شهدت العاصمة الأردنية عمّان اجتماعاً رباعياً على مستوى وزراء داخلية الأردن ولبنان والعراق والنظام السوري، صباح اليوم السبت.
وقال وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع إنه “تم تأسيس خلية اتصال مشتركة مع العراق وسورية”، من أجل تتبع شحنات المخدرات حتى وجهتها النهائية.
ويوجد في الخلية ضباط ارتباط لمتابعة المعلومات، حسب الفراية.
وأضاف أنها “تعنى بتبادل الخبرات والتدريب والقدرات ومتابعة المعلومات سواء السابقة أو اللاحقة والتسليم المراقب، وهو تتبع الشحنات الخارجة من الدول إلى وجهتها النهائية”.
كما أكد على أنهم اتفقوا “على وجود مشكلة كبيرة وهي مشكلة المخدرات، وأن جميع المجتمعات تعاني من هذه المشكلة”، مبيناً أن “الدول تعمل على المستوى الوطني للتعامل مع هذه الظاهرة”.
وحضر الاجتماع إلى جانب الفراية نظيره العراقي عبد الأمير الشمري واللبناني بسام مولوي ووزير خارجية نظام الأسد، محمد الرحمون.
ومشاركة الرحمون وهي الأولى من نوعها لمسؤول في نظام الأسد بعد التوترات الأخيرة التي حصلت بين الأخير والأردن، وعكستها بيانات وزارة الخارجية.
ورغم أن مسؤولين في النظام سبق وأن عقدوا اجتماعاً في عمّان مع نظرائهم الأردنيين، تأتي الخطوة الحالية في أعقاب العمليات المتصاعدة لعمليات تهريب المخدرات، والتي تطورت إلى حد تمرير الأسلحة والمتفجرات والذخائر.
“تراشق وإيحاءات”
ويتهم مسؤولون أردنيون بشكل متكرر ميليشيات مدعومة من قبل إيران ونظام الأسد، بالوقوف وراء عمليات التهريب.
وعقب تصاعد المحاولات مؤخراً ووصولها إلى حد إدخال أسلحة وذخائر، شن الأردن غارات جوية في ريف السويداء ودرعا بالجنوب السوري.
وأسفرت الغارات عن وقوع ضحايا مدنيين بينهم أطفال ونساء، ما أثار استياء وغضب الأهالي.
كما دخلت قوات من الجيش الأردني، “المنطقة الحرة” شرق السويداء، وألقت القبض على عدد من المهربين.
وأصدرت خارجية النظام الشهر الماضي بياناً اعتبرت فيه أن العمليات العسكرية الأردنية “لا مبرر لها”.
كما اعتبرت أن التصعيد الأردني، السياسي والإعلامي والعسكري، خلال الأشهر الماضية “لا ينسجم إطلاقاً مع ما تم الاتفاق عليه بين اللجان المشتركة من الجانبين حول التعاون”.
وبينما أشار البيان إلى تقديم النظام “مقترحات إلى الأردن للقيام بخطوات عملية من أجل ضبط الحدود”، أكد أن عمان تجاهلت المقترحات ولم يتلق أي استجابة من الجانب الأردني.
وذكّر النظام الأردن بمسؤوليته وراء إدخال الأسلحة من الحدود والمقاتلين إلى سورية منذ سنة 2011، وفق البيان.
من جانبه أصدر الأردن بياناً بعد ساعات أكد فيه أن النظام السوري لم يتخذ “أي إجراء حقيقي لتحييد خطر تهريب المخدرات”.
كما رفض البيان الأردني “أي إيحاءات بأن الحدود الأردنية كانت يوماً مصدراً لتهديد أمن سورية أو معبراً للإرهابيين”.
“لذر الرماد في العيون”
ويعتقد الخبير الأمني والاستراتيجي الأردني، عمر الرداد أن الاجتماع الرباعي “يبدو روتينياً”، ويقول إن “لجان الاتصال التي تم الإعلان عن تأسيسها موجودة سابقاً، وخاصة مع سورية ولبنان”.
ولم تسفر هذه اللجان في السابق عن أي نتيجة إيجابية على صعيد إيقاف عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود، كما يضيف الرداد لموقع “السورية.نت”.
ويوضح الخبير الأمني أن الأردن “يريد من خلال الاجتماع الرباعي إظهار وجود تعاون على المستوى الرسمي مع لبنان والعراق وسورية، والسلطات المعنية مثل الداخلية وهيئات مكافحة المخدرات”.
لكن في المقابل وبالنسبة للدول الثلاث (العراق، سورية، لبنان) لازال السؤال مطروحاً حول قدرة وسيطرة الحكومات فيها والسلطات على “متابعة شبكات تهريب المخدرات وعمليات التصنيع وفرض السيطرة”.
ويتابع الرداد: “هل تستطيع وزارة الداخلية اللبنانية إغلاق مصنع كبتاغون في البقاع اللبناني؟ وقس على ذلك في سورية. هل تستطيع الحكومة تحقيق ذلك، وهي المتهمة بالتعاون مع شبكات المخدرات في الجنوب السوري؟”.
وعلاوة على ذلك تبرز تساؤلات عن قدرة الحكومة العراقية ووزارة الداخلية في بغداد في إحراز أي تقدم على صعيد عمليات التهريب، ولاسيما مع وجود “الحشد الشعبي”، وميليشيات موالية لإيران، وهي المتهمة بقيادة عمليات التصنيع والتهريب، وفق الردار.
ويعتبر الخبير الأمني أن “الاجتماع بالنسبة للأطراف بمثابة ذر الرماد بالعيون”.
ومن خلاله يحاولون القول إن “هذه السلطات والحكومات تتعاون مع الأردن وتعرض التنسيق”.
ولا يعتقد الخبير الأمني أنه “سيترب على الأطراف أي شيء”، وأن “القرارت التي اتخذت فيه نوعية أو من شأنها أن تخفف من عمليات التهريب اتجاه الأردن”.
ويردف بالقول: “الأيام القادمة القليلة ستكشف مدى التزام هذه الحكومات بما تم الاتفاق عليه، وعلى الأقل في مجالات التنسيق الأمني أو ضبط عمليات التهريب”.