يخوض الأردن “حرباً غير معلنة” ضد المهربين الذين يحاولون تمرير المخدرات من سورية إلى أراضيه، وفي الوقت الذي يدور فيه الحديث عن تذمر تبديه عمّان وتهديد في ذات الوقت تنخفت “خطوات التطبيع” التي بدأت قبل أشهر بين البلدين شيئاً فشيئاً.
ومنذ بداية عام 2022 قتل الجيش الأردني 30 مهرباً، بينما أحبط محاولة تهريب 16 مليون حبة “كبتاغون”، وقال العقيد الأردني، زيد الدباس خلال جولة على الحدود، يوم الخميس: “أخطر ما لاحظناه مؤخراً هو وجود جماعات مسلحة إلى جانب المهربين”.
وأضاف لوكالة “فرانس برس” أن هذه الجماعات “لديها تكتيكات جديدة مثل تلك الخاصة بالجريمة المنظمة”، وتستخدم “مركبات متطورة، وكذلك طائرات بدون طيار”.
من جانبه حذّر ضابط كبير آخر، وهو العقيد مصطفى الحياري، من أن “كل من يحاول تهريب المخدرات إلى الأردن سيموت”، معلناً الجمعة أنهم ضبطوا 17،348 عبوة من الحشيش وأكثر من 16 مليون حبة كبتاغون – مقارنة بـ 15.5 مليون حبة في عام 2021 بالكامل و 1.4 مليون حبة في عام 2020.
ولا تتهم عمّان صراحة نظام الأسد أو الميليشيات التابعة له بالوقوف وراء عمليات التهريب، والتي أخذت منحى متصاعداً وبشكل ملحوظ، في أعقاب الخطوات الأردنية اتجاه إعادة تطبيع العلاقات مع الأخير.
لكن صحفيون وعسكريون أردنيون ألمحوا في مقالات لهم، نشرت في اليومين الماضيين، إلى أن العمليات تقف ورائها “جهات نافذة” في نظام الأسد، في إشارة منهم إلى ضلوع الأخير بشكل رئيسي.
من يقف وراءها؟
نائب رئيس تحرير جريدة الدستور الأردنية، عوني الداوود نشر مقالة، اليوم السبت، بعنوان: “حرب حقيقية بالملايين.. فمن يقف وراءها؟؟“.
ويقول الداود: “لم تعد المسألة مجرد عصابات وافراد يتسللون لتهريب بضع حبات مخدرة أو قليل من الحشيش.. أو أي نوع من المخدرات، بل هي حرب أسفرت مؤخراً عن قتل 30 متسللاً واستشهاد بطل من نشامى قواتنا المسلحة وإصابة آخرين”.
ويضيف الكاتب الأردني: “هي حرب تمكنت فيها قواتنا المسلحة من ضبط 17348 ألف كف حشيش، وأكثر من 16 مليون حبة مخدرة. هي حرب كشفت عن وجود نحو 160 شبكة تعمل داخل العمق السوري”.
وهذه الحرب، بحسب الداوود “يتم فيها تجهيز مركبات بمعدات عالية الخطورة، ويتم خلالها استخدام الطائرات المسيّرة وأسلحة رشاشة وثقيلة، وبذلك بات أخطر ما فيها وجود مجموعات مسلحة مرافقة للمهربين لتنفيذ عملية دخول المواد بالقوة للأراضي الأردنية”.
وكان الكاتب الأردني أحد الأشخاص الذين غطّوا، في الأيام الماضية زيارة ملك الأردن، عبد الله الثاني إلى الحدود مع سورية، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين في الجيش الأردني.
ولخّص الداوود الجو العام لتلك الزيارة، مشيراً إلى أنه “من الواضح تماماً أن الأردن يخوض هذه المعركة وحده، وأنه يتحمل العبء عن الجانب السوري”.
وتحدث الكاتب عن “من يقف خلف عصابات وتجار ومهربي المخدرات داخل سورية وخراجيها، بقوله: “إنها جهات كبيرة جداً وتتنامى بدليل اكتشاف نحو 160 شبكة حتى الآن، وأنها باتت تتعاون مع مجموعات مسلحة لتنفيذ عملياتها، وأنها تمتلك آليات عسكرية متطورة بما فيها الطائرات المسيرة”.
وأضاف أن “المؤشرات تنبئ عن مواجهات قادمة قد تكون أشد ضراوة”، معتبراً أن “المعركة ليست مجرد حرب ضد تجار مخدرات فحسب، لأن العدو (عصابات المخدرات ومن يقف خلفها) تستهدف أمن واستقرار الوطن”.
جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، يزور واجهة المنطقة العسكرية الشرقية #الأردن pic.twitter.com/vQA1qIkICx
— RHC (@RHCJO) February 14, 2022
“تساؤلات وإجابات”
في غضون ذلك نشر العميد السابق في المخابرات الأردنية، عمر الرداد مقالة على وكالة “عمون” الأردنية، بعنوان: “تهريب المخدرات من سورية إلى الأردن.. تساؤلات وإجابات“.
ويقول الرداد إن هناك حقيقتين حول التصعيد الجديد في عمليات التهريب.
والحقيقة الأولى هي أن “لدى المستويين العسكري والأمني معلومات شاملة تجيب على كثير من التساؤلات، حول من يقف وراء تلك العصابات وأسباب ازدياد عمليات التهريب كماً ونوعاً، وليس مطلوبا من الجيش والأجهزة الأمنية الكشف عن كل ما لديهم من معلومات”.
أما الثانية فهي أن “هذا التصعيد جاء بعد سيطرة الجيش السوري على مناطق محافظة درعا، وانتشار تشكيلات عسكرية سورية تسللت معها مليشيات إيرانية، وهو ما أكدته بيانات الجيش الأردني حول تعاون نقاط حدودية أمنية وعسكرية في الجهة المقابلة مع عصابات التهريب وتسهيل مهامها”.
علاوة على تسريبات أخرى من الداخل السوري تؤكد “وقوع صدامات بين عصابات مخدرات تتبع لأوساط عسكرية سورية وأخرى لحزب الله وايران”.
وبحسب الضابط الأردني السابق “يبدو أن صراع مراكز القوى في سورية، في أوساط قيادية عسكرية وأمنية، بما فيها صراعات بمرجعية ولاءات لإيران وأخرى لروسيا تقف وراء استهداف الأردن”.
ويوضح: :إذ أن بعض تلك الأوساط غير راضية عن التقارب الأردني مع الحكومة السورية، بما في ذلك اتفاقات الطاقة مع لبنان وفتح الحدود والمعابر، لا سيما وأن غالبية الاتفاقيات مع الحكومة السورية تم إنجازها بوساطة موسكو، ولم تكن من بوابة طهران”.
وأشار الرداد إلى أن “الأردن ليس الوحيد المستهدف بهذا التصعيد، واليوم هناك شبكات عابرة للحدود أصبحت تستخدم تقنيات متقدمة، من بينها الطائرات المسيرة التي تقتصر مهامها (حتى الآن) على الاستكشاف وتهريب المخدرات!”.
حرب "المخدرات" عبر الحدود السورية تشغل الأردن .. غرفة عمليات أمنية قريبًا وظيفتها "البحث عن شركاء محليين" https://t.co/8mrB9PSY02 pic.twitter.com/iBVTVGq2AD
— Hamza obiedat (@Hamza91597763) February 19, 2022