أثار القصف الإيراني على باكستان، الثلاثاء الماضي، مخاوف من تصعيد الصراع بين الجارتين، وسط دعوات للتهدئة من قبل أطراف دولية.
وحول دوافع القصف الإيراني، نقلت وكالة “رويترز” عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين، بأن “القصف كان مدفوعاً بجهود طهران لتعزيز أمنها الداخلي”.
وحسب المحلل في مجموعة أوراسيا الاستشارية للوكالة، جريجوري برو، فإن “ضربات طهران كانت مدفوعة إلى حد كبير من تزايد المخاوف بشأن التهديد المسلح المحلي في أعقاب الهجوم الدامي في كرمان”.
وقال برو إن “هناك الكثير من الضغوط الداخلية لفعل شيء ما، والقيادة تستجيب لهذا الضغوط”.
وكانت مدينة كرمان جنوبي طهران شهدت، في 3 من الشهر الحالي، تفجيرين خلال إحياء ذكرى مقتل قائد “فيلق القدس”، قاسم سليماني، بقصف أمريكي على بغداد عام 2020.
وأدى التفجير، الذي تبناه تنظيم “الدولة الإسلامية”، إلى مقتل أكثر من 100 شخص.
وأعلنت إيران، الثلاثاء الماضي، استهدافها قواعد لجماعة “مناهضة لها” داخل الأراضي الباكستانية، ما أدى إلى مقتل طفلين وإصابة مدنيين.
ويعتبر القصف من أقوى الهجمات الإيرانية عبر الحدود على جماعة “جيش العدل” في باكستان، التي تعتبر إيران أن لها صلات بتنظيم “الدولة الإسلامية”.
وعقب ذلك نفذ الجيش الباكستاني سلسلة ضربات عسكرية على مواقع في إيران، أمس الخميس، قال إنها استهدفت “مواقع إرهابيين في إقليم سيستان وبلوشستان الإيراني”.
وكانت وكالة “رويترز” نقلت عن مصدر استخباراتي باكستاني أن طائرات باكستانية دخلت المجال الجوي الإيراني، وعادت بعد استهداف مخابئ المطلوبين “بنجاح”.
وأضاف أن “المسلحين المستهدفين ينتمون إلى جبهة التحرير البلوشية”، في إشارة إلى جبهة تحرير بلوشستان الانفصالية، التي تطالب باستقلال إقليم بلوشستان عن باكستان.
ونقلت “رويترز” عن مصدر إيراني مقرب من رجال الدين الحاكمين في البلاد، أن تفجير كرمان هو “إحراج للقيادة”، الأمر الذي أظهر أن الأمن الإيراني “ضعيف”.
وقال إن هناك “قلق بين الإيرانيين بشأن انعدام الأمن في البلاد”، مضيفاً أن “مثل هذه الهجمات الإرهابية ستواجه رداً ساحقاً من جانب إيران”.
كما نقلت عن مسؤول أمني إيراني كبير بأن “إيران قدمت لباكستان أدلة على أن جيش العدل متورط في هجوم كرمان، ونسقت لوجستياته، وطلبت من باكستان التحرك ضده”.
وأضاف المسؤول أن “إيران حصلت على أدلة تشير إلى أن أعضاء في الجماعة كانوا من بين عدد من المتشددين الذين يخططون لمزيد من الهجمات في إيران”.
وقال برو إن “الضربات الصاروخية كانت علامة على نفاد صبر طهران”، التي تضغط على إسلام آباد منذ سنوات للتعامل مع وجود مسلحين بالقرب من حدودها.
وأضاف أن القصف الإيراني هدفه “الإشارة إلى تصميم طهران، لكل من الأعداء والحلفاء، على الدفاع عن نفسها في سياق الأزمة الإقليمية بشأن غزة”.
وتزامن القصف الإيراني مع لقاء بين رئيس وزراء باكستان المؤقت أنوار الحق كاكار، مع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في سويسرا على هامش اجتماع منتدى دافوس.
كما سبق الهجوم الإيراني زيارة ممثل الرئيس الإيراني وسفير طهران في أفغانستان، حسن كاظمي، إلى إسلام آباد بهدف تشكيل لجنة ارتباط التنسيق الإقليمي بشأن التعامل مع أفغانستان.
ويأتي ذلك في ظل دعوات لضبط النفس وتخفيف التصعيد في المنطقة، حيث أعرب المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، عن قلقه من التوتر المتزايد في المنطقة.
ودعا إلى “أقصى درجات ضبط النفس، وحل طهران وإسلام آباد جميع مشاكلهما بالوسائل السلمية والحوار والتعاون”.
من جانبه أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، أن واشنطن “تتابع عن كثب التوتر بين البلدين”، مضيفاً أنها لا تريد تصعيداً في جنوب آسيا وآسيا الوسطى.