تحركات بثلاثة اتجاهات..ما فرص حصول السوريين على لقاح “كورونا” قريباً؟
لم يمر عام على انتشار فيروس “كورونا”، حتى توجهت أنظار العالم بأسره نحو لقاحات عدة، تم إنتاجها مؤخراً مضادة للفيروس، حيث بدأت حكومات عديدة حملات تطعيم لمواطنيها، بينما لازالت الدول الفقيرة تبحث عن طُرق للحصول على اللقاح.
ويبدو الأمر في سورية مختلفاً لاعتبارات عدة، متعلقة باختلاف السُلطات المسيطرة على الأرض، وضعف القدرات المالية لها، وسط مخاوف من تأثير ذلك على تأخر وصول اللقاح للسوريين في مناطق النفوذ المختلفة.
الصين تعدّ بـ150 ألف
وأعلنت حكومة النظام خلال الآونة الأخيرة، عن تحركات باتجاهات عدة، للحصول على اللقاح المضاد لفيروس “كورونا”، فكانت “الدول الصديقة” الملجأ الأول لها، خاصة روسيا والصين، على اعتبار أن تلك الدولتان أنتجتا لقاحات لاقت رواجاً في بعض دول العالم.
وفيما يتحدث النظام عن محادثات مع الجانب الروسي للحصول على لقاح “سبوتنيك V” بشكل مجاني، سارعت الصين إلى الإعلان عن تقديم دفعة من اللقاحات التي أنتجتها، للحكومة في دمشق، في إطار مساعدتها بمكافحة الفيروس، في حين لم تسفر المحادثات الروسية عن أية نتائج واضحة حتى اليوم.
إذ أعلن السفير الصيني لدى النظام، فنغ بياو، في حديث لصحيفة “الوطن” الموالية للنظام، الأسبوع الماضي، أن حكومة بلاده قررت إرسال 150 ألف جرعة من اللقاحات الصينية المضادة لـ“كورونا” إلى سورية خلال الفترة القريبة المقبلة.
وأضاف بياو، أنه تقرر ذلك عقب اتصال هاتفي “ناجح” بين وزير خارجية النظام فيصل المقداد، ونظيره الصيني في 31 يناير/ كانون الثاني الماضي، مشيراً أن الصين “مستمرة في دعم سورية على جميع الصعد”، دون ذكر تفاصيل إضافية عن زمان تسليم اللقاح، أو اسم اللقاح الذي سيتم منحه لحكومة النظام، إذ أن الصين أنتجت أكثر من لقاح مضاد لـ”كورونا”.
وبعيداً عما يسميها النظام “الدول الصديقة”، تحاول حكومته الاستفادة من مبادرات “منظمة الصحة العالمية”، المتعلقة بتوزيع اللقاح على الدول “الفقيرة”، حيث صادق مجلس الوزراء التابع له، الشهر الماضي، على الانضمام لمبادرة “كوفاكس” التي أطلقتها المنظمة، من أجل تأمين اللقاح للدول النامية، وتبعاً لذلك خصصت المبادرة نظرياً، مليون جرعة لسورية من لقاح “أسترازينيكا” البريطاني.
وفيما يبدو أن فرص النظام كبيرة نسبياً بالحصول على اللقاح، حذرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها، الأسبوع الماضي، من عدم وصول لقاح “كورونا” للفئات الأشد ضعفاً في سورية.
وقالت المنظمة إن نظام الأسد “استخدم الرعاية الصحية كسلاح حرب ضد المدنيين” في المناطق الخارجة عن سيطرته، مشيرة إلى عدم وجود أي قناة مضمونة لتوزيع اللقاح على ملايين المدنيين في الشمال السوري.
يُشار إلى أن إصابات “كورونا” في مناطق سيطرة النظام بلغت نحو 15 ألف إصابة، توفي منها 965 حالة، حسب الإحصائيات الرسمية، لوزارة الصحة، لكن هذه الأرقام تبقى وفق كثيرٍ من المعطيات، دون الاحصائيات الحقيقة.
تحركات لـ”الحكومة المؤقتة”.. والفرص “جيدة”
فيما تعاني مناطق الشمال السوري، الخارجة عن سيطرة النظام، من ضعف الاستجابة الإنسانية ومصاعب في التمويل الإغاثي، تسود مخاوف من فرصٍ ضئيلة لتلك المناطق بالحصول على لقاحات “كورونا”، أو تأخر وصولها، وسط انتشار الفيروس وصعوبة تطبيق إجراءات الحظر والحجر الصحي، خاصة في مخيمات النازحين المنتشرة هناك.
وعلى هذا الصعيد، تجري “الحكومة المؤقتة” اتصالات مع منظمات الإغاثة الدولية لتوفير اللقاح في المناطق التي تديرها في ريف حلب، بحسب ما قال مدير البرامج الصحية في وزارة الصحة الدكتور رامي كلزي.
وأوضح كلزي في حديثه لـ”السورية”، أن الوزارة تجري اجتماعات مستمرة مع الأطراف المعنية بالتلقيح في شمال غربي سورية، وأهمها فريق اللقاح السوري ومنظمة الصحة العالمية وكبار المانحين الدوليين، وذلك من أجل تسريع إجراءات الحصول على اللقاح.
واعتبر المسؤول في وزارة الصحة، أن فرص توفر اللقاح في تلك المناطق “جيدة”، على اعتبار أن الخطاب والردود من الجهات الدولية “ذات طابع جدي ورسمي بالإيجاب”، حسب تعبيره.
وعن الخطة التي سيتم اعتمادها، قال مدير البرامج في وزارة الصحة، إن الخطة التفصيلية لم توضع بعد، مشيراً إلى أن الخطوط العامة تتحدث عن تلقيح 20% من السكان في كامل المنطقة (حلب وإدلب)، وستكون الأولوية للعاملين في قطاع الصحة، وكبار السن فوق عمر 60 سنة، وأصحاب الأمراض المزمنة.
وإلى حين وصول اللقاح، دعا الدكتور رامي كلزي إلى الاستمرار في حملات التوعية حول خطورة الوباء، وضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية، بالتوازي مع استمرار تجهيز وتحديث المنشآت الصحية المخصصة لمرضى “كوفيد- 19”.
في إدلب.. خطة التطعيم “جاهزة”
على الصعيد ذاته، أعلنت مديرية صحة إدلب، العاملة في مناطق شمال غربي سورية، عن جملة إجراءات وتحركات لتوفير لقاح “كورونا” في المستقبل القريب، حيث تواصلت مع الجهات المعنية بهذا الخصوص.
معاون مدير صحة إدلب ورئيس قسم اللقاح في المديرية، الدكتور رفعت فرحان، قال لـ “السورية نت” إن هناك جهود بالتنسيق مع فريق اللقاح السوري والمنظمات الدولية لتأمين اللقاح لمحافظة إدلب والشمال الغربي من سورية بشكل عام.
وبحسب فرحان ستحصل المديرية على كمية لقاح تكفي 20 %من السكان ولجرعتين اثنتين، بدءاً من الربع الثاني من العام الجاري، على أن تصل اللقاحات على دفعات متتالية.
وستتركز خطة التطعيم وفق المعايير السائدة في معظم دول العالم، عبر إعطاء الأولوية للكوادر الطبية ثم للمسنين فوق 60 عاماً، ثم للمصابين بأمراض مزمنة تجعل إصابتهم بـ”كورونا” عالية الخطورة.
ودعا معاون مدير صحة إدلب إلى الالتزام بإجراءات الوقاية من الفيروس في حال تأخر وصول اللقاح، عبر ارتداء الكمامات والمحافظة على المسافة الاجتماعية وتجنب التجمعات في المناطق العامة، مؤكداً على ضرورة “المتابعة مع المنظمات المعنية بملف اللقاحات في العالم والشمال السوري”.
وتبلغ إصابات “كورونا” في مناطق ريف حلب وإدلب 21056 حالة، توفي منها 407 حالات، حسب الأرقام الصادرة عن مديرية صحة إدلب هذا الأسبوع، وسط غياب مقومات منظومة طبية، قادرة على الاستجابة للأوبئة والأمراض، نتيجة نقص الدعم المقدم لها والدمار الذي لحق بها بسبب العمليات العسكرية.
“الإدارة الذاتية” تنتظر اللقاحات
ولا يختلف المشهد، في المناطق التي تُسيطر عليها “الإدارة الذاتية”، إذ تحاول السلطات الصحية فيها، الحصول على اللقاح، عبر التنسيق مع منظمة الصحة العالمية.
إذ كان رئيس “هيئة الصحة” التابعة للإدارة، جوان مصطفى، قد كشف منذ أسبوعين، عن اتصالات بهذا الخصوص مع المنظمة الدولية.
وقال إن هناك حاجة “للحصول على مليون لقاح على الأقل”، في وقت تجاوز فيه عدد المصابين في المناطق الخاضعة لـ”الإدارة الذاتية” حاجز الثمانية آلاف، في الحسكة ودير الزور والرقة وبعض أرياف حلب.
ليست للسوريين.. لقاحات “كورونا” تصل أخيراً إلى سورية (فيديو)