بعد سنوات من العداء المفتوح والصراعات بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، اتفقت المملكة العربية السعودية وإيران على إعادة العلاقات الدبلوماسية، يوم أمس الجمعة، بعدما رعت الصين عدة جلسات تفاوض بينهما.
ومن المقرر بعد سبع سنوات من قطع العلاقات الرسمية، أن تعيد إيران والسعودية فتح السفارات في البلدين في غضون شهرين، وأكدتا “احترامهما لسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونهما الداخلية”، بحسب بيان مشترك نشرته وكالة أنباء السعودية (واس).
كما اتفق البلدان على إعادة تفعيل اتفاقية تعاون أمني منتهية – وهو تحول يأتي بعد سنوات من استهداف الميليشيات المدعومة من إيران في اليمن للسعودية بهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار – بالإضافة إلى الاتفاقات التجارية والاستثمارية والثقافية القديمة.
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا التحول يؤدي إلى انفراج عميق أو دائم بين الرياض وطهران، لكن كانت هناك دلائل على أن كلا البلدين يريدان إيجاد طريقة للتراجع عن المواجهة.
في غضون ذلك، للاتفاق بين إيران والسعودية آثار واسعة النطاق في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، ويقلل من فرصة نشوب صراع مسلح بين الخصمين الإقليميين.
واستعرضت وسائل إعلام غربية نظرة على بعض البلدان التي قد تتأثر بعدما تجددت العلاقات بين البلدين، في وقت مفاجئ وغير متوقع.
وهذه البلدان هي:
1 – اليمن:
كل من المملكة العربية السعودية وإيران متورطتان بعمق في الحرب الأهلية اليمنية المستمرة منذ سنوات، بحسب وكالة “أسوشيتد برس“.
ودخلت المملكة العربية السعودية الصراع في عام 2015، حيث دعمت حكومة المنفى في البلاد، بينما دعمت إيران المتمردين الحوثيين الذين استولوا في عام 2014 على العاصمة صنعاء.
ويبحث الدبلوماسيون عن طريقة لإنهاء الصراع الذي تسبب في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم وتحول إلى حرب بالوكالة بين الرياض وطهران، وقد يوفر الاتفاق السعودي الإيراني دفعة للجهود المبذولة لإنهاء الصراع.
2 – لبنان:
لطالما دعمت إيران “حزب الله” الشيعي اللبناني، بينما دعمت السعودية السياسيين السنة في البلاد.
وقد يؤدي تخفيف التوترات بين الرياض وطهران إلى دفع الطرفين نحو مصالحة سياسية في لبنان، الذي يواجه انهياراً مالياً غير مسبوق.
3 – سورية:
دعمت إيران رأس النظام السوري، بشار الأسد في حربه الطويلة، بينما دعمت السعودية مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة به.
لكن في الأشهر الأخيرة، خاصة بعد الزلزال الذي دمر كل من سورية وتركيا، اقتربت الدول العربية من الأسد.
وقد يجعل الاتفاق الدبلوماسي “من المقبول بالنسبة للرياض التفاعل مع الأسد – ويزيد من تقوية قبضة المستبد”، وفق “أسوشيتد برس” الأمريكية.
4- إسرائيل:
أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو تطبيع العلاقات مع السعودية، لكن الاتفاق مع إيران، خصمه منذ فترة طويلة، سيعقد ذلك.
كما يمكن أن يجعل إسرائيل تشعر بمزيد من العزلة إذا قررت توجيه ضربة عسكرية ضد برنامج إيران النووي مع اقترابها من مستويات الأسلحة.
وبالفعل، سعت الإمارات العربية المتحدة، التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل وتشكك منذ فترة طويلة في طهران، بالفعل في تخفيف التوترات مع إيران.
5 – أمريكا:
تصر إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن على أنها كانت دائماً تؤيد أي ترتيب يمكن أن يساعد في تقليل التوترات في الشرق الأوسط، بما في ذلك استعادة العلاقات الإيرانية السعودية.
لكن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنهم يشككون في أن إيران ستفي بالتزاماتها، لكنهم يقولون إنهم سيراقبون عن كثب.
وقد يكون دور الصين في التوسط في التقارب مصدر قلق من حيث صلته بالمعركة بين واشنطن وبكين على النفوذ في المنطقة وخارجها، لكن المسؤولين قالوا إنه من غير الواضح ما إذا كانت الجهود الصينية ستنجح.
ماذا عن إيران والسعودية؟
واجهت إيران عقوبات دولية شديدة، وسط انهيار اتفاقها النووي لعام 2015 مع القوى العالمية.
ويمكن أن يوفر الاتفاق السعودي الإيراني لطهران سبلًا جديدة للالتفاف على العقوبات.
وبالفعل، قامت إيران بتعميق علاقاتها مع روسيا وسلحت موسكو بطائرات مسيرة تحمل قنابل في حربها على أوكرانيا.
في المقابل يريد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان إنفاق عشرات المليارات من الدولارات على مشاريع عملاقة، لإبعاد المملكة عن النفط الخام وسط التهديدات التي يفرضها تغير المناخ.
والقلق بشأن الهجمات العابرة للحدود فقط يضع هذه المشاريع في مزيد من الشك.