التصريف المطري في إدلب وريف حلب..مشاريعٌ لتقليص “كوارث” الشتاء
تأخذ مشاريع الصرف الصحي والمطري حيزاً من اهتمام المنظمات والجهات العاملة بالشأن الإنساني في الشمال السوري، لاعتبارات متعقلة بأزمات إنسانية ومشكلات خدمية تخلفها الأمطار في بيئة غير مهيئة من الناحية الخدمية، الأمر الذي يثقل كاهل السكان ويزيد معاناتهم، خاصة داخل المخيمات.
ومع نهاية كل شتاء يحمل في ثناياه أزمات للنازحين والمهجرين، تتعهد المنظمات بمشاريع لتوسيع الصرف الصحي، إلا أنها لا تزال في إطار المحدود وسط ضعف التمويل من جهة، وعدم جاهزية الأرضية في بعض المخيمات، خاصة تلك التي تقع في مجرى السيول.
أوتستراد إدلب.. تعبيدٌ ثم تصريف
قبل أيام، أعلن قسم المشاريع الهندسية في معبر باب الهوى، الحدودي مع تركيا، عن البدء بتنفيذ مشروع صرف صحي على طول أوتستراد سرمدا- إدلب، عقب مشروع سابق جرى خلاله تعبيد الطريق وتوسعته.
مدير مكتب العلاقات العامة والإعلام في معبر باب الهوى، مازن علوش، قال لـ “السورية نت”، إن أوتستراد سرمدا- إدلب، شهد خلال الفترة الأخيرة حركة عمرانية كبيرة على جانبيه من قبل الفعاليات التجارية والصناعية، ما استدعى ضرورة إيجاد حل لمشكلة تصريف مياه الأمطار كي لا تبقى متجمعة على طرفي الطريق وأمام المحلات التجارية، ما قد يتسبب بتخريب القميص الإسفلتي الذي تم مده مؤخراً.
وأضاف علوش أن المشروع، الذي ينفذه معبر باب الهوى بتمويل من إدارته ومن “غرفة تجارة وصناعة سورية الحرة” ومكتب تنظيم الشحن، عبارة عن خط صرف لمياه الأمطار على طول التوسعة على جانبي الأوتستراد، وسيتم تركيب “شوايات” على هذا الخط بحيث تهطل الأمطار عليها وتتسرب منها عبر خط الصرف إلى الصرف الصحي.
ووجه بعض الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات للمشروع، بسبب أعمال الحفر التي سترافقه، كونه جاء بعد مشروع تعبيد الطريق، إلا أن مدير المكتب الإعلامي للمعبر مازن علوش أوضح لـ “السورية نت” أن أعمال الحفر لن تكون على القميص الإسفلتي للأوتستراد إنما على جانبي الطريق أو ما يعرف بـ “الباكيت”، حيث تمت سابقاً توسعة الطريق بمسافة مترين على الجانبين، للقيام لاحقاً بمد خط الصرف المطري منها، حسب تعبيره.
وأضاف: “كان يجب البدء بهذا المشروع قبل أعمال توسعة وتعبيد الطريق أو أثناء العمل، ولكن الظروف حكمت علينا بوضع الأولوية لتعبيد الطريق كون فصل الصيف كان على وشك الانتهاء ويجب الإسراع بعمل التوسعة للتخفيف من الاختناقات المرورية الحاصلة سابقاً، أما بالنسبة لمشروع الصرف المطري فكان بالإمكان تأجيله مؤقتاً والقيام به في فصل الشتاء، وتم وضع ذلك في الخطة منذ البداية”.
وحسب علوش، فإن أعمال المشروع تسير وفق خطة مدروسة، مشيراً إلى أن مشاريع التوسعة والصرف المطري ستستمر حتى الوصول لمدينة إدلب.
أزمات المخيمات..عامل ضغط مستمر
على صعيد آخر، تأخذ مشاريع الصرف الصحي في مخيمات الشمال السوري منحىً مختلفاً، كونها أصبحت من الحاجات الأكثر إلحاحاً لدرء أزمات إنسانية تزيد من معاناة سكان تلك المخيمات، الذين يواجهون البرد والسيول وغرق الخيام في كل شتاء، إلى جانب انتشار حفر الصرف الصحي المكشوفة ما يعرضهم لخطر التلوث والأمراض.
إلا أن الاستجابة لخدمات الصرف الصحي والمطري في المخيمات تنقسم لقسمين، بحسب عضو المكتب الإعلامي في “الدفاع المدني السوري” فراس خليفة، الذي أوضح في حديث لـ”السورية نت”، أن القسم الأول من الاستجابة يتعلق بالمشاريع طويلة الأمد، عبر تجهيز أرضيات المخيمات وفرشها بالحصى، وفتح طرقات وإقامة قنوات تصريف في محيط عدد من المخيمات، لاسيما التي تقع في الأودية أو ضمن مجاري السيول لمنع المياه من الوصول للخيام.
وأضاف خليفة أن العدد الكبير من المخيمات وحركة النزوح المستمرة، إلى جانب محدودية الموارد، تجعل من تحقيق الاستجابة طويلة الأمد “أمراً صعباً” خلال المرحلة الراهنة.
أما القسم الثاني، يتعلق بالاستجابة الطارئة والمباشرة أثناء هطول الأمطار وحدوث السيول، عبر فتح قنوات لتصريف المياه ومساعدة المخيمات التي غمرتها السيول، أو الاستجابة الروتينية بناءً على طلب مدنيين أو جهات محلية تحتاج لمساعدة بموضوع تجهيز حفريات للصرف الصحي أو ردمها سواء بالمخيمات أو بالقرى والبلدات.
ومع ذلك تحدث خليفة عن مشاريع طويلة الأمد ستعمل عليها منظمة “الدفاع المدني” خلال الفترة القليلة المقبلة للاستجابة لمشكلة الصرف الصحي في المخيمات، ومن بينها تبحيص الطرقات وتأهيل الصرف المطري بشكل متوازي، بحيث يستهدف هذا المشروع المخيمات في ريف جسر الشغور الغربي، وحارم وسلقين ومنطقة خربة الجوز.
وكانت فرق “الدفاع المدني” نفذت خلال عام 2020 أكثر من 7300 عملية فرش وتجهيز للمخيمات، بما فيها تجهيز قنوات تصريف مطرية، ويغطي هذا النوع من الاستجابة جميع مناطق الشمال السوري، بحسب إحصائيات المنظمة.
كما نفذت عام 2019 مشاريع مماثلة منها جسر في منطقة حرجلة، وعبّارة مطرية بمنطقة قباسين، ومشروع صرف صحي ومطري في مخيمات سجو.
بداية ثقيلة للموسم الحالي
بدورها، أعلنت منظمة “بنيان”، العاملة في الشمال السوري، أول أمس الأربعاء، عن مشروع لتحسين نظام الصرف الصحي في مخيم أطمة بريف إدلب، مشيرة إلى أن المشروع يهدف إلى تحسين وصول 7000 من النازحين الأشد ضعفاً في مخيمات أطمة إلى خدمات الصرف الصحي عبر تأهيل وإنشاء شبكة صرف صحي بطول 2.5 كم، بالإضافة لتقديم خدمات الصيانة والتنظيف لمدة 5 أشهر.
وأضافت المنظمة عبر صفحتها في “فيس بوك” أن المشروع يسهم في التخفيف من الأضرار البيئية الناتجة عن الصرف الصحي العشوائي كما يحد من الأمراض الناتجة عن المياه الملوثة.
وقال مسؤول المشاريع في المنظمة أحمد قطان، إن المشروع يتضمن تركيب أنابيب إسمنتية بمقاييس تستوعب كميات كبيرة من مياه الأمطار، على أن يشرف 35 مهندساً من مختلف الاختصاصات على المشروع.
يُشار إلى أن موسم الشتاء الحالي شهد في بدايته، وبالتحديد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عواصف مطرية ألحقت أضراراَ بأكثر من 3500 عائلة يعيشون في مخيمات الشمال السوري، بحسب أرقام “منسقو استجابة سوريا”.
فيما تسببت عاصفة أخرى، منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بتضرر نحو 23 مخيماً يقطنها أكثر من 3600 عائلة ضمن مناطق ريف إدلب وحلب.
واعتبر مدير فريق “منسقو استجابة سوريا”، محمد حلاج، في حيث سابق لـ”السورية نت” أن هناك حاجة ماسة لتعبيد الطرقات داخل المخيمات، مشيراً إلى أن ذلك صعب حالياً بسبب عدم قدرة المنظمات على تعبيد كافة الطرقات، نتيجة قلة الدعم الدولي المُقدّم.
وأشار حلاج إلى أن المساعدات الشتوية المقدمة للنازحين هذا العام ستكون أقل من الموسم الفائت، على اعتبار أن الدعم الدولي أقل هذا العام، بسبب تخصيص جزء كبير منه لمكافحة فيروس “كورونا” المستجد، والذي انتشر بشكل كبير في مناطق الشمال السوري، الخارج عن سيطرة النظام.
وبحسب إحصائيات “الدفاع المدني” يوجد في الشمال السوري أكثر من 390 مخيماً عشوائياً (من أصل نحو ألف مخيم)، مهدداً بالغرق بأي لحظة، يقطنها أكثر من 400 ألف نسمة معرضين لخطر الموت من البرد.