استحوذت التطورات الأخيرة التي تشهدها مناطق شرق الفرات في سورية، على اهتمام الجانب التركي، القريب جغرافياً وسياسياً وعسكرياً من تلك المنطقة، التي تشهد اشتباكات بين مقاتلي العشائر العربية من جهة، وبين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من جهة أخرى.
ونشرت الصحافة التركية، اليوم الاثنين، تقارير سلطت خلالها الضوء على مجريات الأمور في المنطقة والسيناريوهات المتوقعة لهذا الاقتتال، إلى جانب الموقف الأمريكي من تلك التطورات ومدى دعم واشنطن لمقاتلي “قسد” ضد العشائر العربية.
ما المتوقع من هذه “الانتفاضة”؟
في تقرير لها، اليوم، وصفت صحيفة “ديلي صباح” التركية الاشتباكات بين العشائر و”قسد” بـ”الانتفاضة”، مشيرة إلى أن مطالب العشائر “محقة”.
وقالت الصحيفة إنه كان من الممكن حل هذا الاقتتال لو أن القوى الأجنبية عملت على بناء نظام دولة يمكن للناس أن يعيشوا فيه بسلام، بدلاً من دعم “المنظمات الإرهابية” و”الطغاة”، وفق وصفها.
وأضافت: “يمكن للقوى الأجنبية التي تتدخل في سورية أن تجتمع وتحاول ضمان السلام في البلد المجزأ.. وبما أنهم هم الذين قسموا البلاد إلى أجزاء، فيمكنهم إعادة دمجها، لكنهم لن يفعلوا ذلك إلا بصعوبة”.
واعتبرت أن السلام ليس في أيدي السكان المحليين في سورية بل في أيدي الأجانب.
وبالتالي “من المرجح أن تظل ثورة القبائل العربية مجرد حادثة عادية أخرى من بين حوادث أخرى لا حصر لها شهدناها في الماضي”.
وكانت تركيا تبنّت على لسان رئيسها، رجب طيب أردوغان، موقفاً مؤيداً للعشائر العربية في قتالها ضد “قسد” المدعومة أمريكياً، والتي تعتبرها تركيا “إرهابية”.
واعتبر أردوغان أن العشائر العربية “هي المالك الحقيقي لتلك المنطقة”.
مضيفاً أن “وحدات حماية الشعب” و”قسد” هم مجرد “إرهابيين”، وأن الصراع الحاصل هو “صراع شرف وطني”.
في حين قال وزير الخارجية التركي، حقان فيدان، إن “الاشتباكات في دير الزور هي البداية فقط”.
“واشنطن بين نارين”
في تقرير آخر نشرته صحيفة “يني شفق” قالت فيه إنه بالرغم من الدعم الأمريكي لـ”قسد” في سورية، إلا أن واشنطن امتنعت هذه المرة عن التدخل.
وأضافت أن الولايات المتحدة تسعى ربما للحفاظ على علاقات جيدة مع القبائل العربية، التي سبق لها أن قصفت قوات “فاغنر” في المنطقة نفسها.
وفي الوقت الراهن، تلعب الولايات المتحدة دور الوسيط، ويرى الجانب الأمريكي أن محور دمشق- طهران يحرض العشائر العربية.
وتشير كل هذه الأحداث، بحسب الصحيفة، إلى اضطراب الوضع الراهن في المنطقة وبدء الحركات التكتونية.
وحول ما يمكن أن تفعله أنقرة حيال ذلك، قال الصحيفة إن تركيا تؤكد وبقوه على الرسالة التالية: “سوف نقف إلى جانب أصدقائنا. وأولئك الذين يتعاونون مع أعدائنا سيتحملون التكلفة”.
من جانبها، اعتبرت صحيفة “ديلي صباح” أن واشنطن لا تريد أن تخسر العشائر العربية السنية.
مشيرة إلى أن تلك العشائر حرصت على الانسجام بشكل جيد مع الولايات المتحدة، “لأنهم بالفعل أعداء لروسيا والأسد والمسلحين الشيعة”.
وكذلك فإن تلك العشائر لا تتفق بموقفها مع “وحدات حماية الشعب”، لكنهم لا يريدون تفاقم العلاقات مع الولايات المتحدة، وفق الصحيفة.
ومع ذلك، “إذا كان على الولايات المتحدة أن تختار، فإنها بلا شك ستدعم وحدات حماية الشعب”.
وكانت المواجهات بين “قسد” ومقاتلي العشائر العربية في دير الزور قد اندلعت في أعقاب إقدام جهاز “أسايش” الأمني على اعتقال قائد مجلس “دير الزور العسكري”، أحمد الخبيل (أبو خولة).
لكن العشائر العربية في دير الزور ومقاتليها أكدوا أن الحملة تستهدف ملاحقة عناصر “مجلس دير الزور العسكري”، في وقت ارتكبت “قسد” انتهاكات شملت مقتل أطفال ونساء، وهو ما استدعى إعلان حالة “النفير العام”.
ولا تزال الاشتباكات مستمرة بين مقاتلي العشائر و”قسد”، بعد تقدم الأخيرة وسيطرتها على عدة مدن وبلدات.