يمكن القول إن القانون يستهدف الأشخاص والشركات الروسية والإيرانية بشكل رئيسي وكل شركة أو شخصية تحاول أن تقدم الدعم لنظام الأسد بشكل عام، وهو ينص على مجموعة عقوبات في قطاعات النفط والطيران والمالية وإعادة الإعمار بشكل رئيسي، إذ ينص القانون أنه يجب على وزارة الخزانة الأميركية في موعد لا يتجاوز ١٨٠ يوماً أن تقرر فيما إذا كان البنك المركزي السوري مؤسسة تعنى بغسل الأموال وبالتالي يجب فرض العقوبات عليها، فإذا ما قرر وزير الخزانة مينوتشين في تقريره أن البنك المركزي مؤسسة لغسل الأموال فسيتم وضع البنك على لائحة العقوبات وبالتالي تحظر أية مؤسسة مالية من التعامل معه وخاصة المصرف المركزي اللبناني والمصارف الخاصة وهو ما يعني نهاية كل رصيد من العملة الأجنبية ومن الدولار في البنك المركزي السوري وهو ما من شأنه أن يهوي بالليرة السورية إلى القاع، والتي هي أصلا في حالة سقوط حر حيث وصل سعر صرف الدولار لليرة إلى أكثر من 3000 ليرة سورية بعد أن كان لا يتجاوز 45 ليرة قبل عام 2011.
كما تشمل العقوبات المنصوص عليها في قانون قيصر كل شخص أجنبي دعم مالياً أو مادياً أو بشكل تقني حكومة الأسد أو أيَّ كيان تملكه أو تسيطر عليه أية شخصية سياسية رفيعة في الحكومة وكل شخص أجنبي عمل كمقاول أو كمرتزق أو شكل مليشيا داخل سوريا لصالح الأسد أو لصالح روسيا أو إيران، كما تشمل العقوبات كل من يقدم سلعاً أو خدمات أو معلومات أو تكنولوجيا أو أي شكل من أشكال الدعم يساهم في صيانة أو توسيع إنتاج الحكومة من الغاز الطبيعي أو النفط أو المشتقات النفطية، كما تشمل العقوبات أيضاً من يبيع أو يقدم قطع غيار للطائرات التي تستخدم لأغراض عسكرية لصالح نظام الأسد أو لصالح روسيا وإيران وأيضا كل من يقدم مساعدة هندسية أو في البناء لإعادة الإعمار لصالح الأسد وبالتالي فهو يقطع الطريق نهائيا على إعادة تأهيل نظام الأسد.
أما نوع العقوبات المفروضة في قانون قيصر ستشمل حظر كل المعاملات والممتلكات كما تشمل منع التأشيرات لدخول أميركا وإبطال التأشيرات في حال وجودها وتجميد كل الأصول المالية للأشخاص والمؤسسات والكيانات المشمولة بالعقوبات ويتم استثناء المساعدات الإنسانية والمواد الطبية التي لا تشملها وهي هنا شبيهة تماما بالعقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على حكومة الأسد منذ عام 2011 رداً على العنف المفرط الذي واجه به المظاهرات السلمية بدء من آذار/مارس 2011.
إذاً: يبقى السؤال ما الفارق بين العقوبات المتضمنة في قانون قيصر وتلك العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية منذ عام 2011، في الحقيقية لا يوجد فرق كبير في طرق ووسائل آليات التأثير لجهة تجميد الممتلكات والأرصدة ومنع منح تأشيرات السفر وغيرها لكن هناك فرق في اللائحة بين الطرفين، الأهم برأيي أن قانون قيصر قد دخل حيز التنفيذ بفضل دعم كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي فقد وقع قادة كلا الحزبين رسالة إلى الرئيس ترامب تحثه فيها على التطبيق الأقصى للقانون لأن الشعب السوري يستحق حكومة وحياة أفضل من تسع سنوات من الحرب والبراميل المتفجرة.
فالعقوبات المنصوص عليها في قانون قيصر هي عقوبات مشرعة من قبل الكونغرس الأميركي ولا ترتبط بالرئيس سواء أكان ديمقراطياً أو جمهورياً وبالتالي رفع هذه العقوبات يكون بقرار جديد من الكونغرس بلجانه المختلفة الشؤون الخارجية والمالية وتلك الخاصة بالقضاء والموازنة.
في النهاية يتضمن قانون قيصر مواد تنص على ما يسمى تعليق العقوبات أو رفعها تمثل خارطة طريق فيما إذا رغبت الحكومة برفع العقوبات عنها، وذلك إذا توقف نظام الأسد وروسيا عن استخدام المجال الجوي لاستهداف السكان المدنيين بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية والتقليدية بما في ذلك الصواريخ والقنابل المتفجرة، كما يجب لتعليق العقوبات أيضاً رفع الحصار من قبل النظام وروسيا وإيران على المناطق السكنية والمدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بانتظام وضمان حرية السفر والرعاية الطبية للمدنيين في مناطق الحصار كما أن على النظام إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين الذي احتجزهم قسراً في السجون والسماح للمنظمات الإنسانية الدولية بالدخول إلى هذه السجون والكشف عليها.
يضاف إلى هذه الشروط وقف استهداف المشافي والمرافق الطبية والحيوية والمدارس والمناطق السكنية والأسواق وغيرها من المناطق المدنية كما على النظام اتخاذ خطوات للوفاء بالتزاماته فيما يتعلق باتفاقية حظر استخدام وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدميرها وأن تصبح من الدول الموقعة على اتفاقية حظر تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية والسامة وتدمير هذه الأسلحة، كما على النظام أن يسمح بالعودة الآمنة والطوعية والكريمة للسوريين الذين شردهم النزاع كي يتم التعليق بالعمل بقانون قيصر، أما الشرط الأخير فينص على ضرورة أن يتخذ النظام خطوات جادة وحقيقة لتحقيق المساءلة والمحاسبة لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وضمان تحقيق العدالة للضحايا بما يفتح الباب لعملية حقيقية لضمان معرفة الحقيقة والمصالحة.
كما لابد أن نذكر أن القانون نص على مجموعة من الإعفاءات والاستثناءات الخاصة بالحاجات الإنسانية والدوائية وفقاً لطلب من الرئيس إلى الكونغرس وفق لجانه المختلفة.
لقد نص قانون قيصر أن على الرئيس أن يصدر في موعد لا يتجاوز ١٨٠ يوماً (هو تحديداً تاريخ ١٧ حزيران) من تاريخ سن القانون اللوائح اللازمة لتنفيذه، وكما كان متوقعاً فمن صباح يوم 17 حزيران وفي الساعة الثامنة صباحاً بتوقيت واشنطن أي قبل بدء الدوام الرسمي أعلن وزير الخارجية الأمريكي بومبيو عن أول مجموعة من الأسماء التي طالها قانون قيصر بالعقوبات، والتي شملت للمرة الأولى أسماء الأسد زوجة بشار ألأسد وزوجة أخيه أيضاً منال الجدعان زوجة ماهر الأسد وبشرى الأسد أخته المقيمة في الإمارات.
ونص بيان وزير الخارجية على أن كل “شخص في أي مكان في العالم” يتعامل مع الأسد سيكون عرضة للعقوبات وفقاً لقانون قيصر، وقد ضمت اللائحة الأولية ٣٩ اسماً وكياناً بعضهم يخضع للعقوبات الأميركية للمرة الأولى.
في البداية يجب أن نتوقف عند الرمزية التي حملتها العقوبات المنصوص عليها في القانون، إذ ليس تفصيلاً صغيراً أبداً أن تفرض عقوبات على رئيس الدولة وزوجته وأخته وأخوه وزوجة أخيه (كل أفراد العائلة دون استثناء) وهو ما يظهر للعالم أجمع بنية هذا النظام الفاسد العائلية ومدى مشاركتهم في قتل وتجويع أبناء وطنهم.
وقد شملت القائمة أيضاً بالإضافة إلى بشار الأسد وعائلته مجموعة من رجال الأعمال الذين يعدون الداعمين الرئيسيين والممولين الرئيسيين للأسد في حربه ضد الشعب السوري من مثل محمد حمشو وزوجته وكل أفراد عائلته زوجته رانية رسلان الدباس وأخوته سمية صابر حمشو وأحمد صابر حمشو وأولاده علي محمد حمشو وعمرو حمشو، لأن كل الشركات التي اعتاد حمشو على تأسيسها للالتفاف على العقوبات كانت مسجلة بأسماء إخوته وأبنائه.
كما شملت القائمة غسان علي بلال والذي يعتبر الذراع اليمنى لماهر الأسد ومدير مكتبه وقد كان تحت طائلة العقوبات الأميركية والأوروبية منذ عام 2012 لكن بشار الأسد عينه الشهر الماضي كمحافظ للحسكة في تحد لهذه العقوبات.
وشملت اللائحة أيضاً مجموعة من الشركات التي حاولت الالتفاف على العقوبات السابقة والقيام بما يسمى مشاريع إعادة الإعمار على حساب أملاك اللاجئين والنازحين السوريين وعلى أرضهم وممتلكاتهم كشركة بنيان دمشق المساهمة وغيرها من شركات رامي مخلوف التي تهتم بالفساد وغسيل الأموال مثل شركة دمشق الشام للإدارة وشركة دمشق الشام القابضة وراماك للمشاريع التنموية والإنسانية.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت