جامعة “حلب الحرة”.. خطوة نحو الاعتراف محفوفة بمخاطر وتحديات
لا يزال التعليم في الشمال السوري، وتحديداً التعليم العالي، أمام تحديات ومصاعب جمّة شكلت هاجساً يراود القائمين على العملية التعليمية من جهة، والطلاب جهة أخرى، ليصبح من بين أكثر القطاعات تأثراً بالحرب كونه مرتبطٌ بأحلام ومستقبل الآلاف من الشباب والشابات في مناطق شمال غرب سورية.
ورغم تلك التحديات، ثمة تقدم ملموس، ظهرت نتائجه مؤخراً، عقب سنوات من خروج تلك المناطق عن سيطرة نظام الأسد، وبدء مع تخريج أولى الدفعات من مختلف الأقسام، ليواجه الخريجون تحديات من نوع آخر؛ أبرزها الاعتراف الدولي بالشهادات التي حصلوا عليها، ومدى توافر فرص عمل في السوق المحلي.
وكانت “جامعة حلب في المناطق المُحررة”، من بين المؤسسات التعليمية التي خاضت ضمار التحديات وسعت للنهوض بالتعليم، عبر مراحل عدة لامس خلالها الطلاب مدى الجهود الحاصلة، وآخرها توقيع اتفاق تعاون مع جامعة ماردين التركية.
خطوة نحو الاعتراف الدولي
وقعت وزارة التربية والتعليم في “الحكومة السورية المؤقتة” اتفاق تعاون مع جامعة ماردين التركية، مؤخراً، ينص على تقديم مزايا وتسهيلات تصب في مصلحة الطلاب السوريين في جامعة حلب، بحسب وزارة التعليم.
ويتضمن الاتفاق إقامة ثلاثة امتحانات “يوس” في الداخل السوري، وهو امتحان معياري، خاص بالطلاب الأجانب الراغبين بالدراسة في الجامعات التركية، والسماح لطلاب جامعة حلب بالاستكمال في جامعة ماردين، بعد الحصول على كشف علامات صادر عن جامعة حلب ومصدق من وزارة التربية والتعليم في “الحكومة المؤقتة”.
كما ينص الاتفاق على مساعدة الطلاب الحاصلين على قبول جامعي في جامعة ماردين على دخول تركيا لمتابعة الدراسة، عن طريق إعطائهم رسالة قبول جامعي صادرة عن رئاسة الجامعة.
وزيرة التربية والتعليم في “الحكومة المؤقتة”، هدى العبسي، اعتبرت في حديث لـ”السورية نت” أن الاتفاق مع جامعة ماردين التركية يُدخل “جامعة حلب في المناطق المحررة” مرحلة جديدة نحو الاعتراف الدولي، كما يحمل رسالة لطلاب الجامعة، بأنهم يستطيعون استكمال مسيرتهم العلمية في جامعات عالمية، حسب تعبيرها.
وأضافت “لا داعي من الآن وصاعداً لمخاوف الطلاب من مسألة الاعتراف، لأنهم أصبحوا قادرين على التسجيل في درجة الماجستير والدكتوراه والحصول على شهادة معتمدة في كل أنحاء العالم”.
وكذلك رأى رئيس الجامعة، الدكتور عبد العزيز الدغيم، أن الاتفاق الموقع مؤخراً مع جامعة ماردين يُعتبر “نقلة نوعية واختراقاً هاماً” على صعيد الاعتراف بشهادات طلاب جامعة حلب.
وأشار الدغيم في حديثٍ لـ”السورية نت” أنه أصبح بإمكان خريجي جامعة حلب استكمال تعليمهم العالي والتقديم إلى مفاضلات الدراسات العليا في جامعة ماردين، حسب اختصاصاتهم، كما أصبح بإمكان طلاب المرحلة الجامعية الأولى الانتقال إلى الكليات والمعاهد التابعة لجامعة ماردين في تركيا.
وتعتبر مسألة الاعتراف الدولي أبرز هواجس طلاب “جامعة حلب في المناطق المُحررة”، خاصة مع بدء تخريج أولى الدفعات منها، على اعتبار أن الدول لا تعترف بالشهادات التي تصادق عليها “الحكومة المؤقتة”، لتبقى اتفاقيات التعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية التركية بصيص أمل للطلاب في الشمال السوري، كما هو الحال بالنسبة للتعليم ما قبل الجامعي التابع لـ “الحكومة المؤقتة”، والذي تعترف الحكومة التركية بشهاداته.
كيف تطورت جامعة حلب خلال سنواتها الخمس؟
منذ تأسيسها مطلع عام 2016، واجهت “جامعة حلب في المناطق المحررة”، ومقرها مدينة اعزاز شمالي حلب، عقبات عدة استطاعت التغلب على بعضها فيما لا تزال تواجه الكثير منها، وأبرزها مسألة التمويل.
وبحسب رئيسها، الدكتور عبد العزيز الدغيم، فإن الجامعة شهدت تطوراً كبيراً منذ تأسيسها، على صعيد عدد الطلاب وعدد الكليات والأقسام، إلى جانب الدور الاجتماعي الذي تقوم به.
وأضاف الدغيم لـ “السورية نت” أن الجامعة بدأت العمل “بحوالي ألف طالب فقط في جميع المناطق المحررة”، مشيراً إلى أنها الآن أصبحت تضم أكثر من 7 آلاف طالب وطالبة موزعين على 13 كلية و4 معاهد متوسطة وتجمّعين.
التجمع الأول في مدينة اعزاز، ويضم حوالي 6100 طالب وطالبة، والثاني في مارع حيث توجد كليتي الطب والصيدلة وتضمان نحو 1200 طالب وطالبة.
وتضم الجامعة كادراً تدريسياً ذو كفاءات عالية، حسب الدغيم، مكوناً من أكثر 65 مُحاضِراً حاصلاً على شهادة دكتوراه و40 مُحاضِراً حاصلاً على شهادة ماجستير.
وكانت الجامعة أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عن تخريج أول دفعة من كلية الطب البشري، وتضمنت 32 طبيباً وطبيبة.
“جامعة حلب في المناطق المُحررة” تحتفل بتخريج أول دفعة أطباء(صور)
تحديات أمام جهود التطوير
تعتبر وزيرة التربية والتعليم في “الحكومة المؤقتة”، هدى العبسي، أن أمام “جامعة حلب في المناطق المحررة”، العديد من التحديات؛ أبرزها ضعف الإمكانيات، إلى جانب الحاجة إلى التوسع المكاني.
وأضافت العبسي خلال حديثها لـ”السورية نت”، أنه خلال المرحلة الراهنة تسعى الجامعة للتوسع في تجهيز المخابر العلمية في كليات الطب والهندسات، كما تعمل على افتتاح أقسام وأفرع علمية جديدة تلبي حاجة الطلاب والمجتمع في آن واحد، مشيرة إلى أنه يجري العمل حالياً على هذه الخطة.
في حين رأى رئيس الجامعة، عبد العزيز الدغيم، أن أبرز التحديات التي تواجهها الجامعة، هي: شح التمويل، ضيق المكان وصعوبة الانتقال، إلى جانب ارتفاع التكاليف على الطلاب ما قد يؤدي إلى تسرب بعضهم من الدوام وأحياناً الانقطاع عن الدراسة.
وأضاف أنه خلال الفترة الحالية حصلت الجامعة على وعد من “الحكومة المؤقتة” بالحصول على دعم عن طريق صندوق الائتمان، على أن يتم تخصيص الدعم لتطوير المخابر في الجامعة، وبناء قاعات جديدة وتطوير مبنى الجامعة وجعلها أكثر كفاءة، حسب وصفه.
وتضم الجامعة، أقساماً واختصاصات متنوعة، من بينها: الطب البشري، والاقتصاد، والحقوق، والشريعة، والتربية، وإدارة الأعمال، والآداب العربية والإنكليزية، والتاريخ، والهندسة الزراعية.