ما تزال أجواء الحرب تخيّم بشدة على طول الحدود الروسية الأوكرانية، وبينما تنفي موسكو أنها تعتزم الغزو، تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية ودول غربية ذلك، فيما تشي الأوضاع على الأرض إلى اقتراب “ساعة الصفر”.
وأدى القصف الواسع النطاق في شرق أوكرانيا إلى زيادة المخاوف في كييف والعواصم الغربية من أن هجوماً روسياً قد يكون وشيكاً.
ويقاتل الانفصاليون في دونيتسك ولوهانسك، بدعم من روسيا، القوات الحكومية الأوكرانية منذ 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم ودعمت إنشاء جيب انفصالي في شرق أوكرانيا.
ويتعلق التوتر القائم بين روسيا وأوكرانيا بالحدود البرية والنفوذ الاستراتيجية، حيث تعتبر موسكو أوكرانيا منطقة عازلة مهمة لحلف الأطلسي.
أما أوكرانيا فتعتبر روسيا “دولة معتدية” احتلت بالفعل أجزاء من أراضيها.
وأعدت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً، اليوم السبت، استعرضت فيه 4 خرائط تساعد في شرح الجذور العميقة للصراع بين الدولتين، وأين تقف الأمور في الوقت الحالي؟
كيف ترتبط روسيا وأوكرانيا تاريخياً؟
تعود الروابط التاريخية إلى القرن التاسع، عندما نقلت مجموعة من الأشخاص يُطلق عليهم الروس عاصمتهم إلى كييف، وهو إرث طالما استحضره الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عندما جادل بأن أوكرانيا مرتبطة بروسيا.
وكانت أوكرانيا جزءاً من الاتحاد السوفيتي، حتى أعلنت استقلالها في أغسطس 1991.
وتدخل العلاقة التاريخية بين البلدين بشكل كبير في التوترات الحالية، حيث قال بوتين في يوليو / تموز الماضي: “أنا واثق من أن السيادة الحقيقية لأوكرانيا ممكنة فقط بالشراكة مع روسيا، معاً كنا دائماً وسنكون أكثر قوة لأننا شعب واحد”.
“انضمام أوكرانيا إلى الناتو”
تأسس الناتو عام 1949 للحماية من “العدوان السوفيتي”، وتوسع هذا التحالف منذ ذلك الحين ليشمل 30 دولة، بما في ذلك جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق ليتوانيا وإستونيا ولاتفيا.
وتنص المعاهدة على أنه في حالة غزو دولة واحدة أو مهاجمتها من قبل طرف ثالث، فإن جميع الدول في الناتو ستحشد جماعياً للدفاع عنها.
ويطالب “الكرملين” بضمانات من حلف “شمال الأطلسي” بأن أوكرانيا وجورجيا لن تنضما إلى الحلف، بينما تتمسك واشنطن وحلفاء الناتو بأن بوتين لا يمكنه إنكار هذا الحق لأوكرانيا، لكن لا يوجد شيء قيد العمل لمنح عضوية البلاد في أي وقت قريب.
وقد يؤدي انضمام أي من الدولتين إلى الحلف إلى زيادة تواجد الناتو على طول حدود روسيا.
“القرم ومناطق أخرى”
في عام 2014، ضمت القوات العسكرية الروسية شبه جزيرة القرم على البحر الأسود.
كما سيطر الانفصاليون المدعومون من موسكو على المناطق الصناعية الشرقية في دونيتسك ولوهانسك، والواقعة على الحدود الروسية. وأودى الصراع الدائر في شرق أوكرانيا بحياة 14000 شخص.
ووفقا لتعداد عام 2001، حدد أكثر من 50 % من السكان في شبه جزيرة القرم ودونيتسك اللغة الروسية باعتبارها لغتهم الأم. ويدعي بوتين أنه يدافع عن حقوق المتحدثين بالروسية في تلك المناطق.
“استراتيجية الكرملين الأكبر”
وبحسب “واشنطن بوست” ظلت هذه “الصراعات المجمدة” موجودة منذ ما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991، وتحديداً في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، مثل أذربيجان ومولدوفا وجورجيا.
ويُنظر إليها على نطاق واسع على أنها جزء من استراتيجية الكرملين الأكبر، لمد النفوذ والتهرب من العقوبات.
وعلى سبيل المثال، وجد تحقيق أجرته صحيفة “واشنطن بوست” عام 2018 أنه في شرق أوكرانيا الخاضع لسيطرة الانفصاليين، يقوم المسؤولون بتحويل الأموال إلى منطقة أوسيتيا الجنوبية الانفصالية المدعومة من روسيا في جورجيا، حيث يتم تحويل الأموال بعد ذلك إلى روسيا. ثم تستخدم روسيا الأموال لدفع ثمن البضائع التي يتم شحنها مباشرة إلى شرق أوكرانيا.
في ترانسنيستريا، انشق الانفصاليون الموالون لروسيا عن مولدوفا عام 1991، قائلين إنهم يتشابهون مع أوكرانيا وروسيا أكثر من ارتباطهم بجمهورية مولدوفا المشكلة حديثا والتي كانت أكثر ارتباطا برومانيا.
كما أصبح إقليم ناغورنو كاراباخ، وهو منطقة عرقية أرمنية داخل حدود أذربيجان المعترف بها دولياً، منطقة متنازع عليها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي واستقلال البلدين.
وفي سبتمبر 2020، قُتل آلاف الجنود وشردت قرى بأكملها في صراع دموي استمر ستة أسابيع، وانتهى بوساطة روسية.
هل اقتربت “ساعة الصفر”؟
وبلغ التوتر أشده في شرق أوكرانيا مع تسجيل اشتباكات، أمس الجمعة، وطلب انفصاليين موالين لروسيا إجلاء مدنيين نحو الأراضي الروسية، في حين نددت الولايات المتحدة بـ”سيناريو” يقوم على الاستفزازات لتبرير تدخل عسكري روسي.
وحذر مسؤول كبير في البيت الأبيض، الجمعة، من أن العقوبات التي ستفرضها الولايات المتحدة وشركاؤها على موسكو، إذا ما قرر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، غزو أوكرانيا، ستجعل من روسيا دولة “منبوذة”.
وكررت روسيا، الجمعة، تصريحاتها مجدداً أنها أجرت انسحابات جديدة لقواتها من الحدود مع أوكرانيا، وهي معلومات تشكك بها كييف والدول الغربية.