مرّ إسقاط الطائرة التركية المسيّرة من قبل القوات الأمريكية في سورية، دون نشوب أي تصعيد أو توتر في العلاقات بين واشنطن وأنقرة، على خلاف ما كان متوقعاً.
إذ بعد ساعات من إسقاط المسيّرة التركية جرت محادثات بين وزير الدفاع الأمريكي ونظيره التركي، شدد خلالها الوزيران على “أهمية التنسيق الوثيق بين العناصر الأمريكية والتركية في الأنشطة التي يتم تنفيذها في المنطقة”.
إلا أن تقارير تركية توقفت عند تلك الحادثة التي مرت دون اعتذار حتى، مشيرة إلى أنها تحمل رسائل أمريكية من جهة، وردود فعل تركية من جهة أخرى.
“لن تتكرر مرة أخرى”
في مقال نشرته صحيفة “يني شفق“، اليوم الاثنين، لكاتبه بولنت أوراك أوغلو، جاء فيه أن واشنطن أوصلت رسائل عدة لأنقرة بعد إسقاط الطائرة بدون طيار.
وأبرز تلك الرسائل من وجهة نظر الكاتب، هو استمرار الولايات المتحدة بدعمها لـ “وحدات حماية الشعب”، واختبار الصبر التركي حول ذلك.
وقال: “كانت الرسالة التي وجهتها لنا الولايات المتحدة بإسقاط طائرتنا بدون طيار واضحة: أنا أحمي وحدات حماية الشعب هنا، وأقدم الدعم اللوجستي والتدريب لها، ولهذا السبب لا يمكنك ضرب الوحدات”.
ورداً على هذا التهديد، “كان استمرار القوات التركية بضرب سورية بالطائرات الحربية على عمق 50 كيلومتراً بدءاً من الساعة 23:00 ليلة 5 تشرين الأول/أكتوبر، سبباً مهماً في زيادة نفوذ تركيا”.
وبحسب التقرير ربما لم يتم تقديم أي اعتذار أمريكي عن إسقاط الطائرة بدون طيار، لكن يمكن القول إنه تم تلقي إشارة قوية بين الطرفين بأن حادثة مماثلة “لن تتكرر مرة أخرى”.
وتابع: “أصبح من الواضح أن هناك حاجة إلى زيادة التنسيق على خط منع التصادم بين الولايات المتحدة وتركيا في سورية”.
مردفاً: “كشفت الولايات المتحدة عن سبب خفض التصنيف في بيانها، وقالت تركيا أيضاً: ماذا كنت تفعل هناك بينما كنت أعمل، لقد حذرناك”.
وكانت الطائرات الحربية التركية والمسيّرة قد بدأت حملة قصف واسعة، الخميس الماضي، واستهدفت بضربات جوية مواقع لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومنشآت تتبع لـ”الإدارة الذاتية” شمال شرق سورية.
وبعد ساعات من بدء الحملة الجوية التي أطلقها الجيش التركي، صباح الخميس الماضي، تحدثت شبكات إخبارية عن إسقاط “التحالف الدولي” لطائرة تركية مسيّرة في أثناء اقترابها من منطقة تتواجد فيها القوات الأمريكية.
ثم أصدرت الخارجية التركية بياناً أكدت فيه فقدان سلاح واحد “بسبب التقييمات الفنية المختلفة في آلية خفض التصعيد التي يتم تشغيلها مع أطراف ثالثة”.
في إشارة إلى المسيرة التركية التي تم إسقاطها من قبل القوات الأمريكية شمال شرقي سورية.
تحذير مبطّن لواشنطن
من جانبه، قال الكاتب التركي يحيى بستان إن تركيا وجهت منذ بداية التصعيد تحذيراً مبطناً للقوات الأمريكية بالابتعاد عن المنشآت والمواقع التابعة لـ “قسد”.
إذ قال وزير الخارجية التركي، حقان فيدان، بعد هجوم أنقرة إن “جميع المنشآت التابعة للتنظيم الإرهابي هدف مشروع لنا”.
مردفاً: “يجب على الأطراف الثالثة الابتعاد عن هذه المنشآت”.
وبهذا الصدد قال الكاتب التركي إنه بالرغم من عدم ذكر أي أسماء، يعلم الجميع أن الولايات المتحدة هي المخاطب الأول هنا، إلا أنها ليست المخاطب الوحيد.
ويضيف أن “الأحداث الأخيرة، مثل المكالمة الهاتفية التي أجراها وزيرا الدفاع، ودخول الطائرات التركية مرة أخرى -لأول مرة منذ فترة طويلة- المجال الجوي السوري وضرب أهداف إرهابية، تظهر تصميم أنقرة على محاربة الإرهاب”.
واعتبر الكاتب أن الوجود الأمريكي في سورية “ليس مسألة أمن قومي للولايات المتحدة، ولكن وجود الإرهاب في سورية هو مسألة أمن قومي لأنقرة، وأمر مصيري بالنسبة لها”.
وختم بالقول: “أنقرة مصممة على تدمير الإرهاب بغض النظر عن العلم الذي يختبئ تحته، والوقت كفيل بإثبات ذلك للجميع”.