أطلق 3 وزراء في حكومة الأسد في الساعات الماضية سلسلة وعود و”تبريرات” بعدما خلّف قرار رفع الدعم عن المحروقات حالة من الشلل الكامل في قطاع النقل، وأشعل شرارة احتجاجات شعبية في مدينة السويداء.
وكانت وزارة الداخلية وحماية المستهلك قد اتخذت قراراً قبل أيام برفع أسعار مادتي المازوت والبنزين، وفي أعقاب ذلك أصدر بشار الأسد مرسوماً زاد بموجبه الرواتب للضعف.
وأثار التزامن الحاصل بين هذين القرارين جدلاً وصدمة بين أوساط السوريين، إذ اعتبروا أن “زيادة الأسد تبخرت قبل أن تصل إلى جيوب العاملين”، وأن رفع الدعم عن المحروقات “سيزيد من مرارة العيش على نحو أكبر خلال الأيام المقبلة”.
وبموجب قرار “حماية المستهلك” تم توحيد سعر بنزين أوكتان 90 المدعوم والحر ليبلغ 8 آلاف ليرة لليتر الواحد، في حين تم رفع سعر البنزين أوكتان 95 من 10 آلاف ليرة إلى 13500 ليرة.
وشملت الزيادة رفع سعر المازوت المدعوم للمستهلك ليصبح 2000 ليرة للتر الواحد، وكذلك أصبح سعر مبيع مادة المازوت الصناعي المقدم لكل من “الزراعة خارج المخصصات المدعومة والصناعات الزراعية والمشافي الخاصة ومعامل الأدوية” 8000 ليرة سورية للتر الواحد.
في غضون ذلك نص المرسوم التشريعي رقم “11” الصادر عن الأسد، يوم الثلاثاء، على إضافة نسبة 100% على رواتب العاملين في مؤسسات الدولة، المدنية والعسكرية. كما زاد الحد الأدنى للأجور لعمال القطاع الخاص، ليصبح 185 ألفاً و940 ليرة سورية.
وسرعان ما انعكس قرار رفع الدعم والرواتب على أسواق المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وكذلك الأمر بالنسبة لقطاع النقل، إذ تحدثت وسائل إعلام محلية عن “حالة من الشلل الكامل والإرباك الشديد، في ظل عجز المواطنين عن تأمين وسيلة للركوب”.
وفي أعقاب القرارين تدهورت قيمة الليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث كسرت حاجز الـ16 ألف مقابل الدولار الأمريكي الواحد، وسط توقعات بوصولها خلال الأيام المقبلة إلى 20 ألف.
وتوقع محللون اقتصاديون أن تشهد معدلات التضخم في سورية ارتفاعاً كبيراً، لاعتبار يتعلق برفع الرواتب بنسبة 100 %، وما وازاه من رفع الدعم الجزئي عن مادتي البنزين والمحروقات.
سامر الخليل: حرب إعلامية
وفي أول تعليق من جانب حكومة النظام السوري اعتبر وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، محمد سامر خليل أن “الكثير من العقوبات والإجراءات التي خنقت الاقتصاد السوري كانت تستهدف القطاع المالي، وتحديداً قيمة الليرة وسعر الصرف”.
وقال إن “هناك حرب إعلامية كبيرة وشائعات كثيرة الغاية منها بث الهلع والذعر لدى الناس بأن هناك سيناريوهات عسكرية واقتصادية ضد سورية”.
وما سبق “يحرض المضاربين فيقومون بفورة مضاربة تؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف”.
واستبعد خليل أن يسفر قرار رفع الدعم وزيادة الرواتب عن موجة تضخمية جديدة، وأضاف: “القرارات التي صدرت لن تؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف كما يشاع، بل على العكس تماماً لأنها تسحب الليرة السورية وتخفف التضخم”.
ومع ذلك أشار إلى أن “حبس السيولة بشكل أكبر قد ينعكس على العملية الإنتاجية وانسيابية المواد في الأسواق، لذلك هناك سعي لتحقيق التوازن المطلوب”.
قدور: الحرب ظالمة
من جهته اعتبر وزير النفط والثروة المعدنية، فراس قدور أن “الحرب الظالمة على سورية أثّرت على الاقتصاد السوري بشكل عام وعلى قطاع النفط بشكل خاص”.
وقال: “سورية كانت قبل الحرب تنتج 386 ألف برميل نفط يومياً، يتم تكرير وتوزيع 240 ألف برميل منها داخل سورية، ويتم تصدير 140 ألف برميل”.
لكن “بعد هذه الحرب أصبحنا نستورد 95 بالمئة من حاجة البلاد للنفط الخام، أي نحو 5 ملايين برميل نفط بالشهر وبالقطع الأجنبي”.
وتابع قدور أن “إنتاج سورية من الغاز كان 28 مليون متر مكعب تغطي حاجة البلاد، أما الآن فأصبحت معظم الحقول الغازية خارج سيطرة الدولة، وننتج فقط نحو 10 ملايين متر مكعب وحاجة سورية تتراوح من 22 إلى 24 مليون متر مكعب”.
ولم يتطرق الوزير إلى أية حلول بشأن أزمة المحروقات التي تشهدها المحافظات السورية، والمخاوف المتعلقة بأن يؤدي رفع الدعم إلى إرهاق المواطنين على نحو أكبر.
عبد الكريم: الوضع لا يعالج بالسوشال
وكان قرار رفع الدعم عن المحروقات قد جاء بعد أيام من “جلسة استثنائية” عقدها “مجلس الشعب السوري” لمناقشة التدهور الاقتصادي الحاصل، وألمح خلالها رئيس حكومة الأسد، حسين عرنوس إلى “رفع الدعم بشكل كامل قريباً عن العديد من المواد وأولها المشتقات النفطية”.
وكشف حينها عرنوس أن “الحكومة لا تمتلك هوامش تحرك مناسبة حيال حالة عدم الاستقرار الاقتصادية”، وألمح إلى نية الاتجاه لرفع الدعم عن مواد أساسية يحتاجها المواطنون في المرحلة المقبلة، كجزء من الدراسة التي بدأوها قبل أشهر.
بدوره قال وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، محسن عبد الكريم بحسب ما نقلت صحيفة “البعث” إن “الوضع الصعب الذي تمر به سورية نتيجة الظروف القاهرة لا يعالج بالسوشيال ميديا ولا بوسائل التواصل، ولا سيما مع وجود بعض الموتورين من الخارج الذين يستخدمون ذريعة الحاجة والضائقة للتحريض”.
وأضاف أنه “لا مساس بسعر الخبز أبداً، وأن حجم دعم مادة الخبز هو أكثر من 6000 مليار ليرة سورية”.