اتفاق أوروبي حول “إصلاح” الهجرة.. هل تُطبّق إجراءات التشديد؟
توصلت دول الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي يقضي بإصلاح قواعد اللجوء والهجرة في الاتحاد، بعد أكثر من سبع سنوات من المفاوضات المشحونة حول كيفية تشديد النظام وتقاسم المسؤولية.
وأعلن البرلمان الأوروبي، اليوم الأربعاء، عن اتفاق نهائي بين نواب أوروبيين والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بعد ليلتين من المفاوضات “الصعبة”، مع وجود العديد من التفاصيل الفنية التي لم يتم الاتفاق عليها في العام الجديد.
ووصفت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، ذلك بـ”اليوم التاريخي”، وقالت “إنها ليست حزمة مثالية مطروحة على الطاولة، ولا تبحث في حلول لجميع القضايا المعقدة.. لكن ما لدينا على الطاولة أفضل بكثير بالنسبة لنا جميعاً”.
ماذا يتضمن؟
من جانبها، قالت فابيان كيلر، النائبة التي قادت المفاوضات بشأن إجراءات اللجوء، إن الاتفاق الذي تم التوصل له كان “وسطياً”، وتضمن التنازل عن بعض النقاط.
وأضافت لصحيفة “فايننشال تايمز” أن الإصلاح المتفق عليه “لا يؤدي إلى إصلاح كبير لما يسمى بنظام دبلن، الذي ينص على أنه يجب على الأشخاص طلب الحماية في الدولة التابعة للاتحاد الأوروبي التي يدخلونها أولاً، مما يضع عبئاً أكبر على دول مثل إيطاليا واليونان”.
وبدلاً من اشتراط نقل طالبي اللجوء من بلدان الجنوب إلى بلدان الشمال، التي يقل عدد الوافدين إليها، فإن هذا النقل سيصبح الآن “طوعياً”.
ويمكن للدول الأعضاء التي ترفض استقبال المزيد من المهاجرين أن تدفع بدلاً من ذلك تعويضات مالية، إما إلى دولة عضو تستضيف أعداداً أكبر أو إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي تدعم الجهود الرامية إلى الحد من تدفقات الهجرة.
وسيتطلب الإصلاح من الدول الأعضاء معالجة طلبات بعض طالبي اللجوء في مرافق قريبة من الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في غضون ثلاثة أشهر.
ويمكن أن يشمل ذلك الأسر التي لديها أطفال، والتي ناضل البرلمانيون لاستبعادها لكنهم فشلوا في ذلك، وفق الصحيفة.
وانتقدت منظمات حقوق الإنسان الإصلاحات المتفق عليها، محذرة من أنها قد تحد من إمكانية الحصول على اللجوء وتقوض حقوق الإنسان.
وقالت إيف جيدي، رئيسة مكتب “منظمة العفو الدولية” في الاتحاد الأوروبي: “من شبه المؤكد أن الاتفاقية ستؤدي إلى وضع المزيد من الأشخاص في الاحتجاز الفعلي على حدود الاتحاد الأوروبي”.
وبعد الإعلان عن الاتفاق رسمياً، لا يزال يتعين اعتماده من قبل البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء قبل أن تدخل حيز التنفيذ، وهو أمر غير متوقع قبل عام 2025.
“أقل من الطموحات”
وفي تقرير لها، اليوم الأربعاء، ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” أن الإصلاحات المعلن عنها “لا ترقى إلى مستوى الطموحات الأصلية لإعادة تشكيل كيفية تعامل أوروبا مع اللجوء في أعقاب أزمة الهجرة عام 2015”.
لكن “حزمة التدابير الجديدة من شأنها أن تنشئ إطاراً مشتركاً للطلبات، يوضح مسؤوليات الدول الأعضاء، بدءاً من فحص طلبات المهاجرين وحتى عمليات الإبعاد والتكاليف المالية لاستضافة المتقدمين”.
ومنذ عام 2015، تشهد أروقة الاتحاد الأوروبي خلافات حول ملف الهجرة، بعد موجة “مفاجئة” من طالبي اللجوء، معظمهم سوريون.
وأكثر الدول التي تأثرت بموجة اللجوء تلك هي اليونان وإيطاليا وإسبانيا ومالطا، ما دفعها إلى المطالبة بالمزيد من المساعدات، على اعتبار أن اقتصادها لا يتحمل “أعباء” اللجوء.
في حين شددت الدول “الغنية” في الاتحاد الأوروبي القيود على حدودها، وقالت إنها “لا يمكن أن تكون الأماكن الوحيدة التي يقصدها طالبو اللجوء في نهاية المطاف”.
أما دول شرق أوروبا، مثل بولندا والمجر، رفضت استضافة أي لاجئين ومهاجرين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
كل ذلك أجج خلافات أوروبية، وأدى إلى انهيار اتفاق الهجرة، دون التوصل لصيغة مرضية للجميع.
وتم اقتراح الإصلاحات لأول مرة عام 2016، لكن المفاوضات ظلت متوقفة لسنوات، حيث ظل زعماء الاتحاد الأوروبي يتقاتلون حول توزيع المهاجرين، وغالباً ما كان ذلك في مؤتمرات قمة “متوترة”.
ومن أجل التوصل إلى اتفاق، كان على مفاوضي البرلمان الأوروبي أن يستسلموا لمطالب الدول الأعضاء لجعل النظام “أكثر تقييداً”.
فيما لا تزال بعض التفاصيل الفنية لصفقة الإصلاحات بحاجة إلى “تسوية”، وفق الصحيفة البريطانية.