98 % من السوريين يعيشون في “فقر مدقع”.. والأسد منشغل بالانتخابات
في الوقت الذي يتحضر فيه نظام الأسد للانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في الأشهر القليلة المقبلة، تخرج بيانات أممية “صادمة” عن الاحتياجات الإنسانية داخل البلاد، ومستويات الفقر التي وصلت إليها النسبة الأكبر من السوريين.
ويسعى نظام الأسد إلى إجراء انتخابات رئاسية، في شهر حزيران/يونيو المقبل، وفق الدستور الذي أقره عام 2012.
وسيكون الأسد المرشح الأقوى فيها للفوز، في سيناريو سبق وأن شهده السوريون قبل سبع سنوات مضت، في عام 2014.
برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية لسورية (HNAP) نشر تقريره السنوي، وفيه بيانات مأخوذة من ثلاثة مسوح أسرية داخل سورية، وذلك على فترات بمعدل ستة أشهر (يناير 2020، يونيو2020، يناير 2021).
ويقول البرنامج في تقريره الذي وصلت نسخة منه لـ”السورية.نت”: “مع وصول الصراع في سورية إلى عامه العاشر، تشهد البلاد عدداً لا يحصى من الأزمات المترابطة، والتي أدت بدورها إلى اضطرابات داخلية”.
وجاء فيه: “عانت الأسر في جميع أنحاء البلاد من التأقلم مع تأثير جائحة كورونا، وعقوبات اقتصادية متزايدة الصرامة، وصراع دائم التطور وطويل الأمد، مع جهات مسيطرة متعددة ومتغيرة، وانخفاض كبير لقيمة العملة”.
فقر “مدقع”
وحسب البيانات التي ترجم فريق “السورية.نت” جزءاً منها فمنذ كانون الثاني (يناير) 2020، انخفضت قيمة الليرة السورية بأكثر من 150 %، مما أدى إلى انتشار واسع النطاق لانعدام الأمن الغذائي الذي يتفاقم بالفعل.
ووفقاً للمعايير المعترف بها دولياً، يضيف البرنامج التابع للأمم المتحدة: “بحلول يناير 2021 وجد أن 98 % من الأفراد في سورية يعيشون في فقر مدقع”.
ويشير إلى أن هذا الرقم “المثير للقلق” ارتفع من 92 % قبل عام واحد، في كانون الثاني / يناير 2020.
متوسط دخل الأسرة
وعلى الرغم من إصرار وتأكيد نظام الأسد على تنظيم الانتخابات الرئاسية في المرحلة المقبلة، إلا أن المجتمع الدولي يراها “غير نزيهة ولا يمكن الاعتراف بها”، لاسيما في وقت يعاني السوريون من الفقر ونقص الخدمات، حيث أن الحصول على رغيف الخبز بات رحلة يومية شاقة لكثير من المواطنين في هذا البلد المدر، وهو الحال الذي ينطبق أيضاً على بضع ليترات من الوقود.
وتشهد سورية منذ عام 2011 أسوأ أزماتها الاقتصادية والمعيشية التي تترافق مع انهيار قياسي في قيمة الليرة وتآكل القدرة الشرائية للسوريين، والذين بات يعيش الجزء الأكبر منهم تحت خط الفقر.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية، وفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، بنسبة 249 % في وقت يعاني نحو 9.3 ملايين سوري من انعدام الأمن الغذائي.
ما سبق من أرقام تطرق إليها تقرير برنامج تقييم الاحتياجات في سورية.
وقال إن متوسط دخل الأسرة السورية انخفض بنسبة 22% بين كانون الثاني/ يناير 2020 وكانون الثاني / يناير 2021، من 87 دولاراً إلى 68 دولاراً.
وبالإضافة إلى ذلك أضاف التقرير: “كان هناك انخفاض بنسبة 12 % في متوسط النفقات الشهرية بين يناير 2020 ويناير 2021، من 93 دولاراً إلى 82 دولاراً في الشهر”.
عدم كفاية الدخل
في سياق ما سبق هناك تغيّر كبير طرأ على معيشة الأسرة في سورية، وبحسب بيانات البرنامج الأممي فإنها تشير إلى أن الغالبية العظمى من دخل الأسر غير كافٍ لتلبية احتياجاتهم، مما دفعها إلى “الاعتماد المفرط” على الأشكال الأخرى لتوليد الدخل.
ومن بين هذه الأشكال الاعتماد على التحويلات المالية القادمة من الخارج.
ويوضح برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية لسورية أن النسبة المئوية للأسر التي تتلقى تحويلات من الخارج تبلغ 45 % من نسبة السكان داخل البلاد وذلك في يناير 2021، بزيادة تقدر 12% عن عام 2020.
يشير هذا التحول بمرور الوقت إلى زيادة الاعتماد الخارجي من أجل البقاء، بسبب انخفاض مرونة الأسرة واستنفاد المدخرات وآليات إقراض الأموال، نتيجة النقص النقدي واسع النطاق.
ووفق بيانات البرنامج فإن “الأسر التي أفادت بأن دخلها لم يكن كافياً لتلبية احتياجاتها هي كالتالي: (61% في يناير 2020 و 83% بحلول يناير 2021)”.
كيف يتم حساب الفقر؟
وخط الفقر الدولي محدد عند مبلغ 1.90 دولار للشخص الواحد في اليوم، بحسب البنك الدولي، وهو الجهة المخولة بتحديده.
ويستخدم البنك الدولي لتحديد هذا الخط عدة عوامل، أبرزها قدرة الأفراد على تلبية الحد الأدنى من احتياجات التغذية، والملابس، والمأوى.
يحدد خط الفقر من خلال المجموع الكلي للموارد الأساسية، التي يستهلكها الأفراد البالغون خلال فترة زمنية معينة، غالبًا تحدد بسنة.
ويعبر خط الفقر عن أدنى مستوى من الدخل يحتاج إليه المرء أو الأسرة، حتى يكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم في بلد ما.
في سورية وبعد عشر سنوات من الثورة السورية فقد ارتفع معدل الأفراد الذين يعيشون في “فقر مدقع” إلى مستويات “لا يمكن تحملها”، حسب برنامج تقييم الاحتياجات الإنسانية.
ويشير: “في كانون الثاني (يناير) 2020 كان 93 % منهم يعيشون في فقر مدقع، بينما عاش 6 في المائة في فقر و 1 في المائة كانوا عرضة للفقر”.
وبحلول يناير 2021، يضيف البرنامج في تقريره السنوي: “ورد أن 98% من الأفراد كانوا يعيشون في فقر مدقع و2% في فقر عادي”، لتكون هذه المعدلات الأعلى على المستوى الإقليمي.