منذ أكثر من 60 يوماً تتجه الأنظار نحو التطورات الأخيرة في درعا البلد ومآلات الوضع الأمني فيها، وسط ترقب الإعلان عن اتفاق قد ينهي هذا الحصار، الذي فرضته قوات النظام على المنطقة، مطالبةً الأهالي بشروط “ذات سقف عالٍ” لإنهاء معاناة المدنيين.
وفيما تغيب بوادر الحل، تزداد المخاوف لدى الأهالي من استمرار الحصار لفترة أطول، ونفاذ المؤن الغذائية والمستلزمات الطبية، في ظل حركة شبه مشلولة بأسواق الأحياء المحاصرة، وهي درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا.
المؤن المنزلية إلى نفاذ
تروي الشابة عبير (اسم مستعار) معاناة الأهالي اليومية في تأمين المستلزمات الأساسية من غذاء وماء وأدوية، مشيرة إلى أنهم يعتمدون بشكل رئيسي على المؤن الموجودة في المنازل، والتي قاربت على النفاذ.
وأوضحت عبير في حديثها لـ”السورية نت” أنه قبل أسبوعين كان بعض الأشخاص يتمكنون من الخروج والدخول للأحياء المحاصرة، ولكن بصعوبة، حيث يؤمنون المستلزمات الأساسية للأهالي.
إلا أنه “منذ نحو أسبوعين لم يتمكن أحد من الدخول والخروج، وبالتالي باتت هناك صعوبة في تأمين الغذاء والدواء، وازداد الاعتماد على المواد المخزنة سابقاً داخل المنازل”.
وتضيف: “العائلات تعتمد على بعضها البعض، فالعائلة التي لديها كميات كبيرة من المؤن أصبحت توزعها على باقي العائلات المحتاجة لسد النقص”، مشيرة لوجود نقص في المواد الغذائية الأساسية كالطحين والخبز.
أما عن وضع الماء، تقول عبير إن النظام قطع الماء عن الأحياء منذ بداية الحصار، مشيرة إلى أن الأهالي أصبحوا يعتمدون على الآبار الخاصة الموجودة داخل بعض المنازل.
وأضافت: “الأهالي الذين يملكون آباراً خاصة فتحوها للجميع دون مقابل، ومع ذلك هناك عائلات لا تتمكن من الحصول على المياه إلا بصعوبة”.
الوضع الصحي على المحك
من جانبه، يروي الصحفي أحمد المسالمة، المطلع على مجريات الأوضاع في الأحياء المحاصرة، إنه منذ قرابة خمسة أيام بدأت الحاجات الأساسية للأهالي تنفذ، خاصة الطحين والخبز وحليب الأطفال والأدوية.
وأوضح المسالمة في حديثه لـ”السورية نت” أن الأحياء المحاصرة تشهد انقطاعاً تاماً للكهرباء منذ بداية الحصار، مشيراً إلى أن بعض الأهالي يعتمدون على ألواح الطاقة الشمسية، فيما يعتمد آخرون على البطاريات الجافة لتشغيل الإضاء فقط.
ومع ذلك، يعمد السكان إلى فصل الإضاءة في ساعات الليل وفي ساعات القصف، خوفاً من الاستهدافات المباشرة والقصف الذي تتعرض له تلك الأحياء، من قبل قوات الأسد.
وبحسب المسالمة “هناك مخاوف على الوضع الصحي داخل أحياء درعا المحاصرة، خاصة أن الصيدليات أغلقت أبوابها منذ عشرة أيام بسبب نفاذ الأدوية والمستلزمات الطبية، وسط تدهور وضع كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة”.
وأضاف: “المحلات في الأسواق مغلقة تماماً، بما فيها الصيدليات، حيث كان يتم الشراء منها خلال الشهر الأول من الحصار، لكن محتوياتها نفذت منذ عشرة أيام”.
وكذلك توقف عمل النقطة الطبية الوحيدة الموجودة في درعا البلد، بعد استهدافها بشكل مباشر من قبل قناصة “الفرقة الرابعة” المتمركزين في حي المنشية.
ماذا لو استمر الحصار؟
يصف الصحفي أحمد المسالمة مخاوف الأهالي من استمرار الحصار بأنها “كبيرة جداً”، مشيراً إلى أن تلك المخاوف تتلخص في العجز التام عن تأمين الغذاء في حال استمر الحصار لوقت أطول.
فيما يبقى وضع كبار السن والأطفال “أكثر خطورة”، بحسب المسالمة، خاصة مع انتشار حالات الجفاف لدى الأطفال والرضع نتيجة عدم توفر الحليب اللازم لهم، وعدم توفر العلاج.
وكذلك يتخوف الأهالي من تخلف أطفالهم عن مقاعد الدراسة، مع قرب بدء العام الدراسي، إذ تلوح في الأفق معضلة تأخر العام الدراسي عن الأحياء المحاصرة في درعا.
ومع ذلك يرى المسالمة أن الأهالي لم ينزحوا من الأحياء المحاصرة خوفاً من الجوع والحصار “بل بسبب غطرسة النظام وآلة الشر التي استجلبتها قوات الأسد إلى درعا، خاصة الميليشيات الإيرانية”.
وتعيش أحياء درعا البلد حصاراً منذ أسابيع، كما تستهدف قوات الأسد الأحياء بقذائف الهاون وقذائف المدفعية الثقيلة، وسط حركات نزوح للأهالي للمناطق الأكثر هدوءاً.
ويطالب نظام الأسد بتنفيذ خطوات جديدة، لإنهاء حصار منطقة درعا البلد، والتوصل لاتفاق مع لجنة التفاوض الممثلة عن الأهالي هناك.
إذ قدّم النظام لائحة بأسماء 100 شخص من المطلوبين في درعا، وطالب إما بتسليمهم أو ترحيلهم إلى الشمال السوري، ومن بين الشروط، خروج محمد المسالمة ومؤيد الحرفوش إلى الشمال السوري، إلا أنهما رفضا ذلك، ما ينذر بفشل التوصل لاتفاق في الوقت الحالي.
وبحسب إعلام النظام: “في حال لم يتم الالتزام بهذا البند تكون المجموعات الإرهابية في درعا البلد قد عطلت الاتفاق”.
يُشار إلى أنه تم خروج دفعتين من مهجري درعا إلى الشمال السوري، الأولى ضمت 8 أشخاص، والثانية قرابة 50 شخصاً من المطلوبين لنظام الأسد وبعض عوائهم.