“تصعيد مدروس” بين “حزب الله” وإسرائيل.. ماذا عن سورية؟
حَمل خطاب زعيم “حزب الله” اللبناني، حسن نصر الله الأخير إعلاناً ضمنياً بعدم الدخول في معركة ضد إسرائيل للتخفيف عن قطاع غزة الفلسطيني، ورغم المناوشات التي تحصل بين يوم وآخر بالقذائف والصواريخ يرى خبراء وباحثون أنها تصب في “إطار التصعيد المدروس والمنضبط”.
يعتبر “حزب الله” أحد أبرز وكلاء إيران في المنطقة ولبنان بالتحديد، ومنذ هجوم حركة “حماس” في السابع من أكتوبر ضد إسرائيل تسلطت الأضواء عليه كثيراً عليه، وأثيرت التساؤلات حول ما إذا كان سينخرط في المواجهة أم لا.
وبقيت التساؤلات دون إجابة حتى خرج نصر الله في خطابه، نافياً علمه بالهجوم بشكل مسبق، وكذلك الأمر بالنسبة لإيران… تحدث عن سياقات الحرب التي تلت ضربة حماس واستعرض المآلات، دون أن يعلن موقفاً حاسماً كما روّجت إليه أوساطه الإعلامية والسياسية.
“وسيلة ضغط”
ويشير تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ“، يوم الجمعة، إلى أن “حزب الله وحماس قريبان من إيران، وكلاهما يساعدن طهران على توسيع نفوذها في المنطقة”.
لكن المجموعة اللبنانية “هي الأهم” بحسب جوزيف ضاهر، مؤلف كتاب “حزب الله.. الاقتصاد السياسي لحزب الله اللبناني”، إذ يقول إن “إيران لا تريد أن ترى جوهرة تاجها تضعف”.
ويضيف ضاهر أن هدف طهران الجيوسياسي “ليس تحرير الفلسطينيين”، بل استخدام مثل هذه الجماعات كوسيلة ضغط، خاصة في علاقاتها مع الولايات المتحدة.
و”حزب الله”، الذي تأسس قبل أربعة عقود للدفاع عن لبنان بعد الغزو الإسرائيلي، لديه أجندة خاصة به أيضاً “لا ينبغي لنا أن ننظر إليه فقط كأداة بسيطة لإيران” وفق ضاهر.
وتتمتع الجماعة الشيعية بقوة أكبر من حماس، حيث يقول “حزب الله” إن لديه 100 ألف مقاتل، بينما يقدر محللون مخزونه من الصواريخ بما يتراوح بين 130 ألفاً و150 ألفاً.
وعلى مدى الأسابيع الخمسة الماضية، استخدم “حزب الله” صواريخه لضرب مواقع الجيش الإسرائيلي على طول الحدود التي تبلغ 120 كيلومتراً.
وفي خطابه المتلفز الأخير في 11 نوفمبر، قال نصر الله إن جماعته بدأت في نشر أسلحة أكثر فعالية، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والقنابل التي يصل وزنها إلى نصف طن.
وبحسب نصر الله، يهدف حزبه إلى الحفاظ على الجبهة الشمالية لإسرائيل كنقطة ضغط، وقال معبراً عن ذلك “هذا هو المسار العام للعمل”.
“تصعيد مدروس”
وظلت الاشتباكات بين “حزب الله” وإسرائيل على نطاق واسع ضمن ما يسمى بقواعد الاشتباك، التي تقصر القتال على المناطق اللبنانية المحتلة، وعلى أهداف عسكرية “لكن الخطر الأكبر هو أن ضبط النفس لن يدوم”، حسب ما توضح “بلومبيرغ”.
ويقول علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية “لا إيران ولا حزب الله يريدان اندلاع صراع إقليمي من شأنه أن يكون مكلفاً بالنسبة لهما”.
وتابع: “الطريقة التي يبدو أنهما يديران بها الوضع هي التصعيد المدروس والمتزايد.. لكن هذه الاستراتيجية تحت رحمة حادث واحد أو سوء تقدير لتتطور”.
أحد الأمثلة على ذلك، قول إسرائيل الأسبوع الماضي إنها ضربت هدفاً على بعد 40 كيلومتراً داخل لبنان، وهو ما يتجاوز بكثير ما تنص عليه القواعد المعتادة، لذلك تشير بعض الدلائل على أن الولايات المتحدة حذرت الجانبين من مغبة التصعيد.
وأفاد موقع “أكسيوس” أن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أعرب عن قلقه لنظيره الإسرائيلي نهاية الأسبوع الماضي بشأن دور إسرائيل في إثارة التوترات على الحدود اللبنانية.
في المقابل، التقى المبعوث الأميركي الخاص، عاموس هوشستين، مع حلفاء “حزب الله” في بيروت، وحثهم على الهدوء.
ماذا عن سورية؟
في مقابل المناوشات العسكرية بين “حزب الله” وإسرائيل كان لافتاً خلال الأيام الماضية أن الأول لم يترك الساحة السورية.
وبمعنى أدق أنه لم يسحب قواته من هناك، بعدما كانت قد دعمت نظام الأسد لعدة سنوات وفي مناطق واسعة ضد فصائل المعارضة.
وتحدثت شبكات إخبارية محلية خلال الأيام الماضية أن الحزب اللبناني أدخل قوات إلى محافظة دير الزور، وشكّلت رأس حربة الهجمات التي استهدفت القواعد الأمريكية في سورية.
وفي غضون ذلك قتل 7 عناصر من “حزب الله” بضربة إسرائيلية في ريف حمص، بعدما أطلقوا طائرة بدون طيار باتجاه مدينة إيلات الواقعة جنوب إسرائيل.
ويوضح الباحث في الشأن الإيراني، محمود البازي أن “دور حزب الله قوي وكبر بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني قبل 3 سنوات”.
وبعد عام 2020 اضطلع “حزب الله” بمهام أكبر، أبرزها العمل على التنسيق والربط بين المجموعات التي تدعمها إيران على الأرض من جهة وبين “الحرس الثوري” الإيراني، من جهة أخرى.
يعتبر “حزب الله” في الوقت الحالي أقوى المجموعات التابعة لإيران في سورية، ويقول البازي لموقع “السورية.نت” إنه “يعمل على تقوية الجماعات المحلية وغير المحلية على الأرض”.
وكانت الجماعات قد تفرعت بشكل واسع للغاية، بحيث أصبح من الصعب السيطرة وتنظيمها بشكل كبير من جانب إيران.
ولذلك يوضح الباحث في الشأن الإيراني أن “حزب الله لعب دوراً في هذه الحالة، من خلال الدعم المباشر الذي قدمه للواء الإمام الحسين في سوريا وكذلك قوات الرضا والغالبون ولواء الإمام الباقر، وهي مجموعات شيعية التركيب ومحلية مؤلفة في غالبها من السوريين”.
ويرى البازي أن “ما يسمى محور المقاومة يحاول استنساخ نموذج التصعيد المدروس في الجبهة اللبنانية ونقله إلى العراق وسوريا واليمن”، ويحاول أيضاً “إبقاء إسرائيل منشغلة بهذه الجبهات” دون التحول إلى أي مواجهة مباشرة.