جبل الزاوية.. مركز طبي واحد وخيارات الإسعاف محدودة
عرقل استهداف آليات الإسعاف وفرق الإنقاذ بشكل مباشر، من قبل قوات الأسد وروسيا، من مهام إسعاف المصابين وإخلاء المناطق المستهدفة في منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب، خلال التصعيد الأخير الذي تشهده المنطقة، ما يعرّض تلك الفرق لخطر حقيقي يهدد حياتهم.
وبالإضافة إلى ذلك، تأتي معضلة غياب المستشفيات تماماً عن جبل الزاوية بعد تدميرها وخروجها عن الخدمة، ليضاعف الأزمة الإنسانية هناك، ويضع مصير آلاف المدنيين في خطر محدق.
مركز طبي واحد
يعتبر المركز الطبي في منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب، المكان الوحيد الذي يقدم خدماته الطبية لأكثر من 20 قرية مأهولة بالسكّان في جبل الزاوية، بإمكانيات بسيطة ودعم محدود، وفقاً للقائمين عليه.
ويواجه خلال حملة التصعيد الأخيرة صعوبات جمّة من ناحية استيعاب أعداد المصابين وإمكانية تقديم الخدمات الطبية المطلوبة وبمختلف الاختصاصات.
في هذا السياق، يقول نزار خطيب مسؤول المركز الطبي الوحيد في جبل الزاوية لـ”السورية.نت”، إنّ “المركز يعمل على تقديم الإسعافات الأولية ومعاينة بعض الأمراض للسكّان، إلا أنّ هناك بعض الحالات ومنها إصابات القصف الخطيرة والكسور نضطر إلى إحالتها للمستشفيات”.
يعتبر نزار أنّ “الأدوية الإسعافية وأدوية الأطفال، يفتقر إليها المركز على اعتبار أنّ الدعم محدود جداً”.
ويتكون الكادر من 3 أطباء (طلاب جامعيين في سنة التخرّج) و3 فنيي تخدير و3 ممرضين وفني صيدلي ومدير مركز وممرضة واحدة وحرس ومستخدمين، بتعداد كادر كامل يصل لـ 18 فرداً، بحسب نزار.
ويلفت نزار إلى أنّ “التخصصات الطبية تغيب عن المركز الطبي، بسبب محدودية الدعم وعدم إمكانية استقدام الأطباء المتخصصين”.
ودمّرت قوات الأسد وروسيا خلال الحملة العسكرية بداية 2020 أكثر من 5 مستشفيات في منطقة جبل الزاوية كانت منتشرة في بلدات كنصفرة وشنان وسرجة وإحسم، ضمن سياستهما في ضرب المنشآت الحيوية والطبية.
الأهالي يشتكون
في ظل تراجع الخدمات الطبية، يشتكي أهالٍ من “جبل الزاوية” من سير الواقع الصحي بالعموم ويطمحون إلى تحسينه من خلال المنظمات الإنسانية وافتتاح مشاريع جديدة بعد انحسارها بشكل ملحوظ إثر الحملات العسكرية على الجبل.
محمد الحاج طه من سكان منطقة جبل الزاوية، يقول لـ”السورية.نت” إن “تعرض أحد سكان المنطقة جبل الزاوية لوعكة أو عارض صحي يضطر لنقله إلى أقرب مستشفى في أريحا أو إدلب، لعدم وجود مستشفيات تخصصية في المنطقة ما يعرض وضعه الصحي للتدهور بسبب بُعد المسافات”.
ويوضح محمد أنّ “الأهالي يعانون من مسألة أمراض الأطفال وغيرها من المراجعات الطبية لغياب المستشفيات والأطباء المتخصصين، وحتى الصيدليات التي تعتبر ملاذاً للأهالي لا يديرها صيادلة مختصون بل ممرضون”.
محمد فتح الله من سكان جبل الزاوية أيضاً، يتحدث لـ”السورية.نت” عن صعوبات تعترض الأهالي المقيمين في المنطقة أو العائدين مؤخراً من حملات النزوح تتعلق بالناحية الطبية، يقول: “إنّ المركز الطبي الوحيد في المنطقة لا يلبي جميع الخدمات الطبية للمرضى أو المصابين ويقتصر على بعض الخدمات الصيدلية والإسعافية بينما الحالات الصعبة تنقل إلى مدينة إدلب”.
ويضيف: “انسحبت معظم المنظمات الإنسانية بعد حملة القصف على الجبل وخوفاً من تقدم قوات النظام، ويعتبر هذا المعوّق الرئيسي في عودة الخدمات بمختلف أشكالها إلى جبل الزاوية”.
تهديد مباشر ومسافات طويلة
تواجه الفرق الإسعافية وعلى رأسها منظمة “الدفاع المدني السوري” خطراً حقيقياً خلال عمليات الاستجابة وإنقاذ المدنيين.
موسى زيدان وهو منسق إعلامي في “الدفاع المدني”، يقول لـ”السورية.نت” إن “أكبر المشاكل التي تواجه فرق الدفاع المدني السوري هي غياب المستشفيات، وبالتالي نقل المصابين على مسافات بعيدة وطويلة”.
ويوضح أنّ “الاستهداف المباشر لفرق ومراكز الإنقاذ والدفاع المدنيّ، من العوائق الرئيسية خلال عملية الإسعاف ونقل المصابين والقتلى، وهي سياسة قديمة متبعة لدى النظام وروسيا”.
ويضيف موسى: “خلال الحملة العسكرية منذ شهرين، كان هناك تكثيف لاستهداف مراكز وفرق الدفاع المدنيّ باستخدام الأسلحة الموجّهة بالليزر (كراسنوبول)، إذ تمّ توثيق 12 استهدافاً مباشراً من قبل النظام وروسيا لفرق الدفاع والمراكز التابعة لها، منها 3 على مراكز بشكل مباشر، و9 استهدافات للفرق خلال عمليات الإنقاذ أسفرت عن مقتل 3 متطوعين وأكثر من 13 مصاباً”.
ويشير محدثنا، إلى أنّ “عمليات الإسعاف تصل أحياناً لمسافة تصل إلى 90 كيلو متراً وأقلها 50 كيلو متراً، حسب ما تحتاجه الإصابة من علاج وعملية نوعية تخصصية”.
ويعتبر أن “طول المسافات تعرض الإصابة للخطر نتيجة النزف الطويل وكذلك سيارة الإسعاف تصبح عرضةً للاستهداف من طائرات النظام أو مدفعيته”.
وتصعد قوات الأسد وروسيا على منطقة جبل الزاوية وريف حماة الغربي منذ مطلع شهر حزيران الماضي، وتستهدف الأحياء السكنية والنقاط الحيوية.
ووثق فريق “منسقو استجابة سوريا” مقتل حوالي 65 مدنياً بينهم 29 طفلاً، منذ بدء التصعيد وحتى 25 تموز الماضي، بالإضافة إلى استهداف 19 منشأة خدمية وطبية ومخيمات ومدارس.
كما تسببت الهجمات بنزوح حوالي 400 مدنيّ، بحسب “منسقو الاستجابة”.