مرت ثلاث سنوات على انتهاء الحرب بين أرمينيا وأذربيجان، والتي تعود جذورها إلى إقليم كاراباخ المتنازع عليه، ليبدأ فصل جديد من الحرب، اليوم الثلاثاء، بعد إعلان أذربيجان عن إطلاقها عملية عسكرية ضد أرمينيا في هذا الإقليم “الجدلي”.
وزارة الدفاع الأذربيجانية أعلنت، اليوم، أن قواتها بدأت بتنفيذ “عمليات مكافحة الإرهاب” في معقل الأرمن بكاراباخ، مشيرة إلى أنها ستستخدم أسلحة “عالية الدقة” على الخطوط الأمامية وفي العمق.
ونشرت الوزارة مقاطع مصورة تظهر استهداف الجيش الأذربيجاني لنظام الدفاع الجوي التابع للجيش الأرمني في الإقليم.
فيما دوت أصوات انفجارات عنيفة، منذ صباح اليوم، في الإقليم الخاضع لسيطرة أرمينيا.
وتقول وزارة الدفاع الأذربيجانية إنها أبلغت روسيا وتركيا بشأن عمليتها التي أطلقتها ضد أرمينيا في كاراباخ.
لكن روسيا نفت علمها المسبق بالعملية، وقالت الخارجية الروسية إن “باكو أبلغت موسكو عن العملية في كاراباخ قبل دقائق قليلة من بدئها”.
مناوشات ما قبل الحرب
يأتي إعلان أذربيجان عن عمليتها العسكرية بعد ثلاث سنوات من انتهاء الحرب “الدموية” بين الطرفين، والتي استمرت 40 يوماً في الفترة بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/ تشرين الثاني عام 2020، وأدت لمقتل 6500 شخص.
وتوقفت الحرب حينها بعد أن أعلنت روسيا عن إبرامها اتفاق مع أرمينيا وأذربيجان، ينص على “وقف المعارك عند المواقع الحالية للقتال”، مع انتشار قوات “حفظ سلام” على خطوط التماس في الإقليم، وعند المعبر الحدودي بين الدولتين المتحاربتين
واعتبرت أذربيجان، التي سيطرت قواتها على مناطق استراتيجية في الإقليم، أن الاتفاق “تاريخي”.
لكن أرمينيا وصفت الاتفاق بـ”المؤلم”، مشيرة إلى أنه جاء بعد “تحليل عميق للوضع العسكري”.
وقال أرايك هاروتيونيان، وهو الرئيس الأرميني لإقليم كاراباخ غير المعترف به دولياً، إنه و”بالنظر إلى الوضع الحالي المؤلم، ولتجنب المزيد من الخسائر الفادحة والخسارة الكاملة لكاراباخ وافقت على إنهاء الحرب”.
ومنذ إبرام الاتفاق شهد الإقليم استقراراً نسبياً بين الطرفين، باستثناء المناوشات السياسية القائمة منذ عقود.
إلا أن فتيل الحرب بدأ بالاشتعال منذ مارس/ آذار الماضي، حين تحدث رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان عن وجود “احتمال كبير لحصول تصعيد” مع أذربيجان في كاراباخ.
وذلك نتيجة حدوث اشتباكات بين قوات الدولتين في الإقليم، وسط عجز القوات الروسية الموجودة في المنطقة عن السيطرة على تلك الاشتباكات.
وتعتبر الحرب الحالية اختباراً لروسيا التي تعهدت سابقاً بـ “حفظ السلام” في هذا الإقليم، لكنها غارقة اليوم في حربها على أوكرانيا.
كاراباخ والفتيل السوفييتي
يعود الصراع على إقليم كاراباخ إلى عام 1923، عندما أعطت الحكومة الروسية، بعهد الاتحاد السوفييتي، إقليم كاراباخ لأذربيجان رسمياً.
لكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، اندلع النزاع على الإقليم بين أرمينيا وأذربيجان، وهما جمهوريتان سوفياتيتان سابقتان، حيث أراد كل منهما ضم هذه الرقعة الجبلية لأراضيه.
ومنذ ذلك الوقت دارت حربان بين أذربيجان وأرمينيا في الإقليم، الأولى عند تفكك الاتحاد السوفييتي، والثانية عام 2020.
وتمكنت أرمينيا من السيطرة على الإقليم منذ الحرب التي اندلعت بداية التسعينيات، ما أثار استياء أذربيجان التي تسعى لإعادة سيطرتها على المنطقة.
وكاراباخ هو إقليم جبلي تبلغ مساحته قرابة 4400 كيلو متر مربع، ويطلق عليه أيضاً اسم “ناغورني كاراباخ”، والتي تعني باللغة المحلية جبال الحديقة السوداء.
ويعيش في الإقليم نحو 150 ألف نسمة، 95% منهم من الأرمن، ويعتمد نشاطه الاقتصادي على الزراعة وتربية الماشية.
ويضم الإقليم مدناً ومناطق استراتيجية عدة، أبرزها مدينة شوشة التي سيطرت عليها أذربيجان خلال حرب 2020.
وتقع شوشة على الطريق المؤدي إلى مدينة خانكندي، وهي أكبر مدينة في كاراباخ، وتقع على بعد نحو 15 كيلومتراً من مدينة ستيباناكيرت، التي تعتبر عاصمة الإقليم.