أصدر قضاة التحقيق في فرنسا مذكرة توقيف دولية بحق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وشقيقه ماهر الأسد، في سابقة وصفها ناشطون حقوقيون بـ”التاريخية”.
وتأتي المذكرة الصادرة اليوم الأربعاء، على خلفية تورط الأسد ونظامه بمجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية بدمشق، في أغسطس/ آب 2013، والتي أسفرت عن مقتل نحو 1450 مدنياً، بينهم أكثر من 200 طفل وامرأة.
“سابقة تاريخية”
وكانت المحكمة القضائية في باريس فتحت تحقيقاً عام 2021، حول استخدام نظام الأسد أسلحة محرمة دولياً أثناء هجومه على مدينة دوما في الغوطة الشرقية.
وذلك بناء على شكوى جنائية قدمها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير (SCM) وضحايا سوريون، وبالإستناد إلى شهادات ناجين من الهجوم الكيماوي.
وقالت منظمة “المدافعون عن الحقوق المدنية”، والتي كانت جزءاً من التحقيق كأطراف مدينة، في بيان لها، إن مذكرة الاعتقال طالت بشار الأسد وثلاثة من معاونيه.
وهم: شقيقه ماهر الأسد قائد “الفرقة الرابعة” في قوات النظام، وغسان عباس مدير الفرع 450 في المركز السوري للدراسات والبحوث العلمية.
إلى جانب اللواء بسام الحسن، مستشار رئيس النظام للشؤون الاستراتيجية، والذي يعتبر صلة الوصل بين القصر الرئاسي ومركز البحوث العلمية.
وبحسب البيان، تتضمن مذكرات التوقيف اتهامات مباشرة بالتواطؤ في “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”.
وجاء فيه: “إن إصدار مذكرات الاعتقال يمثل لحظة تاريخية وإشارة مهمة ليس فقط للنظام السوري، بل لجميع الدول، بأن الحظر المفروض على الأسلحة الكيميائية لا يمكن انتهاكه”.
وقال ستيف كوستاس، كبير المحامين الإداريين في مبادرة “عدالة المجتمع المفتوح” في فرنسا: “هذه لحظة تاريخية – في هذه القضية، لدى فرنسا فرصة لترسيخ مبدأ عدم وجود حصانة لمرتكبي الجرائم الدولية الأكثر خطورة، حتى على أعلى المستويات”.
لافتاً إلى أنها “المرة الأولى التي يتعرض فيها رئيس دولة لا يزال في منصبه لمذكرة اعتقال في دولة أخرى، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
من جانبه، قال مازن درويش مدير “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”: “لقد كان لقضاة التحقيق في فرنسا كلمتهم في هذا النوع من الجرائم؛ لا أحد محصن، ونتوقع من السلطات الفرنسية أن تحترم معاناة الضحايا وحقوقهم إلى جانب قرار القضاء الفرنسي”.
ويقول حقوقيون إن الأسد لن يستفيد من الحصانة التي يتمتع بها “كرئيس دولة”، وقال درويش إنه “في هذا النوع من الجرائم لا توجد حصانة”.
ولم يصدر أي تعليق من جانب النظام السوري حول مذكرة التوقيف الصادرة بحق الأسد وثلاثة من كبار معاونيه.
مذكرات مماثلة
وكان القضاء الفرنسي أصدر في أبريل/ نيسان الماضي، مذكرات توقيف بحق ثلاثة من كبار الضباط في نظام الأسد، لتورطهم بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” و”جرائم حرب” في سورية.
والضباط هم: علي مملوك وجميل الحسن وعبد السلام محمود، والذين ستتم محاكمتهم غيابياً في باريس في مايو/ أيار 2024.
وشغل علي مملوك منصب مدير الاستخبارات السورية العامة، ثم أصبح عام 2012 رئيساً لمكتب الأمن الوطني، وهو أعلى هيئة استخباراتية في سورية، ولا يزال في هذا المنصب إلى اليوم.
فيما شغل جميل حسن منصب رئيس الاستخبارات الجوية السورية منذ عام 2009 وحتى عام 2019، ولعب دوراً “دموياً” في قمع المتظاهرين خلال الثورة السورية.
أما عبد السلام محمود فهو المكلف بالتحقيق في إدارة الاستخبارات الجوية في سجن المزة العسكري (سيء السمعة) بدمشق، والذي يضم آلاف المعتقلين السوريين.
وتعود القضية إلى عام 2015، حين فتحت النيابة الفرنسية تحقيقاً أولياً بحادثة اعتقال أجهزة النظام لمازن الدباغ وابنه باتريك في دمشق عام 2013، بعد بيانات أدلى بها شقيق مازن، المدعو عبيدة الدباغ.
كما صرح صهر مازن الدباغ، الذي اعتُقل معه في نفس الوقت ثم أفرج عنه بعد يومين، أن الرجلين نقلا إلى سجن المزة العسكري، الذي تحصل داخله عمليات تعذيب ممنهجة، بحسب تقارير حقوقية وشهادات معتقلين سابقين.
إلا أن النظام السوري أعلن وفاتهما عام 2018.
وتُظهر شهادة الوفاة أن مازن توفي في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، فيما توفي ابنه في يناير/ كانون الثاني 2014.
ومازن الدباغ وابنه هما مواطنان سوريان يحملان الجنسية الفرنسية، وكانا يعيشان في العاصمة دمشق ويمارسان أعمالهما فيها.