وباء “كورونا” لا يُبدد مخاوف نازحين مع تنفيذ اتفاق “m4” بإدلب
رغم أن المخاوف من “كورونا”، باتت هي الهاجس الأول، هذه الأيام، في مختلف دول العالم، سوى أن مخاوف إضافية، تؤرق حياة عشرات آلاف النازحين، من مناطقهم في إدلب.
إذ أنه و مع بداية تنفيذ الاتفاق التركي الروسي، حول الطرق الدولية وتسيير دوريات مشتركة بين الطرفين، تلوح في الأفق العديد من التساؤلات حول مستقبل المناطق التي تقع على طريق اللاذقية – حلب (M4)، ووضع السكان في مدينتي أريحا وجسر الشغور، لاسيما مع حديث نظام الأسد، عن أن هذه المناطق ستصبح تحت سيطرته.
وبعد يومين، من حديث مستشارة بشار الأسد، بثينة شعبان، عن أن “منطقتي جسر الشغور وأريحا في ريف محافظة إدلب ستعودان إلى سيطرة الجيش العربي السوري، بمجرد تطبيق الاتفاق الموقع بين روسيا وتركيا”، جاء تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاوييش أوغلو في 10 مارس/آذار الجاري، ليزيد مخاوف أهالي المنطقتين، إذ قال إن “جنوب الطريق الدولي M4 سيخضع للرقابة الروسية وشماله سيكون تحت رقابتنا”.
مصير أريحا والجسر:
وفي حال تطبيق الاتفاق على هذا النحو، فإن عشرات الآلاف من السكان القاطنين في بلدات هذه المناطق، سيكون عليهم الاختيار بين النزوح أو البقاء بوجود نظام الأسد، وهو الأمر الذي انعكس على الأرض باحتجاجات واعتصامات للأهالي على الطريق ترفض تنفيذ الاتفاق على هذا النحو.
ويقول الناشط الاعلامي المقيم في مدينة ادلب، عبد الله خليل، إن مخاوف “كبيرة لدى الأهالي” دفعتهم منذ يوم الجمعة 13مارس/أذار، للتجمهر تحت جسر أريحا على الطريق الدولي، رفضاُ للاتفاق الروسي التركي.
وأوضح الناشط أنه ثمة غموض كبير في الاتفاق، خاصة حول وضع هذه المناطق، لاسيما مع إعلان تركيا أن 6 كم جنوبي الطريق ستكون تحت سيطرة روسيا، مضيفا أن سكان أريحا النازحين حتى الآن لم يعودوا إلى منازلهم انتظارا لتبين الموقف.
من جانب آخر نفى القائد العسكري في “الفرقة الأولى الساحلية” التابعة لـ “الجبهة الوطنية للتحرير” أبو يزن الشامي، أي نية للفصائل للانسحاب من جسر الشغور وسهل الغاب (المناطق التي تقع جنوب الأتستراد الدولي) مبينا أن “اتصالات أجراها عسكريون في الفرقة مع نقطة المراقبة التركية في جسر الشغور، كان فحواها أن الاتفاق ينص على تسيير دوريات فقط دون انسحاب الفصائل من هذه المناطق”.
وأكد القيادي العسكري، لـ”السورية.نت”، أنّ اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين “هش للغاية” لاسيما مع استمرار قوات النظام بقصف قرى سهل الغاب المحاذية وقمة كبانة، مضيفا أن “الفرقة رصدت حشود عسكرية كبيرة للنظام في جورين وسهل الغاب”.
من جانبه قال مؤيد غرقان، من سكان مدينة جسر الشغور، إن الأهالي في حالة ترقب وارتباك، مضيفاً أن عدد قليل من الأهالي نزح، فيما بقي القسم الأكبر منهم بعد تطمينات وجهاء في المدينة، قالوا إن النقطة التركية أكدت لهم حمايتها للمنطقة من أي تقدم عسكري محتمل للنظام.
لماذا لم يعد النازحون؟
ورغم مرور نحو 20 يوماً، على قرار وقف إطلاق النار، بين روسيا وتركيا، والإعلان عن إمكانية عودة النازحين إلى مناطقهم، إلا أن أعداد العائدين كانت قليلة جداً وفق تأكيد جهات محلية وإغاثية.
وفي هذا السياق، ذكر عاطف نعنوع مدير “فريق ملهم التطوعي”، في تصريح لـ”السورية.نت”، أن “الوضع على ماهو عليه قبل الهدنة ولم نسجل عمليات عودة إلى المناطق والقرى رغم قرار وقف إطلاق النار” مضيفا أن “النازحين لا زال معظمهم غير مؤمن بالهدنة ومتأكد من عزم النظام خرقها خاصة أن لديهم الكثير من التجارب مع هذه الاتفاقات”.
وأضاف نعنوع أن آلاف النازحين، لازالوا بوضع صعب في خيم تحت الأشجار، وقرب الحدود التركية، مؤكدا أن معظمهم يرفض العودة لمناطقهم في حال وجود قوات النظام.
من جهته، علاء نعنوع، وهو نازح من قرية معارة النعسان بريف حلب الغربي، ويقيم حالياً على الحدود السورية التركية، تسائل في حديث مع “السورية.نت”، عن معنى عودة النازحين إلى بيوتهم وقوات النظام أصبحت على أبواب قراهم وبيوتهم.
واضاف:”لآلاف هنا نزحوا من الاتارب وجبل الزاوية و معرة النعمان وسراقب وأريحا وغيرها، كيف يمكن أن نعود والنظام هناك أو على الأبواب؟”.
ورأى نعنوع أن “الفصائل خسرت عسكرياً طريق دمشق حلب، وسياسياً طريق اللاذقية – حلب” مضيفاً أن “الجزء الأهم من مطالبنا وتصريحات تركيا حول عودة النازحين إلى مناطقهم وانسحاب قوات النظام من هذه المناطق لم ينفذ”.
أما محمود عربش وهو من سكان قرية احسم بجبل الزاوية، فرغم زيارته لمنزله قبل عدة أيام، إلا أنه فضل العودة لبلدة سرمدا التي نزح إليها، انتظارا لتبيان موقف طريق اللاذقية – حلب كما يقول، وخوفاً من محاصرته إذا ما تم تسليم المنطقة للنظام.
ماهي المنطقة الآمنة؟
ومع توقف جبهات القتال وإعلان تركيا عزمها تحويل قرار وقف إطلاق النار من مؤقت إلى دائم، وعدم التطرق لموضوع انسحاب النظام من المناطق التي سيطر عليها مؤخراً، وإخضاع طريق اللاذقية – حلب لدوريات مشتركة، بدأت تظهر تساؤلات حول مصير ما تبقى من محافظة إدلب، وما هي “المنطقة الامنة” التي ستخصصها تركيا للنازحين لابعادهم عن حدودها.
وحول هذا الموضوع، قال قائد عسكري سابق في “جيش العزة”، فضل عدم ذكر اسمه لأسباب خاصة، إن الاتفاق الأخير ينص صراحة على تسليم الطرق الدولية للنظام وخسارة مدن استراتيجية مثل معرة النعمان وسراقب وأريحا وجسر الشغور، ولو بتفاصيل متغيرة كإمكانية عودة دوائر النظام فقط إلى هذه المناطق، مقابل إبقاء مدينة إدلب وشمالها تحت نفوذ تركيا وجعلها منطقة آمنة للنازحين.
وأوضح القيادي في حديث لـ”السورية.نت”، أن “الاتفاق على هشاشته أرضى كل من روسيا وتركيا”، متوقعاً في الوقت ذاته أن تبدأ تركيا باتخاذ خطوات على الأرض لدمج الفصائل العسكرية وتنظيمها تحت قيادة” الجيش الوطني السوري” وتحويل مدينة إدلب وشمالها إلى منطقة مثل “درع الفرات” و”غصن الزيتون”.
وكان” فريق منسقو استجابة سوريا” أصدر بيانا في 8مارس/ آذار الجاري، حول وضع النازحين على الحدود السورية التركية، قال فيه إن الفريق وثق نزوح أكثر من مليون شخص في شمال غرب سورية، منذ أكتوبر/تشرين الأول الثاني 2018، وحتى تاريخ وقف إطلاق النار المتفق عليه في 6 مارس/آذار الجاري، قرابة نصفهم من الأطفال، مضيفا أن أكثر من 100 ألف شخص من هؤلاء نزحوا أربع مرات.
وأوضح التقرير ذاته أن 108,565 نازح من بين هؤلاء يقيم حالياً في العراء وتحت الأشجار و387,622 نازح يقيمون في مخيمات عشوائية ومنتظمة.