“نحن مستعدون للحرب في أوكرانيا وسنريهم ما لم يروه قط”، بهذه الكلمات ينتظر قائد “الدفاع الوطني” في مدينة السقيلبية بريف حماة الغربي، نابل شفيق العبد الله، الأوامر الروسية للقتال إلى جانب قواتها في غزوها لأوكرانيا.
ومنذ الغزو الروسي هذا، في 24 فبراير/ شباط الماضي، والحديث عن خروج مقاتلين من سورية لمساندة القوات الروسية، برز اسم العبد الله كأحد الأشخاص الذين شاركوا بجرائم قوات الأسد في سورية، والراغبين بالذهاب لمواجهة من أطلق عليهم “النازيين الجدد” في أوكرانيا.
وقال العبد الله لوكالة “رويترز“، اليوم الأحد، إنه “بمجرد أن نحصل على تعليمات من القيادتين السورية والروسية، سنخوض هذه الحرب”.
ويضيف “نحن مستعدون بمجرد أن تأتي التعليمات بالذهاب والانضمام، سنريهم ما لم يروه قط، سنشن حروب الشوارع و(نطبق) التكتيكات التي حصلنا عليها خلال معاركنا في سورية”.
ليست المرة الأولى التي يعلن فيها العبد الله رغبته بالالتحاق بالقوات الروسية، إذ نشر قبل أيام تسجيلاً عبر صفحته في “فيس بوك“، ينفي فيها خروجه إلى أوكرانيا، لكن رغم ذلك يؤكد على استعداده للذهاب بعد حصوله على التوجيهات والتعليمات من قبل روسيا والنظام.
ويسعى العبد الله، الذي يعتبر من الرجال المخلصين لروسيا في سورية، إلى تسجيل اسمه في “التاريخ الجديد” كما يصفه، فيما لو أتيح له الذهاب إلى أوكرانيا.
ولم يكن العبد الله، الذي ينحدر من السقيلبية معروفاً قبل انطلاق الثورة السورية، وكان يعمل، حسب تقارير إعلامية، بالزراعة قبل افتتاحه محل اتصالات خليوية.
ومع اندلاع الثورة السورية اتخذ العبد الله غطاء الدين، للتقرب من نظام الأسد، الذي قدم دعماً، وجعله قائداً للدفاع الوطني في المدينة ذات الأغلبية المسيحية بهدف استمالة أبنائها.
عمل العبد الله على إقامة معسكرات تدريبية في المدينة، وبدأ بضم الشباب وحتى الأطفال، حسب ما أظهرت صور نشرتها صفحات موالية لنظام الأسد في يوليو/ تموز 2015.
وذكرت صفحة “الدفاع الوطني في السقيلبية” حينها، أن الدورة هي الأولى من نوعها على مستوى سورية، في حين علق العبد الله خلال جولة تفقدية للدورة بقوله، إن “الدورة هي تدريب على أعمال المؤازرة والمساندة والخدمات العسكرية، بالإضافة إلى دروس التوجيه والتوعية”.
ومع تطور الأحداث العسكرية قدمت قوات الأسد دعماً عسكرياً للدفاع الوطني وقائده في السقيلبية، ليكون العبد الله وعناصره مركز انطلاق لعمليات قوات الأسد في ريف حماة، إلى جانب تزويده براجمات الصواريخ وقذائف.
وشارك العبد الله في كثيرٍ من معارك ريف حماة، وخاصة قلعة المضيف وكفرنبودة، إلى جانب معارك ضد تنظيم ما يعرف “الدولة الإسلامية” في البادية السورية.
التدخل الروسي.. نقطة تحول
كان التدخل الروسي في سورية، في سبتمر/ أيلول 2015، نقطة تحول بالنسبة لنابل العبد الله وعناصره، بسبب الدعم الكبير الذي قدم له من قاعدة حميميم واتخاذه كرجل دين مسيحي.
ولعب الاهتمام الروسي بالمسيحيين من أبناء المنطقة دوراً مهماً في دعم نابل في المنطقة، الأمر الذي وطد علاقته مع الروس، عبر تقديم الدعم العسكري له، إذ تم تزويده بمعدات نوعية، كأجهزة الرصد الليلي، وأجهزة الكشف عن الألغام والمتفجرات.
وزار نابل موسكو عام 2019 لتمثيل منطقة سهل الغاب بريف حماة، في المؤتمر المسيحي العالمي الخامس الذي أقيم في العاصمة الروسية.
ومنحت روسيا العبد الله، العام الماضي، وسام “الإخلاص لروسيا” من الدرجة الثانية، بسبب “نجاحه في تنفيذ مهام خاصة والمساهمة في تعزيز الصداقة القتالية ومكافحة الإرهاب في سورية”، حسب ما جاء في نص رسالة تكريم مرفقة.
ولم يكن وسام “الإخلاص” الأول الذي يمنحه الروس لنابل، إذ كرمته وزارة الدفاع الروسية بوسام “الشجاعة والإقدام”، في 26 فبراير/ شباط 2018.
كما ظهر نابل إلى جانب قائد الدفاع الوطني في محردة، سيمون الوكيل، في قاعدة حميميم عدة مرات.
وحاول العبد الله، خلال السنوات الماضية، إظهار نفسه أمام الروس، كقيادي يدافع عن أبناء بلدته والدين المسيحي، عبر وضع لائحة بأسماء القتلى الروس المشاركين في العمليات العسكرية على الأراضي السورية في كنيسة السقيلبية.
كما قرر العبد الله، في 2020، بناء كنيسة كنسخة مصغرة عن آيا صوفيا في مدينة السقيلبية، وذلك رداً على خطوة الحكومة التركية بافتتاح مبنى آيا صوفية كمسجد في إسطنبول.
أكبر عملية تجنيد
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، تحدثت تقارير إعلامية عن عمليات تجنيد وتسجيل آلاف السوريين للقتال في أوكرانيا، برعاية نظام الأسد، مقابل مبالغ مالية تصل إلى مئات الدولارات لكل شخص شهرياً.
وقالت رئاسة الأركان الأوكرانية، يوم الجمعة الماضي، إن روسيا تعمل على تجنيد ألف مقاتل “مرتزق” من سورية للقتال في أوكرانيا.
في حين حذر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، المقاتلين الأجانب من الذهاب إلى أوكرانيا، وقال: أحذر كل من يحاول الانضمام إلى المحتلين في أراضي أوكرانيا، هذا سيكون أسوأ قرار في حياتكم، فالعمر الطويل أفضل لكم من النقود المعروضة عليكم”.
في حين تحدثت صحيفة “الغارديان”، أمس السبت، بأن النظام السوري يشرف على” أكبر عملية لتجنيد المرتزقة في العالم”.
وقالت الصحيفة “إنهم فقط طليعة لما يمكن اعتباره، أكبر عملية لتجنيد المرتزقة برعاية حكومية، في العالم، وخلال أيام يمكن أن ينتشر الجنود السوريون على خطوط الاشتباك في أوكرنيا، لتعزيز الجبهات الروسية المعطلة في أوكرانيا”.