جراء القصف، فيما تم العمل على إنقاذ 785 مدني.
“كارثة لا يتصورها عقل”
من جانبه قال قتيبة السيد عيسى، مدير منظمة “بنفسج” الإغاثية، “جئنا من محافظة إدلب التي يوجد فيها 14 مليون شجرة زيتون ويوجد فيها 5 آلاف موقع أثري، واليوم إدلب هي سورية الصغيرة، وهي عاصمة النزوح (…) اليوم هناك كارثة كبيرة في إدلب لا يتصورها عقل، النازحون في الشوارع في المساجد في مراكز الإيواء في كل مكان”.
وألمح السيد عيسى إلى الوضع الذي يعيشه النازحون الآن في إدلب بقوله: “المدنيون الآن في مراكز الايواء لمدة شهر بدون حمامات عامة، والكثير من الأطفال يعانون من القمل والجرب، وعشرات الأطفال يعانون من المغص والبرد نتيجة النقص في الأغطية، ويوجد حالة انهيار عصبي لدى النساء بسبب الانتقال من النعيم إلى الجحيم”.
بينما قال محمد الجندلي المدير التنفيذي لهيئة الإغاثة الإنسانية “IYD “: ” لقد تجاوز أعداد النازحين في إدلب خلال الشهر الأخير من الكارثة، أكثر من 360 ألف نسمة، وبالتالي هناك 67 ألف عائلة (…) نحن بحاجة لـ 67 ألف سلة غذائية وللخيم”.
وأضاف الجندلي: “هناك خذلان من قبل وكالات الأمم المتحدة، وخاصةً إذا توقف تجديد قرار المساعدات واستمرت روسيا بالقصف، فإننا أمام كارثة إنسانية تواجد 4 مليون إنسان محاصر”.
وتابع: “يجب أن يتحرك المجتمع الدولي لتمرير قرار المساعدات الإنسانية إلى سوريا في مجلس الأمن، وجئنا لنناشد العالم لمنع وقوع الكارثة، ويجب التركيز على وقف آلة القتل”.
كارثة إنسانية تتفاقم
وفي رده على سؤال لـ”السورية.نت”، حول التحديات التي تواجه عمل المنظمات الإغاثية في إدلب، وسط موجات نزوح غير مسبوقة، قال المدير التنفيذي لـ”المنتدى السوري”، غسان هيتو، إن هناك “مشكلة كبيرة وكارثية بكل معنى الكلمة في إدلب.إن لم يتقدم المجتمع الدولي بخطوات ملموسة في معالجة هذه الكارثة، فإن النتيجة ستكون ضحايا من ألاف السوريين، موتاً من الجوع والمرض؛ فضلاً عن غياب شعور الأمان، بسبب القصف المستمر والآن الجوع المستمر والمرض، هذا كله سيفاقم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة”.
وحول قدرة استجابة المنظمات الإغاثية، لتقديم معونات لمئات ألاف المتضررين في إدلب، وبدائلها في حال توقف تدفق مساعدات الأمم المتحدة، أكد لـ”السورية.نت”، محمد الجندلي، وهو المدير التنفيذي لهيئة الإغاثة الإنسانية “IYD “، بأن المنظمات الإغاثية”مستمرة بالعمل، وبكل طاقتها، وجميع المؤسسات الشريكة تتجاوب معنا. سنستمر بالعمل مهما كانت الظروف. نحن نضغط على كل المنظمات الشريكة، عربية وغربية، وهناك مؤسسات لن تتوقف عن العمل، ولكن الكتلة الأكبر من المساعدات هي التي تقدمها الأمم المتحدة، وهذا إن توقف، ستنخفض المعونات الإغاثية بكل المجالات، وفعلاً توقفت الكثير من المنشآت الطبية عن العمل”.
وحضر مؤتمر إسطنبول كل من منظمات: “الدفاع المدني السوري، MedGlobal ، IYD، بنفسج، شفق، مسرات، Syria Relief، المنتدى السوري، بِنا، تكافل الشام، شام الإنسانية، الأمين ، مديرية الصحة في إدلب ، مديرية التربية في إدلب، غراس النهضة، إيد بايد”.
355 ألف نازح
ويوم الثلاثاء الماضي، كانت منظمات إغاثية قد عقدت مؤتمراً إنسانياً عاجلاً، تحت شعار “من أجل أطفال إدلب”، لدعم ضحايا الحملة العسكرية الأخيرة على إدلب، ومناشدة المجتمع الدولي للتدخل من أجل وقف الانتهاكات بحق المدنيين.
وقال الدكتور زاهر سحلول، مدير منظمة “MedGlobal”، ومقرها الولايات المتحدة، لـ”السورية نت”، إن الهدف من المشاركة في المؤتمر هو إيصال صوت ضحايا التصعيد العسكري على إدلب، ونقل حقيقة الكارثة الإنسانية إلى المجتمع الدولي والشعوب الغربية والعربية، وتغيير الصورة النمطية السائدة عن أن المستهدفين هم “الإرهابيون” فقط.
وأضاف: “نحن نتحدث عن نزوح 355 ألف شخص خلال 3 أسابيع، معظمهم نساء وأطفال، أصبحوا بلا مأوى ولا غذاء ولا حماية ولا رعاية صحية”، مشيراً إلى أن الأوضاع قد تصبح أسوأ مما هي عليه الآن في ظل العجز الدولي.
ويعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، جلسة خاصة للتصويت علي مشروعي قرارين متنافسين بشان تجديد تفويض آلية إيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سورية، التي تنتهي خلال ساعات.
وقالت مصادر دبلوماسية لعدد محدود من الصحفيين بمقر الأمم المتحدة إن المجلس سيصوت مجدداً على مشروع القرار الثلاثي المشترك بين الكويت وبلجيكا وألمانيا.
والمشروع يقترح تمديد عمل الآلية لمدة 6 اشهر، وليس عاماً كاملاً، وتخفيض عدد نقاط العبور من 4 معابر الى 3 فقط بعد إغلاق معبر الرمثا على الحدود السورية الأردنية.
وفي المقابل من المتوقع أن يصوت أعضاء المجلس كذلك على مشروع القرار المنافس (الذي طرحته روسيا)، الذي يسمح بمرور المساعدات عبر معبرين اثنين فقط، وتمديد تفويض الآلية لمدة ستة اشهر.
موجة نزوح جديدة
واضطر 20 ألف مدني للنزوح من محافظة إدلب، باتجاه الحدود التركية، في اليومين الأخيرين، هرباً من هجمات النظام وروسيا.
وفي حديثٍ لوكالة الأناضول، أشار محمد حلاج، مدير “منسقو الاستجابة”، إنّ اليومين الأخيرين شهدا نزوح 20 ألف مدني من مناطق سكنهم، جراء الهجمات، مضيفاً أنّ إجمالي عدد النازحين من إدلب منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وصل 379 ألفاً و523.
وأعرب حلاج عن قلقه من نزوح 250 ألفاً آخرين من منطقة “جبل الزاوية” جنوبي إدلب، مع تصاعد الهجمات من جديد، مؤكداً حاجة الآلاف من النازحين للمأوى والمساعدات.
ووسعت قوات الأسد من سيطرتها على الريف الجنوبي والجنوبي الشرقي من محافظة إدلب، خلال حملة التصعيد الأخيرة، حيث أعلنت قوات الأسد عن سيطرتها على ما يزيد عن 320 كيلومتراً مربعاً، ودخول أكثر من 40 بلدة وقرية في المنطقة.
وكانت قوات الأسد وروسيا صعّدتا من قصفها على ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، منذ أسابيع، ما أدى إلى مقتل 287مدنياً، بينهم 90 طفلاً وطفلة، بحسب بيان صادر عن “منسقو استجابة سوريا”، الثلاثاء الماضي.