تخيّم “تكتيكات الحصار” التي تتبعها القوات الروسية في أوكرانيا على مشهد العمليات العسكرية هناك، والمتواصلة منذ يوم 24 فبراير الماضي على أكثر من جبهة.
ويرى كبار المسؤولين الأمريكيين دلائل في الوقت الحالي على أن الكرملين يتحول إلى استراتيجية جديدة، لتأمين أهداف إقليمية رئيسية، مع السعي إلى إجبار الحكومة الأوكرانية على قبول وضع الحياد بين روسيا والغرب.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن أحد المسؤولين قوله، اليوم الاثنين إن المؤشرات تشير إلى أنه خلال أكثر من ثلاثة أسابيع من القتال الشرس، واجهت القوات الروسية مقاومة أوكرانية شرسة، مما دفع بوتين إلى تعديل تكتيكاته.
ويتمحور تقييم استراتيجية بوتين الجديدة، الذي شارك فيه كبار المسؤولين داخل إدارة بايدن، حول إجبار كييف على قبول السيطرة الروسية على مناطق بجنوب شرق أوكرانيا.
وبعد الاستيلاء على شبه جزيرة القرم ومناطق بدونباس عام 2014، تسعى روسيا إلى تأمين “جسر بري” بين غرب روسيا وشبه جزيرة القرم، وتوسيع السيطرة الروسية على منطقة دونباس.
كما سيواصل بوتين ضغطه العسكري، بما في ذلك قصف المدن الأوكرانية، حتى يقتنع الرئيس الأوكراني، فولدومير زيلينسكي بالتخلي عن آماله في الانضمام إلى المعسكر الغربي، وبالتالي الموافقة على وضع محايد ومطالب روسية أخرى.
وبحسب المسؤولين الأمريكيين فإنه في حال رفض أوكرانيا مطالب بوتين، من المتوقع أن تحاول روسيا الحفاظ على كل الأراضي التي استولت عليها.
وبعد الجولات الأولية من المفاوضات، لا تزال أوكرانيا وروسيا متباعدتين حول القضايا الرئيسية، بما في ذلك مطالب الكرملين بأن تعترف حكومة زيلينسكي بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، وتتخلى رسمياً عن السيطرة على منطقة دونباس، وتتخلى عن تطلعاتها طويلة المدى للاندماج مع الغرب.
وقال مسؤول أميركي آخر للصحيفة: “بناء على تقييماتنا عسكرياً، يبدو أن بوتين يعود إلى تكتيكات الحصار”.
وبالنسبة لمواطني أوكرانيا المحاصرين، فإن الاستراتيجية المتغيرة تعني أسابيع، وربما شهور، من الهجمات الروسية، وذلك من أجل الضغط على حكومة زيلينسكي للتخلي عن الأراضي والتنازل عن الترتيبات الأمنية.
ويأتي تقييم “الخطة ب” لبوتين، كما أسماها أحد المسؤولين الأمريكيين، مع عدد من المحاذير المهمة، حيث أنه قد يوسع أهدافه الحربية، إذا بدأ جيشه في تحقيق المزيد من النجاح ضد القوات الأوكرانية.
ولا يزال وضع العاصمة كييف سؤالاً مفتوحاً، ونظراً للمقاومة الأوكرانية القوية، فمن غير الواضح ما إذا كان الجيش الروسي قادراً على حشد عدد كاف من القوات، لتطويق كييف بشدة والاستيلاء عليها، بحسب ما قاله بعض المسؤولين الأميركيين.
وفي هذا السياق، قال دانييل فرايد، المسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية، والذي عمل سفيراً للولايات المتحدة في بولندا: “هدف (بوتين) لم يتغير على الإطلاق، ولكن ما تغير هو تكتيكاته”.
ولا تزال الأوضاع الإنسانية تتدهور في معظم جنوب وشرق أوكرنيا، حيث تواصل القوات الروسية تقدمها، وكذلك في الشمال في محيط العاصمة كييف.
وقد فر نحو 10 ملايين شخص من منازلهم في أوكرانيا، بسبب حرب روسيا “المدمرة”، حسبما قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، الأحد.