حذّرت منظمة “العفو الدولية” من عمليات هدم “غير قانونية” تنفذها مؤسسات النظام السوري في الأحياء التي ضربها زلزال فبراير بمدينة حلب، وعبّرت عن مخاوفها من كارثة تهدد معيشة الآلاف من المدنيين.
وقالت المنظمة الحقوقية في تقرير لها، اليوم الاثنين، إنه يتعين على “السلطات السورية” ضمان الحق في السكن لقاطني المباني السكنية المتضررة من الزلزال في حلب.
وسلط التقرير الضوء على مخاوف بشأن عمليات الهدم غير القانونية للمباني التي اعتبرت غير آمنة نتيجة للزلزال.
كما أشار إلى وجود عقبات بيروقراطية أمام أولئك الذين يسعون إلى إصلاح منازلهم المتضررة.
ومرت عدة أشهر منذ أن خسر آلاف الأشخاص في حلب منازلهم أو تضرّرت المباني التي يعيشون فيها خلال الزلازل.
وأوضحت ديانا سمعان، الباحثة في الشؤون السورية في العفو “الدولية” أن “طريقة التعامل مع تدابير سلامة المباني تقلقنا، لأنها قد تفاقم المصاعب التي يواجهها آلاف الناجين من الزلزال”.
وقالت إنه ينبغي على النظام السوري أن يركز جهوده على احترام حق الناس بالسكن اللائق.
وأضافت أن “هدم المباني السكنية من دون تقديم شرح وافٍ أو توفير إجراءات تقاضٍ سليمة هو انتهاك للقانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
وبين أبريل ويوليو 2023، أجرت “العفو الدولية” مقابلات مع ثلاثة من العاملين في المجال الإنساني زاروا حلب بعد الزلازل، فضلًا عن ستة من السكان الذين يعيشون في مدينة حلب، وراجعت تقارير إعلامية وتقارير للأمم المتحدة.
كما تحقق مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية من مقاطع فيديو لعمليات الهدم في حلب.
وحتى قبل الزلازل، عانت حلب من أضرار واسعة النطاق بسبب حملة القصف غير القانونية التي شنتها قوات النظام وروسيا خلال الفترة بين 2012 و2016.
وفي 2016، سيطرت قوات الأسد على شرق حلب، وهي منطقة كانت تسيطر عليها المعارضة سابقاً في المدينة، بعد إخضاع عشرات الآلاف من المدنيين للحصار والقصف، مما أدى إلى تهجيرهم قسراً إلى مناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة في شمال سورية.
“الهدم غير قانوني”
وفي 20 فبراير 2023 صرَّح محافظ حلب أنَّ 13000 عائلة قد تضررت من جرّاء الزلازل.
وأضاف أنه تمت معاينة 11,551 مبنى، وقد هُدم بعدها 220، متذرعاً بأسباب تتعلق بالسلامة العامة، وثمة 303 مبنى آخر قيد الهدم.
وفي مقابلة مع وسيلة إعلامية أخرى، أوضح مهندس أن الحكومة ستهدم المبنى فوراً بعد تصنيفه من قبل لجنة هندسية شكلتها السلطات لتقييم السلامة الهيكلية لمبانٍ أخرى بالدرجة “الحمراء”، مما يعني أنه يشكل خطراً على السلامة العامة، وبناءً عليه، يُطلب من السكان إخلاءه.
ومع ذلك، تلقت “العفو الدولية” معلومات من السكان والعاملين في المجال الإنساني تفيد أن هذه التقييمات قد لا تنفذ بدقة.
وأكدت المعلومات أن عمليات الهدم تنفذ في ظل غياب الإجراءات القانونية الواجبة والضمانات المطلوبة ضد عمليات الإخلاء القسري، وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأبلغ عاملون في المجال الإنساني، فضلًا عن ثلاثة من السكان المنظمة الحقوقية أن العديد من هذه اللجان لم تجرِ سوى تقييمات بصرية تفتقر إلى التفاصيل الدقيقة المطلوبة لتحديد سلامة المبنى- وقد تؤدي إلى عمليات هدم غير مبررة.
وأضافوا أيضاً أن السكان غير قادرين على الطعن في قرارات اللجان، وغالباً ما لا يمنحون الوقت الكافي لنقل حاجياتهم.
“لا تعويض”
في غضون ذلك أبلغ السكان منظمة “العفو الدولية” أنه في الكثير من الحالات، لا يحصل الأشخاص الذين هدمت منازلهم بسبب اعتبارها غير آمنة للسكن على سكن بديل أو تعويض.
وما سبق مصدر قلق خاص لأن الأمم المتحدة ذكرت في أبريل أن النظام السوري أغلق غالبية الملاجئ المؤقتة، التي كانت تستخدم لتوفير أماكن إقامة طارئة للأشخاص الذين خسروا منازلهم في الزلازل.
وتوضح المعايير الدولية لحقوق الإنسان بشأن الحق في سكن لائق أنه حتى عندما يكون الإخلاء مبرراً، ينبغي أن يتم في ظل امتثال صارم للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ولذلك يجب على السلطات إشراك سكان المباني غير الآمنة في مشاورات حقيقية حول خيارات الهدم وإعادة التوطين، وتزويدهم بمعلومات كافية عن المخططات وإشعار كتابي ووقت كافٍ للإخلاء، وسكن بديل مناسب، وتعويض عن الخسائر.
ويجب عليها ضمان ألا يتم تشريد أي شخص أو جعله أكثر عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى نتيجة لعملية الإخلاء، وفق المنظمة الدولية.
“عقبات أمام التصليح”
وإلى جانب ما سبق كانت مؤسسات النظام السوري قد تقاعست في الفترة الماضية بشأن مساعي السكان في حلب من أجل إصلاح منازلهم المتضررة.
وقال سكان لـ”العفو الدولية” إن سلطان النظام طلبت منهم تصاريح، كان من الصعب الحصول عليها، لإعادة تأهيل المباني السكنية.
ومن الصعب بشكل خاص الحصول على هذه التصاريح لإصلاح المباني المشيدة بطريقة غير نظامية، والتي تشكل غالبية المباني التي تضررت من الزلازل.
ووفقاً لتقرير نشرته مجموعة الأزمات الدولية في 2022، فإنه “فقط أولئك الذين لديهم حظوة لدى السلطة- قوات الأمن وعناصر الميليشيات- يمكنهم الحصول على إذن غير رسمي لإجراء إصلاحات”.
وقال أحد سكان حي الشيخ مقصود، إن “الحكومة منعت أو قيدت دخول المساعدات إلى المنطقة”.
بالإضافة إلى ذلك، فرضت نقاط التفتيش الأمنية عند مدخل الحي رسوماً وضرائب عالية على أولئك الذين يجلبون مواد البناء لمساعدة الناس على إعادة بناء منازلهم.