“رزق” و”تأهيل مهني” لتأمين فرص عمل للسوريين في تركيا
إيجاد فرصة عمل في ظل الظروف التي تعصف بالعالم مؤخراً، بات الشغل الشاغل لشريحة كبيرة من الشباب السوري في بلاد اللجوء، وعلى رأسها تركيا، التي تأثرت اقتصادياً، في أعقاب انتشار فيروس “كورونا” وما رافقه من حظر وإغلاق، دفع بأصحاب العمل إلى تقليص اليد العاملة وتخفيض الأجور.
تلك المصاعب يرويها الشاب علي (24عاماً) والمقيم في مدينة مرسين التركية، متحدثاً عن حالته التي يمكن إسقاطها على شريحة من الشباب السوري في تركيا، وهي إيجاد فرصة عمل براتب يتناسب مع المصروف الشهري، وهو أمر بات “صعب المنال”، بحسب وصفه.
استغلالٌ للشباب أم واقعٌ فرضته الجائحة؟
يقول الشاب السوري علي لـ”السورية نت” إنه ومنذ ستة أشهر يبحث عن فرصة عملٍ في مجال الخياطة، إلا أنه لم يجد، ما اضطره للبقاء في الورشة التي يعمل بها حالياً براتب لا يتجاوز 2200 ليرة.
ويردف: “كان من المفترض أن يزيد أجري على اعتبار أني أعمل منذ عامين في هذه الورشة، إلا أن صاحب العمل أخبرنا بأنه لا زيادة على الرواتب حالياً بسبب الظروف الراهنة”، مشيراً إلى أنه تم الاستغناء عن خدمات البعض ممكن كانوا يعملون معه في الورشة.
رحلة البحث تلك كانت أسهل نسبياً بالنسبة للسيدة آمال، التي استفادت من الخدمات التي تقدمها مؤسسة “رزق للتأهيل المهني” في كلٍ من اسطنبول وغازي عنتاب وأورفا، والتي تعنى بالتمكين الاقتصادي للاجئين السوريين في تركيا.
تقول آمال لـ “السورية نت” إنها بعد وفاة زوجها أصبحت معيلة لـ 7 أطفال، ما دفعها إلى البحث عن فرصة عمل في مدينة أورفا التركية التي تقيم فيها، حيث قدمت أوراقها ومؤهلاتها إلى مكتب مؤسسة “رزق” في أورفا وتم إيجاد الوظيفة المناسبة لها عقب 3 أشهر.
وتابعت: “عندما قدمت أوراقي تم ترشيح اسمي لأكثر من وظيفة، إلا أن الوظيفة الأنسب لي كانت مدرّسة في معهد للأيتام، حيث أعمل هناك منذ قرابة 3 أشهر”.
تواجه آمال حالياً معضلة جديدة، عقب إبلاغ أصحاب العمل لها بتسريحها من وظيفتها بسبب ظروف انتشار فيروس “كورونا”، مشيرةً إلى أنها ستقدّم أوراقها من جديد لمؤسسة “رزق” من أجل إيجاد فرصة عمل جديدة لها.
نتائج الفيروس “سيئة” على سوق العمل
مدير مؤسسة “رزق” للتأهيل المهني، أنس شهاب، تحدث لـ “السورية نت” عن أبرز مفرزات الجائحة وآثارها على سوق العمل، موضحاً أن انتشار “كورونا” خلف الكثير من النتائج السيئة التي انعكست سلباً على كل اقتصادات العالم، ومنها الاقتصاد التركي.
وأبرز تلك النتائج، بحسب شهاب، إفلاس عدد كبير من المصانع والمؤسسات، وتسريح عدد كبير من الموظفين، وتعليق تنفيذ الكثير من المشاريع الإنسانية ، وتحويل جزء كبير من الدعم إلى القطاع الصحي دون القطاعات الأخرى.
كما لفت إلى حدوث ركود كبير في السوق أثر على الكثير من الصناعات، مقابل ازدهار ملحوظ في قطاعات أخرى، إلى جانب تطبيق نظام العمل والتدريب عن بعد، في وقت وظرف تفتقر فيه المؤسسات إلى مثل هذا النوع من الثقافة والتقنيات التي تدعمها.
وأضاف أن هذه النتائج أدت بدورها إلى نقص كبير في فرص العمل وارتفاع ملحوظ بنسبة البطالة في عموم تركيا.
وعن الإجراءات التي اتخذتها المؤسسة للحد من أضرار انتشار الفيروس وانعكاسه على سوق العمل، قال مدير “رزق للتأهيل المهني”، وهي أحد برامج “المنتدى السوري”، إن المؤسسة عملت على تقديم بعض المساعدات النوعية للعوائل المتضررة من خلال شركائها.
كما دعمت المستفيدين السابقين ممن تم إيقافهم جبراً عن العمل، عبر تسهيل إجراءات حصولهم على الدعم المخصص من وكالة التوظيف الحكومية (إشكور)، بالإضافة إلى رفع التواصل مع أصحاب العمل لمناصر العاملين أو خلق فرص جديدة لهم خلال فترة الإغلاق.
آلية العمل وشروط التقديم
منذ بدء عملها في يونيو/ حزيران عام 2014 وحتى نهاية عام 2020، استطاعت مؤسسة “رزق” تأمين وظائف لأكثر من 20800 شخص في تركيا، فيما بلغ عدد الشواغر الوظيفية المُستجلبة عام 2020 نحو 2790 وظيفة، بحسب إحصائيات المؤسسة.
وتتنوع الخدمات التي تقدمها المؤسسة، بحسب مديرها أنس شهاب، بين خدمة التوظيف وخدمة دعم أصحاب العمل، وخدمة دعم رواد الأعمال، والاستشارات القانونية، والإرشاد والتوجيه المهني، ومؤخراً خدمة التدريب المهني المباشر والتدريب عن بعد.
وأضاف شهاب أن بإمكان اللاجئين السوريين في تركيا والعرب أيضاً، الاستفادة من خدمات برامج “رزق”، على اختلاف مؤهلاتهم العلمية والمهنية، وذلك ضمن ثلاثة مكاتب تابعة للمؤسسة في اسطنبول وغازي عنتاب وأورفا.
وعن شروط التقديم لخدمة التوظيف، أوضح شهاب ضرورة أن يكون المستفيد (ذكراً أو أنثى) قد أتم 18 عاماً من عمره، وأن يكون حاملاً لبطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) أو الإقامة السياحية، وأن تكون لديه رغبة وجدّية في الحصول على العمل أو التدريب.
وعقب إتمام الشروط السابقة، يتوجب على المستفيد زيارة أحد المكاتب التابعة لمؤسسة “رزق”، وتقديم طلب لقيد بياناته في نظام العمل الخاص بالبرنامج وفقاً للخدمات المطلوبة، ثم متابعة الإعلانات التي تقوم المؤسسة بنشرها عبر معرفاتها في مواقع التواصل الإجتماعي.
وبإمكان المتقدم التواصل مع المتخصصين العاملين في المؤسسة، إما من خلال زيارة المكتب أو التواصل الهاتفي أو عن طريق وسائل التواصل الإجتماعي، حسبما أوضح مدير “رزق” أنس شهاب.
تأهيل سوق العمل “أبرز التحديات”
أولى برنامج “رزق” مؤخراً أهمية كبيرة للدورات التدريبية التي تهدف لرفد سوق العمل بالأيدي العاملة المتخصصة، خاصة بين السوريين، وبشكل يلائم احتياجات سوق العمل التركي.
مدير “رزق” أوضح أن أبرز الدورات التي تقدمها المؤسسة وجهاً لوجه هي: تعليم اللغة التركية، المحاسبة، برامج الكمبيوتر، صيانة الحاسب الآلي، التصميم، الحلاقة الرجالية والنسائية، الطاقة الشمسية، درز وحبكة ورشة.
كما تقدم دورات تدريبية عن بُعد مثل: التسويق الإلكتروني والبرمجة، التسويق والمبيعات وخدمة الزبائن، كتابة السيرة الذاتية، ثقافة العمل، تنظيم الوقت، التخطيط الاستراتيجي، المحاسبة.
وتهدف تلك الدورات بحسب شهاب إلى خلق فرص عمل جديدة تلائم احتياجات السوق، وزيادة حصول السوريين والعرب في تركيا على فرص عمل قانونية تضمن حقوقهم.
ويقول القائمون على “رزق للتأهيل المهني” إنهم يسعون في خططهم المستقبلية، إلى افتتاح عدد جديد من المراكز في تركيا، من أجل ضمان الوصول لعدد أكبر من السوريين وتقديم الخدمات اللازمة لهم.
ويبلغ عدد السوريين في تركيا أكثر من 3.6 مليون سوري، بينهم قرابة 60 ألفاً يقيمون في المخيمات الحدودية، بحسب إحصائيات المديرية العامة للهجرة التركية، بينما يتوزع الباقون في مختلف الولايات التركية، وعلى رأسها اسطنبول وهاتاي وأورفة.