التوتر يتصاعد بين روسيا والأوروبيين.. قطع العلاقات مقابل العقوبات
يتصاعد التوتر بين روسيا والاتحاد الأوروبي إلى حده الأقصى، بعد تهديد الأولى باتجاهها إلى قطع العلاقات كاملة، إذ ما فرض عليها عقوبات اقتصادية “مؤلمة”.
ويرتبط التوتر بقضية سجن المعارض الروسي أليكسي نافالني، هو أمرٌ أثار الحديث في الأيام الماضية عن احتمال فرض عقوبات جديدة على موسكو.
ومما زاد على ما سبق غضب الدول الأوربية الذي أثارته موسكو في الأسبوع الماضي، من خلال طرد دبلوماسيين من ألمانيا وبولندا والسويد بدون إخطار مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الذي كان يزور العاصمة الروسية آنذاك.
وفي تصريحات لوكالة “رويترز”، اليوم الجمعة، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف إن موسكو مستعدة لقطع العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
ورداً على سؤال بشأن اتجاه موسكو نحو قطع العلاقات مع التكتل، أضاف لافروف: “نتحرك من منطلق استعدادنا (لفعل هذا). في حال شهدنا مجدداً فرض عقوبات في بعض القطاعات تسبب مخاطر لاقتصادنا، بما في ذلك المجالات الأكثر حساسية”.
وتأتي تصريحات لافروف بعد عودة وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل من موسكو، وهنا أعرب عن قلقه الكبير نتيجة رفض السلطات الروسية البدء بحوار “بناء أكثر” مع الاتحاد.
ودعا بوريل القادة الأوروبيين إلى “أخذ العبر من ذلك”، الأمر الذي يؤدي إلى فرض عقوبات.
وكتب وزير خارجية الاتحاد عبر صفحته الرسمية على موقع “تويتر” فور عودته من العاصمة الروسية، أن “السلطات الروسية لم تشأ انتهاز الفرصة لإقامة حوار بناء أكثر مع الاتحاد الأوروبي”.
وأضاف: “هذا أمر مؤسف، وعلينا أن نأخذ العبر منه. يعود إلى الدول الأعضاء أن تقرر المراحل المقبلة، ونعم، قد تشمل هذه المراحل عقوبات”.
اجتماع مرتقب
ومن المقرر أن يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 22 شباط/فبراير الحالي لعرض نتائج مهمة بوريل التي استمرت من الرابع إلى السابع من شباط/فبراير واتخاذ قرار في شأن الخطوات المقبلة، في ضوء رفض الكرملين مطالبة القادة الأوروبيين بالإفراج عن المعارض أليكسي نافالني.
بالإضافة إلى طرد موسكو لثلاثة دبلوماسيين أوروبيين، تزامناً مع اللقاء الذي جمع بين بوريل ولافروف.
وتعتبر تصريحات وزير الخارجية الروسي هي التصريحات الأكثر تصعيداً من قبل المسؤولين الروس طوال فترة التوتر مع الاتحاد الأوروبي، والتي امتدت لسنوات، وشهدت شد وجذب ابتداء من قضية القرم إلى بيلاروسيا وصولاً لقضية نافالني.
وكان ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين قالوا لوكالة “رويترز”، أمس، إنه من المرجح أن يفرض الاتحاد الأوروبي حظراً على السفر، وتجميداً لأصول حلفاء للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
ومن المحتمل تنفيذ ذلك هذا الشهر، بعدما لمحت فرنسا وألمانيا إلى رغبتهما في المضي قدماً في الأمر.
هل يتعثر الأوروبيون والروس بمطب نافالني؟
في ورقة بحثية نشرها مركز “جنيف للدراسات“، اليوم الجمعة قال إن قضية أليكس نافالني من القضايا المعقدة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ويمكن أن يكون لها تبعات خطيرة على العلاقات الأوروبية الروسية.
وأضاف المركز أنه لا يجب أن تقع المفوضية الأوروبية في فخ زيادة التوتر مع روسيا أكثر مما يتطلب الموقف، أي أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يحافظ على مبادئه في هذا الشأن، ولكن من دون الدفع نحو ضرر كبير في العلاقات مع روسيا التي يشترك معها في كثير من الملفات المهمة.
ويعتبر التوجه المذكور هو الذي تقوده باريس، في محاولة الحوار مع موسكو، وإزالة العراقيل في تطوير العلاقات بين الجانبين.
الاقتصاد الروسي مهدد
وتطرق المركز في ورقته البحثية إلى الآثار السلبية التي قد تطرأ على الاقتصاد الروسي، في حال استمر التصعيد مع الاتحاد الأوروبي.
وأوضح أنه لا يمكن التغاضي عن تأثر الاقتصاد الروسي بأي عقوبات اقتصادية مؤلمة قد يفرضها الأوروبيون، “وهو الشرط الذي وضعه لافروف لقطع العلاقات الدبلوماسية “.
وفي ذات الوقت أشار المركز إلى أن “اندفاع موسكو في زيادة التصعيد مع أوروبا قد يقود إلى ضرر كبير للاقتصاد الروسي”.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا والاتحاد الأوروبي العام الماضي 218.8 مليار دولار بحسب هيئة الجمارك الروسية، بحيث بلغت الصادرات من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي 136.67 مليار دولار، فيما بلغت الواردات من الاتحاد الأوروبي إلى روسيا 82.13 مليار دولار”.
ما سبق هي أرقام كبيرة ومهمة للاقتصاد الروسي، ولا يمكن المغامرة بأن تتأثر هذا العلاقات الاقتصادية بأي شكل من الأشكال، حسب مركز “جنيف للدراسات”.