إلزام الشراء والبيع عبر المَصارف..كيف سيؤثر على السوق والليرة؟
القرار مُلزم لتوثيق نقل ملكية العقارات والسيارات
أصدر مجلس الوزراء التابع لنظام الأسد، منذ يومين، قراراً جديداً “يُلزم الجهات العامة المخولة قانوناً مَسكَ سجلات ملكية العقارات والمركبات بأنواعها والكتاب بالعدل، بعدم توثيق عقود البيع أو الوكالات المتضمنة بيعاً منجزاً وغير قابل للعزل، قبل إرفاق ما يشعر بتسديد الثمن أو جزء منه في الحساب المصرفي للمالك، أو خلفه العام أو الخاص أو من ينوب عنه قانوناً”، حيث سيتم تطبيقه حسب “سانا”، اعتباراً من منتصف فبراير/شباط القادم.
وحسب القانون الصادر بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني، والذي تم تعميمه في الصحف الرسمية، فإنّ اتمام عملية الفراغ في عمليات البيع بعد تاريخ 15 فبراير/شباط القادم، لن تكون ممكنة، ما لم يتم ارفاقها بوثيقة الإشعار المصرفي، سواء كانت صادرة عن مصرف عام، أو مصرف خاص مرخص أصولاً.
كيف سيتأثر سوق العقارات؟
وحول تبعات تأثير هذا القرار على سوق العقارات والبائعين، قال المحامي السوري خالد (ر)، إنّ “القرار الأخير ستكون له تبعات عديدة، ويُسبب جمود كبير في السوق، كونه يفرض قيود على البائعين ويجبرهم على إيداع أموالهم في البنوك وعدم الحصول عليها لفترة طويلة”.
وأوضح المحامي المقيم في اللاذقية لـ”السورية.نت”، أنّ “قيمة العقارات المودعة في البنوك، ستخضع لنظام المصارف، سواء كانت حساب جاري أو وديعة، بحيث لا يستطيع الشاري سحب المبلغ بالكامل بشكل مباشر، وإنما بسقف أعلى حددته البنوك بما لايتجاوز 209 آلاف في الأسبوع الواحد، وبالتالي فإنّ البائع قد يحتاج لشهور طويلة للاستفادة من هذا المبلغ”.
وأضاف المحامي الذي طلب عدم ذكر اسمه الكامل، لكونه يقيم في المناطق الخاضعة لنظام الأسد، أنّ “ما يتداوله البعض عن إمكانية تسجيل أرقام وهمية لعمليات البيع، للتخلص من قيمة الضرائب العالية التي ستفرض على البائعين، ووضع جزء فقط من قيمة البيع في البنك، ستكون غير واردة لأنّ السعر سيخضع أيضا لتخمين المالية قبل اقرار عملية الفراغ”.
وأشار المحامي، إلى وجود عقبات لوجستية لتطبيق القرار و”أبرزها الروتين الكبير في فتح الحسابات البنكية للمواطنين، والصعوبات المرافقة له، وقلة الصرافات”، وهو الأمر ذاته الذي نقلته مواقع موالية عن مدير في المصرف التجاري السوري، إذ أقر الأخير، بوجود عراقيل تمنع تطبيق القرار” بسبب صعوبات تطوير وتحديث النظام المصرفي التقني المعمول به”.
من جانب آخر تحدث عضو “لجان التنسيق المحلية” في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي، عن الصعوبات الكبيرة التي سيخلقها القرار للمواطنين، مشيراً إلى أنه “يندرج في اطار الابتزاز الذي يمارسه النظام على الشعب”.
وقال جبلاوي في حديثه لـ”السورية.نت”، إنّ” اجبار الناس على وضع أموالها في البنك، ودفع عمولة على عمليات السحب المستمرة، ودفع ضرائب باهظة على عمليات البيع لصالح النظام دون وجود مردود فعلي لهذه الضرائب على الأرض، وعلى معيشتهم ما هو إلا استمرار لعملية خنق الناس”.
وأشار الناشط إلى أن القرار الجديد، سيصعّب أيضاً على السوريين المتواجدين في الخارج، إمكانية التصرف بممتلكاتهم “كونهم لا يملكون حسابات مصرفية في البنوك السورية، وبالتالي يجبرهم على الاعتماد على سماسرة أو وكلاء، لإتمام هذه العملية، ما يزيد خطورة زيادة عمليات النصب”.
وتوقع جبلاوي أن يتكرر سيناريو مصارف لبنان في سورية، من خلال حد عمليات السحب من المصارف بشكل أكبر، وفقدان قيمة هذه الأموال، من خلال المدة الطويلة التي سيجبر البائعون على تركها، مع استمرار انخفاض قيمة العملة السورية.
أهداف القرار
يأتي هذه القرار بالتزامن مع استمرار تدهور انخفاض الليرة السورية، مقابل باقي العملات، خاصة الدولار، وتشديد النظام لقبضته الأمنية على من يتعامل بالقطع الأجنبي في البلاد.
وحول فائدة هذا القرار بالنسبة للنظام، وإمكانية تحسن صرف العملة السورية، قال الخبير الاقتصادي حسن شاهين، قال إنّ القرار يهدف إلى “سيطرة البنك المركزي على الكتلة النقدية في البلاد، والتقليل من المعروض من العملة في الأسواق، لزيادة الطلب عليها، وبالتالي تحسين سعرها ، كما يمّكن النظام من تحقيق عائدات مالية أكبر من المواطنين بسبب الحد من عمليات التهرب الضريبي الواسعة التي تنتشر في البلد”.
لكن شاهين، يرى أنه ورغم هذا الأمر، فإنّ إمكانية تحسن سعر صرف الليرة سيبقى محدوداً، لاسيما مع قرب تطبيق قانون “قيصر” لأنّ “البنك المركزي يعاني أصلا من إمكانية التدخل في الأسواق وضخ عملات أجنبية، بسبب عدم امتلاكه احتياطات مرتفعة، وبالتالي سيبقى الطلب أكبر من المعروض”.
ونوّه الخبير الاقتصادي، خلال حديثه لـ”السورية.نت”، إلى أنّ “اتجاه النظام للتدخل بعمليات البيع والشراء، يعني أن البنك المركزي استنفذ معظم أدواته المعروفة عالمياً، للتدخل في الأسواق مثل الفائدة والضخ، وبالتالي فإنّ تجريم التعامل بالعملات الأجنبية، وماشهدناه مؤخراً من إغلاق شركات التحويل والصرافة، يؤكد أن الاقتصاد السوري متجه نحو مزيد من التدهور”.
وكان نظام الأسد، شن مؤخراً حملة أمنية واسعة، تلت اقرار المرسوم الرئاسي الذي جرم تداول أسعار الصرف، إلا وفق نشرة البنك السوري المركزي، التي مازالت تُحدد سعر صرف الليرة، بـ434 أمام الدولار، فيما وصل السعر الحقيقي إلى أكثر من 1150 هذا الأسبوع.