أسواق إدلب لم تنتعش في موسم العيد: غلاء الأسعار مقارنة بالدخل
أحجم كثيرون من سكان محافظة إدلب، عن شراء تجهيزات العيد، ولم تشهد أسواق المحافظة انتعاشاً كالمعتاد لعدة أسباب، يرتبط معظمها بتراجع القوة الشرائية وارتفاع الأسعار، إضافة لحالة القلق والتوتر التي تسود المحافظة مع التصعيد العسكري لقوات روسيا والنظام في مناطق جبل الزاوية.
وعلى الرغم من اعتبار “لباس العيد والحلويات” طقساً اجتماعياً حاضراً في الأعياد، إلا أنّ تأمينهما كان صعباً على شريحة واسعة من سكان مناطق شمال غرب سورية، إذ أن الأولوية لتأمين احتياجات الحياة الأساسية، ودفع إيجارات المنازل بالنسبة لسكان المنطقة من المُهجرين.
أولويات شرائية
ويقول سكانٌ في إدلب، إن إنفاقهم على شراء الملابس وغيرها في فترة عيد الفطر، يلعب دوراً أساسياً في إحجامهم عن شراء احتياجات عيد الأضحى المنتهى أمس، لكن لا يتوقف الأمر عند هذه الأسباب، إذ إنّ الأولويات الشرائية حاضرة في عقلية الأهالي الاقتصادية في ظل واقع معيشي متدهور، وغلاء كبير في تأمين متطلبات الحياة مقارنة بالدخل.
يقول محمد دبل، وهو شاب من سكان بلدة حزانو شمالي إدلب، إنه لم يشترِ ثياباً هذا العيد، بسبب ارتفاع ثمنها قياساً لدخله المتواضع، ويضيف لـ”السورية. نت”: “حتى لإخوتي الصغار لم أشترِ لأن الأسعار مرتفعة جداً وعندي أولويات معيشية مُقدمة على ثياب العيد”.
ويشير الشاب الذي بات المنفق على أسرته بعد اعتقال النظام لوالده قبل سنوات، إلى أنّ “لباس عيد الأضحى هذا العام كان من الألبسة القديمة، لكنها معقولة و مناسبة لقضاء هذه المناسبة”.
ولا يتجاوز دخل ذات المتحدث، 20 ليرة تركية في اليوم الواحد، ويتقاضاها من عمله في محلٍ لبيع “الاكسسوارات” في بلدته.
أما يزن البياع/ وهو مُهجّر من بلدة بسيمة بريف دمشق، فقد قال لـ”السورية. نت”، إنّ “دفع إيجار المنزل الذي أقيم فيه أولوية لدي، بينما اللباس أعوضه بملابس قديمة وجيدة”.
ويضيف: “كوني مهجّر دائماً لدي أولويات معيشية، لأن الظرف العام متدهور ومهددون بأي لحظة بالانتقال والتهجير لمكان آخر وخسارة كل شيء، كما حدث سابقاً بتهجيرنا، لذلك صار التفكير اقتصادياً أكثر من كونه ترفيهي”.
ويربط كثيرون عزوفهم عن شراء لباس العيد، بتردي الواقع المعيشي وارتفاع الأسعار العام، الأمر الذي يحتّم على سكان المنطقة تقديم أولويات أساسية تمس حياة الأهالي ومعيشتهم.
إلى جانب ذلك، يعتبر يوسف حمادة، من سكان ريف إدلب، أنّ أسعار الملابس عموماً لا تتناسب مع دخل الأهالي المتواضع، ويحكي عن تجربته قبل أيام عندما ذهب للسوق في إدلب: “اشتريت بنطالاً وقميصاً بما يتجاوز الـ 250 ليرة تركية، وهو مناسب لدخلي”، لكنه يشير إلى أن “شريحة واسعة من الأهالي دخلها محدود جداً، وبالتالي لم يستطيعوا شراء ألبسة العيد لأطفالهم”.
ويقول أبو عبد العزيز، وهو صاحب محال ألبسة في سوق إدلب التجاري، إنَّ “أسباب ضعف حركة الشراء خلال موسم عيد الأضحى هو أن غالبية العوائل اشترت ملابس العيد في عيد الفطر”.
ويضيف: “لا شكّ أنّ الأسعار مرتفعة بالعموم بسبب ارتفاع تكاليف شحن البضائع من مناطق سيطرة النظام وتركيا، وأجور المحال التجارية المرتفعة والحوالات المالية أيضاً، جميعها أسباب تساهم في رفع الأسعار على البائع والمشتري”.
كما يشير إلى أن “تراجع الأمني في المنطقة وتخوف الناس من حملة نزوح جديدة، تدفعهم إلى توفير أموالهم والكف عن شراء اللباس وغيره من الأشياء غير الضرورية”.
ويضيف ذات المتحدث، أنه و”بعد وصول الكهرباء إلى مدينة إدلب، صار بعض الأهالي من ذوي الدخل المحدود يعتبرون أنّ فاتورة الكهرباء أولى من لباس العيد وغيره من الكماليات”.
وتتراوح أسعار القمصان من 70 ليرة تركية إلى 120 ليرة، بينما تتراوح أسعار بناطيل “الجينز”، بين 70 و 140 ليرة، كمعدل وسطي لأسعار الأسواق في إدلب وريفها، كما ترتفع هذه الأسعار مع العلامات التجارية التركية المشهورة.
أما البضائع الموجودة في الأسواق، فهي خليط من البضائع التي صنعت في سورية، سواء في مناطق سيطرة النظام أو في محافظة إدلب، أو المستوردة من تركيا.
وتنسحب صورة إحجام شرايحة واسعة من السكان عن شراء الألبسة، على الحلويات ومأكولات العيد وتجهيزاته، إذ أن تأمين ثمنها يفوق قدرة هذه الشريحة.
مُبادرات تطوعية
وسط تراجع الحركة الشرائية وارتفاع أسعار الألبسة وغيرها من السلع في الأسواق، وعجز عائلات كثيرة عن اقتنائها للأطفال، أطلق متطوعون مبادرات سعوا من خلالها لإدخال الفرحة إلى قلوب أطفال لم تستطع أسرهم اقتناء ألبسة العيد لهم.
ومن بين هذه المبادرات، حملة “فريق الاستجابة الطارئة” في إدلب والمخيمات، لتأمين لباس العيد لمئات الأطفال في إدلب، ضمن حملة أطلقوا عليها “بخيرك منفرحهم”.
سراج علي منسق الحملة، يوضح لـ”السورية. نت” أنّ “الحملة التطوعية تستهدف أطفال العائلات الأشد فقراً في المنطقة، وتركز الإحصاء المسبق الذي أجراه الفريق، على عائلات مقيمة في الخيام ومراكز الإيواء”.
ويصل أعداد الأطفال المستهدفين في الحملة إلى حوالي 1000 طفل، إذ سعى القائمون على الحملة لـ”تأمين حذاء وبنطال وكنزة، بقيمة تتراوح من 15 دولار أمريكي إلى 20 دولاراً لكل طفل من الشريحة المستهدفة”.