محمد كنجو.. قاضي الإعدام في سورية الذي أصدر أحكامه بـ“دقيقة واحدة”
مطلع العام الماضي، وضمن ورشة تدريبية في كلية الحقوق بدمشق تحت عنوان “القضاء العسكري وأصول التقاضي فيه”، وصف مدير القضاء العسكري محمد كنجو حسن، إدارته بأنها “تعمل بشكل دؤوب لإعلاء كلمة الحق والعدالة”.
لكن شهادات وروايات لمعتقلين سابقين في سجون النظام، أكدت أن كنجو كان مسؤولاً عن إصدار آلاف أحكام الإعدام بحق سوريين، في محاكمة تستغرق “دقيقة واحد” فقط.
وبعد عشر سنوات من ترأسه إدارة القضاء العسكري لدى نظام الأسد، وبعد إعفائه من الخدمة مطلع العام الحالي، فرضت كلاً من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة، خلال اليومين الماضيين، عقوبات ضده.
وجاءت العقوبات “بتهمة التواطؤ في الفظائع التي يرتكبها نظام الأسد ضد الشعب السوري”، على أن يخضع إلى “تجميد الأصول وحظر السفر”.
بدأ كنجو، الذي ينحدر من بلدة خربة المعزة التابعة لمنطقة الدريكيش في طرطوس، مسيرته المهنية بدراسة الحقوق في جامعة دمشق، قبل أن يتطوع في جيش النظام وخاصة في سلك القضاء العسكري.
وتدرج كنجو في سلك القضاء، وبدأ من حلب عندما تسلم منصب قاضي الفرد العسكري الثاني، قبل أن ينتقل إلى دمشق ويصبح مستشاراً في محكمة الجنايات العسكرية.
وتولى كنجو في دمشق رئاسة المحكمة الميدانية العسكرية وأصبح النائب العام العسكري بالمحكمة برتبة عميد.
في عام 2013 رُفّع كنجو إلى رتبة لواء وترأس إدارة القضاء العسكري، ورغم بلوغه سن التقاعد بعد خدمة 35 عاماً في جيش النظام، بقي بمنصبه بعد التمديد له حتى يناير/ كانون الثاني 2023، عندما تمت إقالته وتعيين اللواء يزن الحمصي، بدلاً عنه.
قرار الإعدام بـ “دقيقة واحدة”
لم يكن ذكر اسم محمد كنجو متداولاً ومعروفاً لدى كثير من السوريين قبل تاريخ 1 يونيو/ حزيران 2011، عندما ذكر اسمه أول مرة في لجنة تحقيق شكّلها نظام الأسد للكشف عن ملابسات مقتل الطفل حمزة الخطيب في درعا.
وخلال السنوات اللاحقة أصبح كنجو مسؤولاً عن محاكمة المدنيين المعتقلين، إضافة إلى المعتقلين العسكريين من الضباط وصف الضباط والأفراد، وإصدار الأحكام بتهمة الانشقاق عن “الجيش”.
وحسب موقع “مع العدالة” فإن كنجو يعتبر “المسؤول الأول عن إصدار آلاف أحكام الإعدام والسجن المؤبد أو السجن لسنوات طويلة بحق المعتقلين”.
وفي تقرير لمنظمة العفو الدولية عام 2017، أعدم نظام الأسد حوالي 13 ألف معتقل في سجن صيدنايا بالقرب من دمشق بين عامي 2011 و2015.
ونقل موقع “العربي الجديد” عن شهادة أحد الضباط المنشقين بأن كنجو اتفق مع رؤساء أفرع التحقيق في الأجهزة الأمنية على إضافة عبارة في إفادات المعتقلين.
والعبارة هي “… كما أقدمت بالاشتراك مع آخرين على مهاجمة حاجز كذا أو مركز كذا أو النقطة كذا (مناطق عسكرية لقوات النظام) بالأسلحة النارية، مما أدى إلى استشهاد عدد من عناصر هذه المراكز أو الحواجز أو النقاط وإصابة آخرين”.
هذه العبارة، التي تكتب في إفادة المعتقل دون موافقته ويجبر على التوقيع عليها، كافية لإصدار حكم بإعدامه، حتى وإن كان بريئاً من التهم المنسوبة إليه.
وحسب موقع “مع العدالة” فإن المعتقل كان ممنوعاً من الكلام أمام كنجو خلال المحاكمة، التي كانت تستغرق من دقيقة واحدة إلى ثلاث دقائق فقط.
وإلى جانب ذلك، اتخذ كنجو من منصبه وسيلة لجني ثروة من المال، عبر طلب المال من أهالي المعتقلين ومفاوضتهم من أجل إطلاق سراحهم.
وفي تقرير لـ “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” فإن أهالي المعتقلين يتعرضون لعمليات احتيال وابتزاز من قبل أفراد أو عصابات تابعة لنظام الأسد من أجل الحصول على معلومات عن المعتقلين.
ويقول مدير الرابطة دياب سرية لـ”السورية نت” إن اللواء كنجو، كان يتقاضى مبلغاً يصل إلى حدود 30 ألف دولار أمريكي من أجل السماح للأهالي بزيارة المعتقل.
ويضيف أن كنجو كان قادراً على “فك مشنوق” وكان قادراً على توجيه تعليمات إلى مدير سجن صيدنايا من أجل تحسين معاملة أحد المعتقلين أو السماح لأهله بزيارته، لكن هذا يتم بعد تلقي مبالغ كبيرة منهم.
وحسب سرية فإن كنجو، ومن أجل التمديد له بعد وصوله لسن التقاعد، دفع مبلغ يصل إلى 6 ملايين دولار لضباط بالقصر الجمهوري.
وحسب تقديرات سرية فإن حكم الثروة التي جناها كنجو خلال ترأسه لمنصب القضاء العسكري منذ عشر سنوات تصل إلى 100 مليون دولار أمريكي.