رغم أن الحركة تبدو طبيعية، في مركز خدمة الزبائن، التابع لشركة “سيريَتل”، بساحة “المرجة”(الشهداء) بدمشق، إلا أن خلف جدرانِ الصالة الكبيرة التي تتوزع فيها مكاتب موظفي “خدمة الزبائن”، ثمةً قلقٌ طارئٌ في مكاتب المدراء؛ المُراقبينَ لعمل الموظفين، ولكل ما توردهُ وسائل الإعلام من أخبارٍ جديدة، حول شاغل سورية هذه الأيام؛ أي “الأستاذ رامي”(كما يُعرف بأروقة سيريَتل).
زلزالٌ وَ وجومْ
يقول أحد موظفي الشركة، إن “الوجوم سيد الموقف..جميع الموظفين حولي بحالة ترقب، غيرَ أن معالم القلق الأقرب للرعب، ستجدهُ عند المدراء الكبار(المدراء التنفيذيين ومدراء الأقسام وعموم مدراء الصف الأول والثاني)”، لكون بعضهم بات يخشى أن يتم اعتقاله، كما حدثَ مع نظرائه.
يضيف ذات المتحدث، وهو ثلاثينيٌ مضى على وجوده بـ”سيرتيل” خمس سنوات:”ما يجري الآن زلزال. أن تكون موظفاً في سيرتيل، يعني أن تَمُرَّ على الحواجز الأمنية دائماً بسلاسة، بل ومع تحية أحياناً. ثمة ارتياحٌ عند عموم الموظفين طيلة السنوات التسع السابقة، أنهم يعملون في شركة الأستاذ رامي(..)هذا يمنحُ موظفي الشركة(مدراء تحديداً، ومن تحتهم بدرجة أقل) امتيازاتٍ جيدة وأريَحيّة”، لكن “ما يحري الآن زلزال”.
فـ”الامتيازات والأريَحيّة”، باتت “اتهامات و ورطة”، إذ أن المشهد انقلب دراماتيكياً، رأساً على عقب، اعتباراً من 1 مايو/أيار الحالي، مع أول ظهورٍ لمخلوف على “فيسبوك”، ثم يوم الثالث من ذات الشهر مع الفيديو الثاني، خاصة لأصحاب المكانة الكبيرة في الشركة، الذين باتوا يخشون ملاقاة مصيرِ زملائهم، القابعين الآن في سجون مخابرات النظام.
وبعد يومين من أول ظهور لرامي مخلوف في الفيديو الأول، بدأت الاعتقالاتُ فعلياً، لمدراء “قادة” في “سيرتيل”، فجر الأحد الماضي، حيث انفردَ موقع “السورية.نت”، بنشر قائمة أبرز المدراء المُعتقلين يومها، وشملت كل من المدراء التنفيذيين في الشركة؛ سهيل صهيون(لبناني)، مدير الموارد البشرية، وبشر مهنا، مدير العلاقات الحكومية(ويشغل مناصب أخرى)، وبسام حتاملة(أردني)، المدير المالي العام.
كما طالت حملة الاعتقالات، التي نفذتها دورياتٌ أمنية، داهمت منازل الشخصيات المذكورة نحو الثانية ليلاً، مدراء “كبار” آخرين، في قسمي المحاسبة والمالية، بينهم محمد دوماني، ورضوان حداد، إضافة لمدير قسم الإعلام في الشركة، وهو علاء سلمور.
اعتقالاتٌ جديدة
لم تتوقف حملة الاعتقالات، عند الأسماء السابقة، بل واصلت أجهزة النظام الأمنية، في الساعات التالية، شن حملةٍ جديدة، حسبما أكد لـ”السورية.نت”، مديرٌ سابق، في شركة “سيريَتل”.
وقال المتحدث، إن دوريات “من فرع الخطيب، داهمت نحو الخامسة من فجر الاثنين، منازل مدراء آخرين، في أقسام المشتريات والتسويق، من بينهم؛ فراس مرادي، وتوفيق طواشي، وهناك شخصيات أخرى”.
وحسب معلوماتٍ أخرى، وصلت لـ”السورية.نت”، من موظفين في “سيريَتل”، فإن المديرة العامة للشركة ماجدة صقر(لبنانية الجنسية)، تواصل عملها “عن بعد، وتجيب أو ترسل رسائل من بريدها الالكتروني لتسيير العمل”.
منشوراتُ “تضامن” حُذفتْ
وقالت نفس المصادر، إن “بعض موظفي ومدراء سيرتيل، قلصوا نشاطاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي(…)البعض حذَفَ في اليومين الأخيرين، منشورات قديمة، تُعبّرُ عن اعتزازٍ بانتمائه لسيريَتل”.
وراجت هذه المنشورات، في الأسابيع القليلة الماضية(قبل ظهور مخلوف) كتعبيرٍ عن التضامن مع الشركة، عندما بدأت تخرج للعلن، أنباء ملاحقة وزارتي المالية و الاتصالات، لسيريتل، لدفع ما عليها من مستحقات، واحتمال أن تواجه “سيريَتل”، مصيراً سيئاً، مع حجزٍ احتياطيٍ طبّقته حكومة النظام على أموال مخلوف، الذي اعتبر أن قرار الحجز، لم يتوخى “الإجراءات والأصول القانونية”، في تصريحٍ نشرته جريدة “الأخبار” اللبنانية، أوائل فبراير/شباط الماضي.
بموازاة ذلك، لا يخفِ موظفون في الشركة “الشماتة” ولو همساً، بمصير بعض المدراء الذين يقبعون الآن، بسجون النظام، ومنهم مدير الموارد البشرية، سهيل صهيون، إذ وبحسب مصادر في “سيريَتل”، فإن الأخير “مشهور بعنجهيته، وضبط الآراء السياسية للموظفين، الذين يجب حسب سلوكه الحاد، أن يكونوا موالين لنظام الأسد دون أي تحفظ”.
لكن هذا السلوك، لا ينسحبُ على كافة من تم اعتقالهم، إذ بيّنت مصادر “السورية.نت”، بأن من المُعتقلين، من “لا ناقة لهم ولا جمل بكل الخلافات الحاصلة بين أركان النظام..هم موظفون يعملون بخبراتهم ومهاراتهم”.
قلقٌ عام.. يتعاظم في مستوياتٍ قيادية
تتفرع الهرمية الوظيفية في “سيريَتل”، إلى ستة أقسام، أو مستويات.
المستوى السادس، موظف (مثل موظفي خدمة الزبائن ونظرائهم)، أو ” agent”.
المستوى الخامس، قائد فريق(بين 5 و12 موظف)، أو ” Team Leader”.
المستوى الرابع، مُشرف(يُدير عمل قادة الفرق)، أو ” supervisor”.
المستوى الثالث، مُدير قيادي، أو ” manager”.
المستوى الثاني، رئيس قسم، أو ” head of section”.
المستوى الأول، مدير تنفيذي، أو ” Executive Director”.
وبينما يسود القلق، بين عموم الموظفين هذه الأيام، حول ضبابيةٍ تلفُ المشهدَ سريع التطور، فإن الخوفَ يتعاظم، كلما ارتقى المستوى الوظيفي، وخاصة في المستويات الثلاثة القيادية، ويزداد حدة كلما ارتقى المنصب، وصولاً للمستوى الأول.