حرف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس الجمعة، مسار الحرب ضد أوكرانيا، من خلال إعلانه قبول فكرة “مساعدة الآلاف” من المقاتلين في سورية والشرق الأوسط، للذهاب إلى القتال في إقليم دومباس.
ولا يعرف بالتحديد الهدف من وراء الإعلان عن هكذا خطوة في الوقت الحالي، سواء إن كانت لغايات عسكرية على الأرض في أوكرانيا، أم أنها تأتي في سياق مناكفة موسكو للدول الغربية وكييف.
وكان لافتاً في الأيام الماضية سلسلة التقارير التي نشرتها شبكات محلية سورية ووسائل إعلام أمريكية، حيث كشفت عن عمليات تجهيز قوائم أسماء لمقاتلين سوريين في مناطق سيطرة النظام السوري، بغية التسجيل للذهاب إلى أوكرانيا.
وفي الوقت الذي تأكدت فيه هذه النية، من خلال حديث بوتين ووزارة الدفاع الروسية، أمس، لم توثق أي عمليات نقل مقاتلين حتى الآن، حيث يقتصر الأمر على تجهيز قوائم أسماء فقط.
وأعلن الكرملين في بيان، أمس، أنه “سيُسمح للمقاتلين من سورية ودول الشرق الأوسط القتال إلى جانب روسيا في أوكرانيا”.
ورد الرئيس الأوكراني، فولودومير زيلينسكي على ذلك بالقول: “روسيا ترسل مرتزقة سوريين إلى بلادنا، هؤلاء لا يعرفون حتى الفرق بين اللغة الروسية والأوكرانية، ولا يعرفون الفروق بين كنائسنا. سنواصل الدفاع عن بلادنا ضد كل من يعتدي عليها”.
“أضعاف راتب الجندي السوري”
ونشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريراً، اليوم السبت، قالت فيه إن “سورية تجند قوات من جيشها للقتال مع القوات الروسية في أوكرانيا”، في إشارة منها لقوات النظام السوري.
وأضافت أن “الجيش السوري بدأ بتجنيد قوات من صفوفه للقتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، ووعد بدفع 3000 دولار شهرياً – وهو مبلغ يصل إلى 50 ضعف الراتب الشهري للجندي السوري”.
وتحدثت الصحيفة عن أنه “تم نشر إشعارات التجنيد على مواقع إلكترونية مرتبطة بالنظام في الأيام الأخيرة، بما في ذلك ملفات شخصية مرتبطة بالفرقة الرابعة، إحدى الوحدات الأساسية لبشار الأسد. ينص أحد هذه الإعلانات على أن القوات التي ستوقع ستقاتل في أوكرانيا”.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن انتشار من وصفتهم بـ”المتطوعين” سيتم في منطقة دونباس الانفصالية بشرق أوكرانيا، حيث تركزت معظم المعارك الأخيرة.
واعتبرت “الغارديان”: “حتى بالنسبة للجيش الذي أنهكه عقد من الحرب في الداخل، فإن عرض مثل هذا الراتب سيثبت على الأرجح أنه إغراء مهم للقوات الموالية للأسد، التي استعادت السيطرة على ما يقرب من ثلثي سورية”.
ويزعم بوتين أن ترحيبه بالقوات الأجنبية جاء بعد تدفق المقاتلين الأجانب إلى أوكرانيا، التي قال إنها شجعت على السفر إلى هناك من قبل الغرب.
ويثير التدفق المتزايد للأجانب شبح تحول الحرب إلى صراع إقليمي – وهو أمر تحاول الدول الأوروبية والولايات المتحدة تجنبه، بحسب الصحيفة البريطانية.
وتابعت: “على الرغم من صغر عددها نسبياً، إلا أن التزام القوات الروسية بسورية على مدى السنوات السبع الماضية كان استثماراً ضخماً لبوتين، والذي لم يجن منه بعد المكافآت التي توقعها”.
وواصل مسؤولو المخابرات الادعاء، يوم الجمعة، بأن بوتين فوجئ بقوة المقاومة الأوكرانية، واستعداد الغرب لتزويد كييف بالأسلحة، التي أبطأت بشكل كبير التقدم الروسي، وأوقعت خسائر فادحة في سلاح الجو الغازي.
ومع ذلك، حذر مسؤول أوروبي كبير من أن بوتين لم يأذن بعد باستخدام الأسلحة الاستراتيجية، مثل القاذفات الثقيلة، أو الصواريخ الباليستية طويلة المدى، والتي يمكن أن تزيد بشكل كبير من مستويات الدمار.
من هم “المتطوعون”؟
في غضون ذلك نشرت وكالة “أسوشيتد برس” تقريراً، اليوم السبت، سلطت فيه الضوء على الجماعات المسلحة السورية الموالية لروسيا، والتي تعتمد عليها الأخيرة للتطوع في القتال إلى جانب جيشها في غزوه الأراضي الأوكرانية.
وقالت الوكالة إنه من الواضح أن لدى النظام السوري “مجموعة غنية من المقاتلين يمكن الاستفادة منها. إن الجيش الروسي متجذر بعمق في دولة الشرق الأوسط، حيث ساعد تدخله – الذي بدأ في عام 2015 – الرئيس السوري بشار الأسد على كسب اليد العليا في الحرب الأهلية المستمرة منذ 11 عاماً”.
تضم صفوف الجماعات شبه العسكرية الموالية للنظام في سورية عشرات الآلاف من ما يسمى بـ “قوات الدفاع الوطني” ومقاتلي “الميليشيات المسيحية” والمقاتلين، الذين تركوا الجيش ونشطوا في حرب المدن وحرب العصابات.
وتشمل أيضاً وحدات وميليشيات رديفة أخرى مدعومة من روسيا، قاتلت إلى جانب جيش النظام.
وبحسب ما نقل تقرير الوكالة عن بعض المحللين، فإن روسيا بإمكانها تجنيد عناصر هذه الجماعات بسرعة للقتال في أوكرانيا.
وأوضح أن التجنيد الذي تديره مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية، استمر لعدة أيام في محافظة دير الزور الشرقية بالقرب من الحدود مع العراق، حيث تم تسجيل عشرات المتطوعين من المحافظة.
وتعرض روسيا على أولئك المتطوعين ما بين 200- 300 دولار أميركي للعمل بصفة “حراس أمن” في أوكرانيا لمدة ستة أشهر في كل مرة. إلا أن بعض المراقبين والناشطين السوريين يرون أن آلية التجنيد ما تزال في مراحلها الأولى.