ضفاف “العاصي” ملاذ السكان في إدلب هرباً من الحرارة (صور)
شقّ يوسف حسين مشواراً يزيد عن 60 كيلو متراً، يوم الجمعة الموافق 6 آب/ أغسطس من بلدته “حزانو” شمالي إدلب إلى مدينة “دركوش” حيث ضفاف نهر العاصي وقبلة سكان المنطقة، هرباً من ارتفاع درجات الحرارة، وطمعاً أن تساهم مياه النهر الباردة في تعديل الجو.
وتعتبر مدينة دركوش غربي محافظة إدلب مقصداً سياحياً وبارزاً لسكان إدلب والمناطق المحيطة فيها، خاصةً خلال أشهر الصيف.
يقول يوسف في حديث لـ”السورية.نت” إنه زار نهر العاصي في مدينة دركوش “بسبب ارتفاع درجات الحرارة والحاجة إلى مياه باردة تعدل الجوّ وتساهم في تخفيف درجات الحرارة”.
ويضيف: “وجدنا بصعوبة مصطبة على النهر، بسبب إقبال الأهالي الكبير على المنطقة وارتفاع درجات الحرارة إضافةً لخصوصية يوم الجمعة”، موضحاً “استئجارها يبلغ حوالي 50 ليرة تركية”.
رحلة يوسف كانت برفقة مجموعة شبابية من أقاربه، واستمرت حتى ساعات المساء إلى أن تجاوزوا فترة الظهيرة حيث درجات الحرارة المرتفعة جداً.
“أبو النور” مهجر من الغوطة الشرقية، ومقيم في مدينة معرة مصرين شمالي إدلب، يوضح أنّ “زيارته لدركوش هي الثانية بعد الزيارة الأولى في عيد الأضحى مع مجموعة من أصدقائه”، والسبب كما قسم كبير من الزوّار هو ارتفاع درجات الحرارة.
اختار أبو النور استئجار “مصطبة” على اعتبارها مناسبة مادياً، على خلاف المسابح ذات الأجور المرتفعة، بحسب ما يقول لـ”السورية.نت”.
الموسم متأرجح
تتحكم عدة مقومات بالموسم السياحي في مدينة دركوش أبرزها الوضع الأمني والسياسي، إلى جانب الواقع المعيشي للأهالي وارتفاع درجات الحرارة، وهو متقلب بين التحسن والتراجع تبعاً لإقبال الأهالي.
ياسر خزنة مالك مسبحين على نهر العاصي، ويعمل في مجال تأجير “الشاليهات والمزارع”، يقول: “إنّ ارتفاع درجات الحرارة هذه الأيام ينشط الحركة السياحية في المدينة، وتشهد المزارع والمسابح المطلة على النهر إقبالاً جيداً مقارنةً بباقي أيام الصيف أو السنة”.
ويوضح ياسر لـ”السورية.نت” أنّ “الموسم السياحي في المدينة يتميز بكونه متاحاً لجميع الطبقات، فذوي الدخل المحدود يجدون فرصتهم في الاصطياف وكذلك من لديه المقدرة المادية، إذ يعتبر استئجار مصاطب على ضفاف العاصي رمزياً مقارنة بالمزارع أو المسابح”.
وعن أسعار استئجار المزارع، يشير ياسر إلى أنّ كلفة استئجار مزرعة في بداية الموسم أو آخره تتراوح من 100 إلى 300 ليرة تركية، في حين أنّ وقت الذروة قد تصل كلفة الاستئجار إلى حوالي 1000 ليرة، ولا تخلو هذه الأرقام من الاستغلال والإجحاف أحياناً.
واعتبر “أنّ الخدمات المقدمة في المزارع والمسابح تلعب دوراً بارزاً في تحديد التسعيرة. هذه الخدمات تختلف من مسبح لآخر”.
بدوره يجد “أكرم أبو عبدو” وهو مالك “مصاطب” على نهر العاصي أن “الموسم السياحي بالعموم هذه السنة متراجع جداً بسبب تردي الواقع المعيشي، وانتشار الفقر بشكل واسع بين الأهالي”.
يقول “أبو عبدو” لـ”السورية.نت” إنّ “الأهالي لديهم أولويات، ولم تعد الرفاهية من أولوياتهم في ظل ارتفاع الأسعار وارتفاع الواقع المعيشي”.
ويضيف، رداً على سؤال بشأل الإقبال الكبير على “المصاطب”: “هذا الازدحام فقط يوم الجمعة، ودرجة الحرارة مرتفعة جداً بينما باقي الأيام لا تجد إلا أعداداً قليلة”.
“مصدر رزق”
وتنتشر بكثرة المصاطب (وهي عبارة عن خيام بمساحة محدودة تطل مباشرة على نهر العاصي) إلى جانب المسابح والمزارع.
ويعتمد سكان مدينة دركوش بشكل رئيسي على الموسم السياحي في تأمين معيشتهم ولقمة عيشهم.
في هذا السياق، يقول ياسر: “كثيراً من الأهالي يعتمدون على موسم السياحة وخاصةً هذه الأيام بعد تراجع الموسم الزراعي. ويعد مدخول المسابح مصدر رزق لكثير من عائلات المدينة”.
ويضيف لـ”السورية.نت”: أنّ “سكان المدينة تحولوا من استثمار الحقول الزراعية إلى استثمار المسابح والمزارع”.
ويشير ذات المتحدث إلى “غياب التشجيع على الاستثمار في مدينة دركوش على نهر العاصي، التي من شأنها أن تعكس صورةً حضارية للمنطقة على الرغم من حرب النظام وروسيا عليها منذ سنوات”. ويطمح في الوقت ذاته إلى “تسهيل الاستثمار من خلال وضع حد لروتين المعاملات والإجراءات الإدارية وتخفيفها أمام المستثمرين”.
وأوضح أنّ “قرار منع حفر الآبار الارتوازية حفاظاً على المياه الجوفية الصادر عن وزارة الزراعة والري في حكومة الإنقاذ كان يجب أن يأخذ بعين الاعتبار المنشآت السياحية في دركوش، فهي تختلف عن باقي مناطق إدلب، إذ يحتاج صاحب المسبح إلى تجديد مياهه بشكل يومي”.