نجا قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي من عملية استهداف تعرض لها بطائرة مسيّرة بدون طيار، يوم أمس الجمعة، في أثناء وجوده بمطار السليمانية في كردستان العراق.
ويعتبر عبدي من أبرز القياديين في شمال وشرق سورية المدعومين من الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تعتبره تركيا مع القوات التي يقودها فرعاً لـ”حزب العمال الكردستاني”، المصنف على قوائم الإرهاب.
وجاءت عملية استهدافه التي نفتها “قسد” وأكدها مسؤولون أمريكيون ومصادر إعلامية أخرى في أعقاب التوتر الذي حصل بين أنقرة والسليمانية، بسبب حادثة تحطم مروحيتين اتضح أنهما تقلان عناصر من “حزب العمال” و”قسد”.
“برفقة أمريكيين”
وحتى الآن لم تعرف الجهة التي استهدفت قائد “قسد” في مطار السليمانية. وفي حين أشارت روايات إلى أن الطائرة المسيّرة التي نفذت الضربة في السليمانية تركية، لم يصدر أي تعليق رسمي من جانب أنقرة، حتى ساعة إعداد هذا التقرير.
وفي أعقاب الكشف عن الضربة في المطار، ونشر صور من مكان الحادث عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصدرت “قسد” بياناً نفت فيه تعرض عبدي للاستهداف، وقال: “الأنباء التي تدعي استهداف مظلوم عبدي في مدينة السليمانية عارية عن الصحة، وأنه على رأس عمله حالياً”.
لكن صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلت ليلة اليوم السبت عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن “غارة بطائرة مسيرة في شمال العراق استهدفت يوم الجمعة مظلوم عبدي، الذي كان حليفاً للولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية”.
وكان ثلاثة عسكريين أمريكيين في قافلة مع عبدي وقت الهجوم، ولم تقع إصابات، وفق الصحيفة.
وقال الكولونيل جو بوتشينو المتحدث باسم “القيادة المركزية الأمريكية”: “أستطيع أن أؤكد أن هناك ضربة على قافلة في السليمانية بإقليم كردستان العراق. لم تقع إصابات. نحن نحقق حالياً في هذا الهجوم”.
ولم يذكر بيان بوتشينو تركيا أو عبدي على وجه التحديد، مضيفاً: “نحن نعارض بقوة أي عمل يهدد سلامة وأمن الأفراد الأمريكيين. القوات لا تزال في العراق وسورية لدعم القوات المحلية الشريكة لتحقيق الهزيمة الدائمة لداعش”.
ويشتبه بعض المسؤولين الغربيين في أن تركيا، التي تعتبر “قسد” إرهابية، كانت وراء الضربة، لكن أنقرة لم تعلق حتى الآن.
وبينما أكد لوك غفوري، رئيس شؤون الإعلام الخارجي في حكومة إقليم كردستان في شمال العراق، حدوث انفجار بالقرب من مطار السليمانية، لم يذكر الجهة التي قد تكون مسؤولة.
وكتب في تغريدة يوم أمس الجمعة: “التحقيقات جارية من قبل الجهات الأمنية لتحديد أسباب الانفجار”.
كيف نجا؟
في غضون ذلك نقل موقع “روسيا اليوم” عن مصادر لم يسمها أن “مظلوم كان في مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراق يستقل مروحية عسكرية، بينما كانت طائرتين تركيتين تراقبانه”.
وأضافت المصادر أن “الطائرتين المسيرتين وجهتا ضربتين بالقرب من الطائرة التي كان فيها مظلوم على حدود مطار السليمانية”.
وبشأن عدم توجيه الضربة مباشرة له، أشارت المصادر إلى أن “وجود شخصيات أجنبية ليست سورية ولا عراقية منعت الطائرتين التركيتين من اغتياله ووجهت ضربات تحذيرية فقط”.
وأعربت رئاسة الجمهورية العراقية، اليوم السبت، عن إدانتها الاعتداء على مطار السليمانية الدولي في إقليم كردستان، فيما طالبت الحكومة التركية بتحمل المسؤولية وتقديم اعتذار رسمي.
وذكرت رئاسة الجمهورية، في بيان تلقته وكالة الأنباء العراقية “واع”: “تتكرر العمليات العسكرية التركية على إقليم كردستان وآخرها قصف مطار السليمانية المدني”.
وتابع: “ونحن إذ ندين هذه الاعتداءات السافرة على العراق وسيادته فإننا نؤكد عدم وجود مبرر قانوني يخول القوات التركية الاستمرار على نهجها في ترويع المدنيين الآمنين بذريعة وجود قوات مناوئة لها على الأراضي العراقية”.
كما دان محافظ السليمانية، هفال أبو بكر “الغارة الجوية” على “مكان قريب من أطراف مطار السليمانية”، ودعا في بيان “جميع الأطراف السياسية إلى إنهاء خلافاتها وعدم جعل كردستان ضحية لنزاعاتها”.
لماذا في السليمانية؟
وهذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها هكذا نوع من الحوادث وجود قائد “قسد” مظلوم عبدي في السليمانية، وهو يستقل طائرة عسكرية، برفقة جنود أمريكيين.
وتأتي عملية استهدافه بعد أيام من إيقاف الخطوط الجوية التركية رحلاتها إلى مطار السليمانية في كردستان العراق، بعد الحديث عن اكتشاف ممر جوي بين سورية والعراق لنقل مقاتلي “حزب العمال الكردستاني”.
وذكرت وسائل إعلام تركية، يوم الثلاثاء، أن توقيف الرحلات جاء رداً على العلاقات المتزايدة بين “الاتحاد الوطني الكردستاني” و”حزب العمال الكردستاني” الذي تصنفه تركيا “إرهابياً”.
وأضافت أن تلك العلاقات تجسدت عبر ممر جوي بين سورية والعراق، يُستخدم لنقل مقاتلين بارزين من “حزب العمال” بأمر من زعيم “الاتحاد الوطني الكردستاني” بافل طالباني. و”الاتحاد الوطني” هو ثاني أكبر حزب في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي، ويملك الحزب قوة سياسية في مدينة السليمانية الواقعة داخل الإقليم.
وسبق أن فرضت تركيا حظراً مماثلا للرحلات الجوية إلى السليمانية بين عامي 2017 و2019، وطالبت السلطات المحلية بقمع الكيانات المرتبطة بـ “حزب العمال الكردستاني”.