(نُشر هذا المقال لأول مرة في 10 فبراير/شباط 2022 على موقع FİKİR TURU باللغة التركية)
العملية الأمريكية ضد زعيم “داعش” في إدلب، فتحت الباب أمام العديد من الأسئلة. مثل: لماذا انتظرت الولايات المتحدة 11 شهراً لإجراء العملية؟ ما مدى فعالية ودور الولايات المتحدة في إدلب؟ أين تركيا في الصورة؟ هل كان “حزب الاتحاد الديمقراطي” جزءاً من العملية؟ كيف يتم تكوين توازن جديد في المنطقة؟
في الأيام الأولى من شهر شباط، داهمت القوات الأمريكية الخاصة إدلب، وقضت على زعيم “داعش” أبو إبراهيم الهاشمي القريشي، وتم الإعلان عن الخبر للعالم من قبل الرئيس الأمريكي “جو بايدن”. وفي الحقيقة ما جعل للعملية أهمية كبيرة أنها تمت على الحدود مع تركيا، بكل ما يتصل بحساسية الموقف التركي بشأن إدلب و”داعش” والمنطقة.
في تقريره المنشور بموقع fikirturu(مترجم للسورية.نت هنا)، ناقش البروفسور المشارك، سرهات اركمن، الأسئلة المهمة التي يجب التفكير فيها حول هذه العملية، خلال تقييمه عمليات الولايات المتحدة التقليدية في ادلب، وما قد يحدث في المنطقة في المستقبل القريب، وهنا نحن قد نساهم أيضاً في النظر إلى القضية من زوايا مختلفة. لماذا انتظرت الولايات المتحدة 11 شهرًا لتنفيذ العملية؟
بشكل عام، يشير التحليل الى إنه ليس من المنطقي أن تنتظر الولايات المتحدة 11 شهراً لتنفيذ العملية. بيد أن مفهوم “التحريات – العمليات-البولسية” تتضمن بعض الاختلافات الأساسية عن فهم العمليات الاستخباراتية.
ويرتكز تطبيق القانون على ضبط الجريمة والقبض على المجرم، بمجرد أن يتم تحديد الجاني. ولكن، إذا كنت تلاحق شبكة سرية مثل منظمة إرهابية أو متمردة أو منظمة إجرامية عابرة للحدود الوطنية وقمت بتحديد حلقة مهمة، هنا سوف تنتظر بصبر، فالهدف من ذلك هو الوصول إلى الشبكة بأكملها قدر الإمكان.
لذلك، يبقى قائد “داعش” الهدف الأول الذي تراه الولايات المتحدة الأمريكية، نظراً لتراجع طبيعة نشاط “داعش” للعمل في الخفاء الذي جعل الأمر صعبًا على الولايات المتحدة.
ما هو تأثير ودور الولايات المتحدة الأمريكية في إدلب؟
السؤال الرئيسي الذي يجب طرحه هنا في الاساس ما هو دور ووضع تركيا؟ من الواضح أن وضعها ملحوظ في عدة نقاط:
أولاً، مثل هذه العملية ممكنة بعمل استخباراتي مستمر وفعال في إدلب. وهذا يتطلب تحليلاً لكافة المعلومات وجودتها لفترة طويلة، وصبراً واستخدام أدوات جمع مختلفة، ويبقى التحدي العثور على الإرهابيين الذين يعيشون بين المدنيين ومثلهم.
إذا كنت تركز على هدف من هذا النوع، تعتبر أدوات جمع المعلومات الاستخباراتية التكنولوجية ثانوية. يبقى المفتاح هو الاستخبارات البشرية. وتبين لنا التصريحات – الامريكية-أن الاستخبارات العسكرية الأمريكية لديها ما يكفي من الأفراد في “جيب” إدلب، وأن لديها أيضاً متعاونين محليين موثوقين. بالطبع، يعتمد بقاء الموارد المحلية أيضاً على إقامة حياة تكافلية مع أولئك الذين يسيطرون على الجيب في إدلب.
أين تركيا في الصورة؟
ثانياً، تقع منطقة العمليات قريباً جدًا من الحدود التركية وهي “نظرياً” تقع تحت السيطرة التركية. ومن أجل القيام بالعملية باستخدام وحدة محمولة جواً، فهي مجبرة على الطيران ضمن المجال الجوي التركي وليس فقط في إدلب.
علاوة على ذلك، من الواضح ان تركيا ستكون “المنطقة الامنة” فيما لو ساءت الأوضاع في العملية، للقيام بعمليات البحث والإنقاذ. وعند هذه النقطة، من الضروري أن نسأل أين تركيا في “الصورة”.
هل كان حزب الاتحاد الديمقراطي”PYD” جزءاً من العملية؟
كان أشار”د. سرهات إركمن” في تحليله المذكور اعلاه وبشكل غير مباشر، أن عناصر “حزب الاتحاد الديمقراطي” ربما شاركوا في العملية. وعندما تدمج هذا التحليل مع دور تركيا ومكانتها، تظهر صورة مثيرة للاهتمام.
إذا كان “حزب الاتحاد الديمقراطي” جزءاً من العملية، فهل سيتم تقديمه على أنه “شركة عسكرية خاصة” ليكتسب الشرعية؟ وهل يمكن أن يكون جزءاً عضوياً من عملية عسكرية تنفذ في منطقة تسيطر عليها تركيا، ومروراً بالأجواء التركية، حتى لو كان في طائرة “هليكوبتر” أمريكية؟
توازن جديد على طرف الأرجوحة
هناك أيضاً حالة مثيرة للاهتمام في العمليات التقليدية للولايات المتحدة الأمريكية. ما هو الهدف من تحركات “تجانس المجموعات المختلفة” المستمرة منذ عدة سنوات في “جيب إدلب”؟
في واقع الأمر، لم يعد “الإرهابيون الجهاديون سيئو السُمعة” في الماضي القريب في إدلب إرهابيين للولايات المتحدة. تماماً كما تم تغيير اسم “حزب العمال الكردستاني العامل في سورية ليصبح “قوات سوريا الديمقراطية”. وكلاهما مع تغيير الاسم يتحول إلى علامة تجارية جديدة وجهات فاعلة تعاونية مقبولة. ويبدو الأمر كما لو أن هناك آلية موازنة على طرفي الأرجوحة.
بالطبع، لا يمكن أن تكون لعبة التوازن هذه دون موافقة الولايات المتحدة وتركيا. ولا يُسع المرء إلا أن يسأل: هل هذا هو السبب، لدخول وخروج الولايات المتحدة من إدلب، في الوقت الذي تعمل فيه تركيا في سوريا والعراق؟ أم أن “الجيش السوري الحر” تائه في الضباب؟
ترجمهُ لـ”السورية.نت”: نادر الخليل، زميل في “مركز عمران للدرسات الاستراتيجية”
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت