هل بدأت إسرائيل بتنفيذ تهديدها حول تصفية قادة “حماس” في الخارج؟
بعد حادثة اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لـ “حماس”، صالح العاروري، في بيروت أمس الثلاثاء، أعاد مراقبون التذكير بالتهديدات الإسرائيلية حول ملاحقة قادة “حماس” وتصفيتهم، ضمن مخطط قد يستغرق سنوات، وفق مسؤولين إسرائيليين.
وفيما شملت التهديدات الإسرائيلية القادة الفلسطينيين “في جميع أنحاء العالم”، يبدو أن الساحة الأقرب لبدء تنفيذ تلك التهديدات كانت في لبنان، بعد تفجير الضاحية الجنوبية أمس، وسط احتمالات توسع تلك العمليات لتشمل دولاً مجاورة.
وكانت حركة “حماس” أعلنت أمس اغتيال نائب رئيس مكتبها السياسي، صالح العاروري، اليوم الثلاثاء، مع اثنين من قادة “القسام”، في هجوم بمسيرة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
هل بدأت مرحلة الاغتيالات؟
نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن مسؤول أمريكي “كبير”، قوله إن حادثة اغتيال العاروري هي “على الأرجح الأولى ضمن العديد من الضربات التي ستنفذها إسرائيل ضد نشطاء حماس المرتبطين بهجوم 7 أكتوبر”.
وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أن “لا أحد في مأمن إذا كان له أي دور في التخطيط لهذه الهجمات أو جمع الأموال لها أو تنفيذها”.
مشيراً إلى تعهد إسرائيل بمطاردة منفذي هجوم 7 أكتوبر أينما كانوا، وأضاف: “هذه مجرد البداية، وسوف تستمر لسنوات”.
من جانبه، قال الأكاديمي والباحث السياسي، مهند حافظ أوغلو، إن إسرائيل تدخل اليوم “مرحلة جديدة” بعد تنفيذ عمليات تصفية لقادة “حماس” في لبنان.
واعتبر في حديثه لـ “السورية نت” أن هذه المرحلة “منعطف خطير تريد من خلاله إسرائيل أن توسع رقعة العمليات العسكرية والمواجهة مع حماس، إذ بدأت في لبنان بشكل أساسي”.
وبحسب حافظ أوغلو، فإن عمليات الاغتيال لن تقتصر على لبنان، بل قد تطال قادة “حماس” في دول أخرى، وفق قوله.
وأضاف أن هذه الخطط الإسرائيلية “ستترافق مع حالة عدم التبني بشكل رسمي من قبل تل أبيب”.
وأوضح أن “عدم تبني إسرائيل لتلك العمليات سوف يحميها من الضغط الدولي من جهة، ومن جهة أخرى سوف تتفرد بعمليات حرب الشوارع عبر المسيرات أو المتفجرات أو غيرها من الأساليب التي لا تستخدمها الدول عادةً، بل تقوم بها الأذرع التابعة لها”.
تهديد إسرائيلي ورد تركي
وكان مدير وكالة المخابرات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك)، رونين بار، قال في تصريحات للإعلام الرسمي الشهر الماضي إن تل أبيب “مصممة على قتل قادة حماس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك قطر وتركيا ولبنان، حتى لو استغرق الأمر سنوات”.
وكذلك، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها، إن الاستخبارات الإسرائيلية تستعد لملاحقة وقتل قادة “حماس” في جميع أنحاء العالم.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين أن ذلك المخطط جاء بأمر من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
وأضافت أنه “من المحتمل أن تكون هذه بداية عقد من العمليات السرية الإسرائيلية حول العالم”.
وتحدثت الصحيفة عن أن مثل هذه العمليات (في حال تم تنفيذها)، قد تصبح “خرقاً للقانون الدولي”، خاصة إذا تم تنفيذها دون علم السلطات المحلية.
إلا أن الرد التركي جاء سريعاً، حين وجّه جهاز الاستخبارات التركي “تحذيرات” لإسرائيل من القيام بأي عمل أو نشاط على الأراضي التركية، ضد قادة أو شخصيات مرتبطة بحركة “حماس” الفلسطينية.
ونقلت وكالة “الأناضول” عن مصادر استخباراتية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قولها إنه تم تحذير الجانب الإسرائيلي من “عواقب وخيمة” لأي عمل تقوم به أجهزتها الاستخباراتية على الأراضي التركية.
وأضافت المصادر أن “أجهزة استخبارات مختلفة حاولت في السابق القيام بأنشطة غير قانونية على الأراضي التركية”.
لكن “لن يتم السماح لأي جهاز استخباراتي بتنفيذ عمليات وأنشطة داخل الأراضي التركية”.
أيادي تل أبيب في تركيا
يقول الأكاديمي والباحث في الشؤون التركية، مهند حافظ أوغلو، إن الموساد الإسرائيلي “يتابع قادة حماس في تركيا”، خاصة بعد إعلان أنقرة أمس عن اعتقال أكثر من 30 شخصاً بتهمة التجسس لصالح الموساد على الأراضي التركية.
إلا أنه استبعد أن يكون هناك أي تحرك إسرائيلي فعلي على الأرض، لتصفية قادة “حماس” في تركيا.
وقال لـ “السورية نت”: “أظن أن ملاحقة إسرائيل لقادة حماس على الأراضي التركية هي لجمع المعلومات الاستخباراتية فقط، وليس لتصفية هؤلاء القادة بعكس ما يحدث في لبنان”.
وتابع: “تركيا إذا ما جرى على أراضيها أي شيء من هذا القبيل، فإن ذلك يعني حرباً متعددة الأطراف وتصعيداً ضد الولايات المتحدة وإسرائيل”.
واعتبر أن الوضع في تركيا مختلف عنه في لبنان، إذ يوجد في لبنان “حزب الله” الذي تعتبره إسرائيل عدواً لها، وتسعى إلى جره لحرب أوسع معها، وفق ما قال.
وأضاف أن إسرائيل “قد تحرك أعضاء من حزب العمال الكردستاني وأعضاء من قسد، للقيام بعمليات إرهابية في تركيا، لكن أن تكون ملاحقة قادة حماس التي جرت في الضاحية الجنوبية أمس على نفس الغرار في الأراضي التركيه فهذا لا يمكن”.
وكانت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية نشرت معلومات العام الماضي، قالت فيها إن 8 من كبار قادة “حماس” وحركة “الجهاد الإسلامي” غادروا قطاع غزة، وانتقلوا للعيش في بلدان عدة، من بينها قطر وتركيا ولبنان.
وعقب بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، هددت إسرائيل باستهداف هؤلاء القادة “أينما كانوا”.
وسبق أن أعلنت الاستخبارات التركية، في يوليو/ تموز الماضي، عن تفكيك خلية تابعة لجهاز “الموساد” الإسرائيلي في اسطنبول، مهمتها التجسس وجمع المعلومات عن بعض المؤسسات والمعارضين العرب.
كما أعلنت قوات الأمن التركية، أمس الثلاثاء، عن تنفيذ عمليات ضد مشتبه بهم بالتجسس لصالح الموساد، في 8 ولايات تركية كان مركزها اسطنبول، وألقت خلالها القبض على 33 مشتبهاً به.