تبدأ “محكمة العدل الدولية”، غداً الثلاثاء، النظر في الاتهامات الموجهة لنظام الأسد، لانتهاكه “اتفاقية مناهضة التعذيب”، واستخدامه العنف ضد المناهضين لنظام حكمه.
وتنعقد الجلسة، التي وصفت بأنها حدث “غير مسبوق” ضمن ملف المساءلة في سورية، يومي 10 و11 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، في قصر السلام في لاهاي حيث يوجد مقر المحكمة الرئيسي.
ويواجه النظام فيها اتهامات بالمعاملة غير القانونية للمحتجزين، وظروف الاحتجاز اللاإنسانية، والإخفاء القسري، والعنف الجنسي والجندري، والعنف ضد الأطفال، واستخدام الأسلحة الكيميائية.
ومن المقرر أن تنعقد الجلسات على فترتين خلال اليومين، صباحية ومسائية، وستكون الجولة الصباحية مخصصة للمرافعات من ممثلي كندا وهولندا، والجلسة المسائية مخصصة للمرافعات من قبل نظام الأسد.
“قضية مفصلية”
في تقرير لها، اليوم الاثنين، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن جلسات محاكمة النظام في لاهاي “مهمة للغاية لإحقاق العدالة”.
واعتبرت أن هذه القضية “ليست دعوى جنائية ضد أفراد، لكنها تسعى إلى إقرار قانوني بمسؤولية الدولة عن التعذيب”.
وقالت المديرة المساعدة لبرنامج العدالة الدولية في “هيومن رايتس ووتش”، بلقيس جراح، إن “القضية التي رفعتها هولندا وكندا توفر فرصة مهمة للتدقيق في التعذيب البشع الذي طال أمده في سورية بحق عدد لا يحصى من المدنيين”.
ودعت جراح المحكمة إلى اتخاذ التدابيراللازمة لمنع المزيد من الانتهاكات ضد السوريين.
ومع ذلك، اعتبرت “رايتس ووتش” أن هذه القضية “المفصلية” قد تستغرق عدة سنوات حتى صدور الحكم النهائي.
لكن هولندا وكندا طلبتا من المحكمة أن تأمر باتخاذ تدابير مؤقتة، تهدف إلى وقف الانتهاكات المستمرة ودعم الخطوات اللازمة لإجراءات المساءلة في المستقبل.
ومن بين التدابير المؤقتة المطلوبة أن يقوم النظام بما يلي: اتخاذ تدابير فعالة لوقف ومنع جميع أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وأيضاً عدم إتلاف أي دليل يتعلق بالقضية الأساسية أو منع الوصول إليه، والكشف عن مواقع دفن الأشخاص الذين قضوا بسبب التعذيب.
كما طلبت الدولتان إطلاق سراح أي شخص محتجز بشكل تعسفي أو غير قانوني، وإنهاء جميع أشكال الاحتجاز، والسماح للمراقبين المستقلين والعاملين الطبيين بالوصول إلى مواقع الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.
وكذلك طلبتا من المحكمة أن تفرض على النظام تقديم تقرير عن الخطوات المتخذة لتنفيذ “التدابير المؤقتة”، في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من صدور الأمر، وكل ستة أشهر بعد ذلك إلى حين حل النزاع.
وبحسب “رايتس ووتش” فإن الأمر باتخاذ تدابير مؤقتة سيكون ملزماً قانونياً للنظام، “لكنه لن يحكم مسبقاً على موضوعية الادعاءات بأن سورية انتهكت أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب”.
ومن المقرر اتخاذ القرار بشأن إلزام النظام بتنفيذ “التدابير المؤقتة”، خلال أسابيع من بدء المحاكمة.
هل سيحضر النظام؟
وقبل أكثر من شهر كانت “العدل الدولية” قد أعلنت أن هولندا وكندا رفعتا قضية على النظام السوري بخصوص التعذيب والمعاملة اللاإنسانية في السجون السورية.
وجاء رفع القضية استناداً على “اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1984، وسورية جزء منها.
وكان من المفترض أن تكون أولى جلسات المحكمة في 19 يوليو/ تموز الماضي، إلا أنها قررت تأجيلها بطلب من نظام الأسد.
وقالت المحكمة، التي تعد الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، إنها قد توصلت إلى قرارها بعد أن نظرت في “آراء وحجج الطرفين عقب طلب سورية التأجيل”.
وتعود القضية إلى عام 2020 عندما أعلنت هولندا تحميل نظام الأسد مسؤولية ارتكاب جرائم “مروعة” بحق السوريين، قبل أن تنضم إليها هولندا في 2021.
وطالبت الدولتان نظام الأسد مراراً وتكراراً بوقف الانتهاكات ضد السوريين، عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة.
كما طالبتا النظام بالدخول في مفاوضات قبل اللجوء إلى محكمة العدل الدولية “في حال فشلت”.
إلا أن النظام رفض وتجاهل المطالب واحترام حقوق الإنسان، حسب تعبيرهما.