منذ إعلان الفصائل الفلسطينية عن عملية “طوفان الأقصى” وما تبعها من تصعيد عسكري إسرائيلي على غزة خلّف ضحايا مدنيين، تتأرجح السيناريوهات بين التوصل لاتفاق هدنة، وبين عملية برية محتملة قد تنفذها إسرائيل في القطاع.
وفيما لا يزال القصف الإسرائيلي على غزة مستمراً حتى اليوم، تعلن الفصائل الفلسطينية عن استهدافها بعض المدن الإسرائيلية برشقات صواريخ، رداً على المجازر المرتكبة بحق المدنيين في غزة وتهجير الآلاف منهم.
لكن ما الأهداف التي طالتها صواريخ الفصائل الفلسطينية؟ وما أهميتها بالنسبة لتل أبيب؟ وكيف يمكن أن تغير من مسارات التصعيد الحاصل؟
عسقلان في المقدمة
خلال الأيام العشرة الماضية من بدء التصعيد، أعلنت كتائب “القسام” (الجناح العسكري لحركة حماس) عن استهدافها مدينة عسقلان الإسرائيلية بالصواريخ مرات عدة.
وكانت الفصائل الفلسطينية منحت سكان المدينة مهلة زمنية لمغادرتها قبل الساعة الخامسة من مساء أمس الاثنين.
ومع انتهاء المهلة بدأت الفصائل بإطلاق الصواريخ باتجاه عسقلان، التي دوت فيها صافرات الإنذار بحسب تقارير عبرية.
وتقول الفصائل إن هذا الاستهداف يأتي رداً على الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين في غزة وتهجير الآلاف منهم.
وتعتبر مدينة عسقلان من أقدم مدن فلسطين المحتلة تاريخياً، وهي أكبر مدينة صناعية وتجارية في جنوب الأراضي التي احتلتها إسرائيل.
وتتمتع المدينة بأهمية اقتصادية كبيرة بسبب موقعها الاستراتيجي على البحر المتوسط ومينائها البحري، وقربها من الحدود المصرية.
تبعد المدينة عن قطاع غزة حوالي 21 كيلو متراً، فيما تبعد عن القدس مسافة 65 كيلومتراً من جهة الغرب.
وكانت إسرائيل قد احتلت المدينة خلال حرب عام 1948، وأعادت بنائها تحت اسم “أشكلون”.
وتقبع عسقلان حالياً ضمن الحدود الجنوبية لإسرائيل، وتبلغ مساحتها حوالي 55 كيلومتراً، فيما يبلغ عدد سكانها 157 ألفاً.
سديروت “مدينة أشباح”
تعتبر مدينة سديروت من ضمن المدن الإسرائيلية الأكثر تأثراً بالتصعيد الحاصل، مع إعلانها “مدينة خالية من السكان”.
وتقع المدينة في “غلاف غزة” جنوب إسرائيل، الذي بدأت منه عملية “طوفان الأقصى”، وطالتها صواريخ الفصائل الفلسطينية خلال الأيام الماضية.
ما دفع الجيش الإسرائيلي لإخلاء المدينة من السكان، الذين يبلغ عددهم حوالي 35 ألفاً، حيث توجهوا إلى تل أبيب ووسط إسرائيل.
وتم الإعلان رسمياً عن إخلاء المدينة يوم الأحد الماضي، بتكلفة وصلت إلى 20 مليون دولار في الأسبوع الواحد.
ووصفت تقارير عبرية المدينة بأنها “مدينة أشباح” بعد عملية الإخلاء، خاصة مع انتشار الجيش الإسرائيلي على مداخلها.
ويرى محللون أن لإخلاء المدينة مؤشرات عدة، قد تنذر بتطور المعارك وبدء عملية برية محتملة على قطاع غزة.
لكن بعد إخلاء المدينة، توجهت صواريخ الفصائل نحو عسقلان، التي يرى محللون أنه من الصعب على إسرائيل إخلاؤها، بسبب كثافة سكانها وتكلفة عملية الإخلاء.
أسدود وبئر السبع
طالت صواريخ الفصائل الفلسطينية مدينة اسدود التي تقع بالقرب من عسقلان في اللواء الجنوبي لإسرائيل، رداً على استهداف إسرائيل للمدنيين في غزة.
وتعرف أسدود بالعبري باسم “اشدود”، وهي مدينة ساحلية تقع على البحر المتوسط، وكانت إسرائيل قد احتلتها عام 1948 لتتحول من مدينة عربية تاريخية إلى مستوطنة إسرائيلية.
تقع المدينة شمال قطاع غزة، وتبعد عن القدس مسافة 53 كيلومتراً لجهة الغرب.
تتمتع المدينة بأهمية تجارية، كونها تربط عدة مدن ببعضها، وتمتلك ميناء بحرياً استراتيجياً، فضلاً عن جعلها مقراً للعديد من المصانع.
وعادة ما تستهدف الفصائل الفلسطينية مدينة أسدود في كل تصعيد عسكري مع إسرائيل.
وإلى جانب أسدود، استهدفت الفصائل مدينة بئر السبع شرقي قطاع غزة برشقات صاروخية.
وتعتبر بئر السبع من أبرز المدن التاريخية المحتلة في فلسطين، وتقع في اللواء الجنوبي لإسرائيل على بعد 71 كيلومتراً جنوب غرب القدس.
تعرف المدينة باسم “عاصمة النقب” كونها ثاني أكبر مدينة في المنطقة الجنوبية، وتاسع مدينة من حيث عدد السكان في إسرائيل.
وكانت إسرائيل قد احتلتها خلال حرب عام 1948، وهجرت سكانها العرب وبنت عليها عدة مستوطنات.
تل أبيب ومطارها
رغم بعدها مسافة 71 كيلو متراً عن قطاع غزة شمالاً، استطاعت صواريخ الفصائل الفلسطينية الوصول إلى عاصمة إسرائيل تل أبيب، ومطارها.
إذ أعلنت كتائب “القسام”، أول أمس الأحد، إطلاقها صواريخ باتجاه تل أبيب رداً على قصف غزة.
وكذلك أعلنت الكتائب أمس الاثنين عن قصفها مدينتي تل أبيب والقدس برشقات صاروخية، ما أدى إلى إطلاق صافرات الإنذار في المنطقة.
وانتشرت مقاطع مصورة تظهر فرار عدد من أعضاء الكنيست الإسرائيلي، أمس، من أحد المباني في القدس المحتلة متوجهين إلى الملاجئ.
وكذلك طالت الصواريخ محيط مطار بن غوريون، الذي يقع في الضواحي الشمالية لمدينة اللد، على بعد حوالي 45 كم شمال غرب القدس و20 كم جنوب شرق تل أبيب.
وأظهرت مقاطع متداولة حالة الذعر في المطار بعد استهدافه الأربعاء الماضي، تزامناً مع إجلاء دول عدة لرعاياها من إسرائيل.
ولم تعلن إسرائيل عن أضرار بشرية أو مادية كبيرة في المطار، مؤكدة أن العمل به مستمر.