“الوضع أسوأ بكثير”..مجلة عالمية تتحدث عن معاناة القطاع الطبي في الشمال السوري
تحدثت مجلة “ذا لانسيت” العالمية، لأول مرة عن معاناة القطاع الطبي في منطقة شمال غربي سورية، بعد زلزال 6 فبراير/شباط من العام الجاري، إلى جانب تأثره بهجمات النظام وروسيا.
وتقول المجلة في المقال المعنون بـ”ما بعد الزلزال: سورية بعد ستة أشهر”: “يأتي الزلزال بعد اثني عشر عاماً من نزاع مسلّح وحشي مستمر، حاول خلال هذه الفترة العاملون في المجال الصحي للحفاظ على نظام رعاية صحية فعّال لـ 4.5 مليون نسمة في شمال غربي سورية، وهي منطقة تعتمد على المساعدات الخارجية ولا تزال تتعرض للقصف من النظام السوري وروسيا”.
إدلب.. القطاع الطبي “المنهك” يواجه تبِعات مضاعَفة بعد الزلزال
“الوضع أسوأ بكثير”
ونقلت المجلة عن الطبيب منذر الخليل، وهو جرّاح عظام ومدير سابق ومن مؤسسي “مديرية صحة إدلب” قوله: “بسبب استهداف النظام للعاملين في مجال الرعاية الصحية، خلال ذروة الصراع، كانت المستشفيات المكان الأخطر في سورية”.
وتحدّث الخليل للمجلة عن تفشي الأوبئة في المنطقة وندرة في الكهرباء والمياه النظيفة، ونقص في الاختصاصيين في مجال الرعاية الصحية إلى جانب هجرة الأطباء ومصرع بعضهم بالزلزال والقصف، واعتقال العديد منهم وتعذيبهم على يد النظام السوري.
وقال إنّ “90 في المئة من الناس يعيشون تحت خط الفقر، كما لا يزال لدينا قصف مستمر للمنشآت الصحية من قبل النظام وروسيا. الحملة العسكرية عام 2019 قصفت سبعين منشأة صحية، هكذا كان الوضع قبل الزلزال، الآن أصبح الوضع أسوأ بكثير”.
وذكر المقال حدوث أكثر من 750 هجوماً من قبل النظام على المستشفيات، بحسب “الجمعية الطبية الأمريكية ـ السورية (سامز)”، بالإضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 948 من العاملين في مجال الرعاية الصحية قد قتلوا خلال الحرب، 92 في المئة من حالات اقترفتها قوات “الحكومة السورية” وحلفاؤها الروس”.
“أدوية منتهية الصلاحية”
يتحدث الطبيب زهير القرّاط، وهو مدير صحة إدلب الحالي، عن فترة ما قبل الزلزال، يقول: “كنّا نستقبل ما بين 5 إلى 70 مصاباً في اليوم الواحد بسبب القصف، تحوّل الرقم إلى آلاف المصابين كل يوم. تم استهلاك الكثير من مواردنا في فترة الاثني عشر ساعة الأولى دون إمكانية تعويضها بعد ذلك، لدينا القليل جداً من المصادر المخصصة للرواتب والأدوية، وغالباً ما يضطر المرضى لشراء أدويتهم من السوق السوداء والتي قد تكون مزيفة أو منتهية الصلاحية”.
ويردف: “كما لدينا القليل جداً من أدوية التخدير للعمليات الجراحية وغالباً ما نضطر للاعتماد على أدوية تخدير منتهية الصلاحية. نحتاج اختصاصيين في جميع المجالات. ولدينا حاجة ماسّة للمعدّات مثل أجهزة غسيل الكلى”.
وأكد القرّاط على ضرورة وجود مركز لعلاج مرضى السرطان بالأجهزة الشعاعية المطلوبة، إذ بلغت أعداد مرضى السرطان في منطقة شمال غربي سورية حوالي 3000 مريض.
ونقلت المجلة، عن باحث رئيسي في “سامز” تضرر أكثر من 65 منشأة صحية من أصل 380 منشأة في شمالي غرب سورية، خلال فترة الزلزال، 50 في المئة من هذه المنشآت متضررة أصلاً بسبب القصف وهو الأمر الذي ضاعف تأثير الزلزال على المنطقة.
ويضيف الباحث: “يموت الناس أمام أعيينا، هناك إمكانيات علاجية محدودة للغاية لعلاجات العمود الفقري، وحدات عناية مركزة قليلة جداً للأطفال وحديثي الولادة وإمكانيات محدودة للجراحات العينية. يكاد يكون من المستحيل معالجة أي من الحالات المتقدمة، نحن لدينا 30 في المئة من التمويل الكلّي المطلوب لتغطية الاحتياجات، وكل ذلك كان قبل الزلزال، الآن الوضع أسوأ”.
“نستطيع فقط إصلاح الأضرار”
وحول إعادة إعمار ما دمّره الزلزال، يقول رائد الصالح مدير “الخوذ البيضاء”: “حالياً لدينا تمويل محدود جداً لإعادة الإعمار. نستطيع فقط إصلاح الأضرار”.
ويضيف: “لا زلنا نقيّم المستشفيات والمراكز الطبية لنرى إذا ما كانت آمنة للاستخدام” ويعتبر أنّ “المعابر الإنسانية يجب ألا تسيّس، يجب أن تكون أولوية المجتمع الدولي والأمم المتحدة هي الحفاظ على حياة ملايين السوريين.. يجب أن يكون التركيز فقط على احتياجات الناس، وضمان الوصول الإنساني الموثوق والمستدام دون الخضوع لهذا النوع من الابتزاز السياسي”.