تفاصيل “مؤتمر الاستثمار الأول” في الشمال السوري”..ما أهداف وتطلعات المنظمين؟
انطلق “مؤتمر الاستثمار الأول في الشمال السوري”، اليوم الأربعاء، في مدينة الراعي شمال غربي محافظة حلب بعد ثمانِ ورشات تحضيرية، عقدتها لجنة إدارته.
ويقام المؤتمر بتنظيم من “وزارة المالية والاقتصاد” في “الحكومة السورية المؤقتة”، و”جامعة حلب في المناطق المحررة”، و”نقابة الاقتصاديين”، ومؤسسة”2020 IDEA”، وبرعاية “المنتدى السوري”، وعدة منظمات مجتمع مدني.
ويعقد المؤتمر على مدى يومين، “ليتسنى إعطاء كل جانب حقه من الشرح والتعريف به، وإتاحة المجال أمام الضيوف لأخذ صورة أوسع عن المنطقة”، حسب ما قال رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر علي حلاق لـ”السورية.نت”.
وتشارك في المؤتمر فعاليات وشخصيات اقتصادية ومنظمات مجتمع مدني، حيث يتضمن عرض ومناقشة أوراق بحثية، تتمحور حول واقع وبيئة الاستثمار في الشمال السوري.
إضافة إلى قصص نجاح لمنشآت في الشمال، بدأت كمشاريع صغيرة وتطورت، إلى جانب تقديم عروض عن المناطق الصناعية.
وتضمن، اليوم الأول من المؤتمر، افتتاح معرض يضم 53 مكاناً مخصصاً لعرض المنتجات المصنعة محلياً في شمال سورية، وتنظيم زيارة إلى بعض المنشآت الاقتصادية في مدينة الراعي.
“لفت الانتباه” و”التحديات القائمة”
وتحدث رئيس “الحكومة السورية المؤقتة”، عبد الرحمن مصطفى، في كلمته الافتتاحية العمل، عن تسهيل عمل المستثمرين، مشيراً إلى تطوير البنى التحتية في الشمال السوري من خلال التعاون مع المجالس المحلية.
وقال:”عملنا على تلبية الاحتياجات المحلية اللازمة لتسهيل عمل المستثمرين في مناطقنا المحررىة، وتسعى لتسهيل منح شهادة المنشأ المنتجات المصنعة محلياً”.
من جانبه اعتبر وزير الاقتصاد في “الحكومة المؤقتة”، عبد الحكيم المصري، أن مؤتمر الاستثمار الأول هو “لبنة في بناء سورية ويقربنا من سورية حرة ومستقرة”.
وأضاف أن المؤتمر هو “فرصة ومسؤولية للحكومة السورية المؤقتة تجاه المستثمرين المحليين والخارجين”.
بدوره أكد نائب رئيس “الإئتلاف الوطني السوري”، عبد المجيد بركات، أن هدف الائتلاف و”الحكومة المؤقتة” حالياً، هو”تأمين بيئة آمنة ومناسبة للاستثمار” في الشمال السوري.
وقال بركات “لدينا رأس مال بشري كبير في مناطقنا المحررة، ونعمل على تحسين البنية التحتية، ولدينا كل الظروف المناسبة للاستثمار”.
من جانبه أكد الرئيس التنفيذي لـ”المنتدى السوري”، غسان هيتو، أن المؤتمر “ليس للشمال السوري فقط بل لكل السوريين”.
وتسائل هيتو، في كلمته “كيف سنوزع الاستثمار على مناطق فيها 11 مجلساً محلياً؟.. لذلك نحتاج لتوحيد الآليات”.
وأضاف إن “علينا التحلي بالجرأة..ورغم خلافنا مع الحكومة المؤقتة فإننا نريدها قوية”، مؤكداً أن أولويات “المنتدى السوري”، تكمن في “دعم التعليم، التمكين الاقتصادي، تعزيز العمل المؤسساتي، مناصرة قضايا السوريين”.
أهداف المؤتمر
ويأتي المؤتمر في إطار جهود إعادة الإعمار وتحفيز النمو الاقتصادي في مناطق الشمال السوري، ويعتبر القائمون عليه، أنه خطوة هامة نحو تحسين الوضع الاقتصادي في المنطقة.
وحسب القائمين على المؤتمر، فإن الهدف منه هو “تنمية المناطق المحررة اقتصادياً، والإسهام بتحسين مستوى المعيشة وزيادة فرص العمل”.
ولتحقيق هذه الأهدف يتوجب “خلق بيئة استثمارية جاذبة، وتقييم واقع الاستثمار في الشمال السوري وتحديد متطلباته، وإنشاء حاضنات الأعمال لتنمية المشاريع الصغيرة وتحفيز الطاقات الشابة للمبادرة في ريادة الأعمال”.
إضافة إلى “الوصول لشراكات استراتيجية على المستويين الداخلي والخارجي في قطاع الاستثمار، وضع خارطة للاستثمار من منظور التنمية المستدامة”.
وسيركز المؤتمر حسب القائمين عليه، على محاور “دعم الاستثمار في البعد السياسي والأمني والقانوني، وبحث “واقع الاستثمار في قطاعات الزراعة والتجارة والصناعة، والبناء والتشييد”، وواقع “المدن الصناعية والمناطق الحرة”.
إضافة إلى بحث سيناريوهات “بناء صنّاع الاستثمار”، و”متطلبات تأهيل البنية التحتية كمحفز للمستثمر”، و”توفير مصادر التمويل والمؤسسات المالية”، إضافة لـ”دور السلطة السياسية في الاستثمار”.
وقال وزير المالية والاقتصاد في “الحكومة السورية المؤقتة”، الدكتور عبد الحكيم المصري، إن الهدف الأساسي من المؤتمر “لفت الانتباه للمناطق الصناعية الموجودة في المناطق المحررة وما فيها من إمكانيات”.
وضع خارطة استثمار
وأضاف المصري في حديث لـ”السورية.نت” أن من أهداف المؤتمر”بحث التحديات القائمة” في مناطق شمال غربي سورية، وإيجاد حلول لمواجهتها “من خلال تقييم واقع الاستثمار وتحديد المتطلبات”.
وبحسب المصري، فإن هناك عدة محاور سيعمل عليها المؤتمر، من أبرزها “وضع خارطة للاستثمار كونه يدفع العجلة الاقتصادية إلى الأمام، ويؤمن فرص عمل للشباب”.
ويرى أن أدوات نجاح هذا المؤتمر “هي العمل كفريق واحد”، منوهاً إلى أن “الهيئة العلمية للمؤتمر تتألف من أساتذة ودكاترة اكتسبوا خبراتهم من دول عديدة، كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا ودول أوروبية وعربية متنوعة”.
وأوضح أن “الحكومة المؤقتة”، تحاول “التشجيع على الاستثمار من خلال حماية الصناعة المحلية، وتخفيف الرسوم الجمركية للمواد الأولية، وتخفيف رسوم الصادرات، وتأمين الطاقة والبنية التحتية والتشريعات المناسبة”.
وأكد المصري التواصل عبر الوزراة مع مستثمرين سوريين يقيمون خارج البلاد، لتشجيعهم على افتتاح مشاريع في مناطق شمال غربي سورية، مشيراً إلى أن نسبة كبيرة منهم، لا تزال ترى أن “المنطقة غير مستقرة لتكون بيئة استثمارية مناسبة”.
وأعرب عن أمله في أن “يساهم المؤتمر في تشجيع الاستثمار”، بمناطق شمال غرب سورية، مع “إيجاد حلول للتحديات الدولية الخارجة عن إرادة القائمين على المنطقة مثل الاعتراف بالأوراق الثبوتية الصادرة عن المؤسسات الحكومية في المنطقة”.
من جانبه أكد نقيب “الاقتصاديين الأحرار” في حلب، محمد عثمان لـ”السورية. نت”، أن النقابة تعمل مع وزارة المالية والاقتصاد في الحكومة على التواصل مع كافة المهتمين بالملف الاستثماري في المنطقة و”وجهت دعوات لمستثمرين عرب وسوريين”.
تحديات الاستثمار
وتوجد خمس مناطق صناعية في ريف حلب الشمالي، منطقة إعزاز الصناعية، وتقع شمال غربي حلب وتضم مساحات مخصصة لصناعات متنوعة، والثانية منطقة الراعي الصناعية وتحتوي بشكل أساسي على ورشات حرفية.
إضافة إلى منطقة جرابلس الصناعية، وتركز بشكل أساسي على الحرف، ومنطقة الباب وتعتبر منطقة “خاصة” تملكها القطاعات الخاصة وتضم مساحات للصناعات المتنوعة، ومنطقة مارع الصناعية: وهي منطقة حديثة الإنشاء في شمال حلب.
وتشهد المنطقة عدة تحديات من أجل جذب المستثمرين، أولها العامل الأمني الذي يعد من المتطلبات الأساسية لجذب الاستثمارات وتحفيز النمو الاقتصاد.
وكانت مناطق ريف حلب شهدت سابقاً عدة تفجيرات من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” و”قوات سوريا الديمقراطية”.
وفي تصريح سابق للباحث الاقتصادي في مركز عمران للدراسات مناف قومان، لـ”السورية.نت” أنّ “إحدى أبرز معوّقات الاستثمار التي تعترض المستثمرين والصناعيين سواء في إدلب أو ريف حلب، هي العامل الأمني”.
وأضاف قومان، المشارك في المتؤتمر بورقة بحثية، “بتصوري بدأنا نلمس مؤشرات أمان نسبي في المنطقة، وهو ما يمكن أن يجذب استثمارات عالية المخاطر ـ أي المستثمرين الذين يفضلون الاستثمار في الأماكن الخطرة”.
ويؤكد قومان على “أهمية توفر أوراق رسمية ثبوتية للمستثمرين في منطقة شمالي غربي سورية، تحظى بشرعية قانونية سواء في الداخل أو الخارج، تحمي أملاك واسم صاحب الاستثمار”.
ومن جملة المعوّقات التي يتحدّث عنها قومان، “غياب البيئة المالية في ظل غياب المصارف والمؤسسات المالية، ما يحدّ من حركة رأس المال، وكذلك غياب (الجسم الحوكمي) الذي يفصل بين المستثمرين المتنازعين في المنطقة، أو حضوره بصورة ضعيفة”، مشيراً إلى “أهمية الأمان المالي والاقتصادي من ناحية قيمة العملة وتضخّم الأسعار وتوفّر الكفاءات العاملة”.