علّقت وزارة الخارجية الأمريكية على تحقيق “مجزرة التضامن” الذي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، قبل أيام، وكشفت فيه عن جريمة حرب ارتكبها عناصر في مخابرات نظام الأسد قبل ثماني سنوات في أحد أحياء جنوب دمشق.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، اليوم الجمعة، إن الولايات المتحدة ملتزمة “بمحاسبة النظام السوري على الفضائع التي ارتكبها بحق شعبه”.
وأضاف المتحدث أن الوزارة تثني على “جهود أولئك الذين يعملون لتقديم الأسد ونظامه إلى العدالة.. وغالبا ما يعرضون حياتهم للخطر”.
وأوضح أن “النظام السوري مسؤول عن موت ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين، وتشريد أكثر من نصف سكان البلاد، إضافة لاستمرار الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري لأكثر من 130 ألف رجل وامرأة وطفل”.
وكان التحقيق الموثّق بالفيديو قد أثار، في اليومين الماضيين، ردود فعل غاضبة بين سوريين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأظهر التسجيل المصور عناصر من مخابرات نظام الأسد، وهم يعدمون عدد من المدنيين وهم معصوبو الأعين، وأيديهم مقيدة، قبل دفعهم إلى حفرة وإطلاق الرصاص عليهم قبل حرقهم، في حي التضامن بدمشق.
وكشف التحقيق عن هوية الجناة، على رأسهم أمجد يوسف، والذي كان يشغل بعج عام 2011 منصف صف ضابط “مُحقِّق”، في فرع المنطقة أو الفرع 227، وهو فرع تابع للأمن العسكري “شعبة المخابرات العسكرية”.
وتحدثت الخارجية الأمريكية أنه “من دون المساءلة لا يمكن أن يكون هناك حل دائم للصراع”.
وأضاف المتحدث باسمها: “نحن نؤيد الدور الهام للجنة التحقيق والآلية الدولية المحايدة والمستقلة، كما نرحب بالجهود المستمرة التي تبذلها المحاكم الوطنية للتحقيق والملاحقة القضائية في الجرائم الواقعة ضمن اختصاصها والمرتكبة في سورية”.
و”مجزرة التضامن” ليست الأولى من نوعها في سورية، كما أنها دليل من بين الكثير التي توثق منها المجتمع الدولي على نحو كبير، خلال السنوات الماضية.
وذلك ما أشار إليه سوريون مؤخراً، منتقدين طريقة التعاطي الدولية مع نظام الأسد، والأسباب التي تقف وراء عدم تطبيق المحاسبة حتى الآن، رغم وجود الكثير من الدلائل كصور قيصر والتسجيلات المتعلقة بالهجمات الكيماوية، وأخيراً تحقيق “مجزرة التضامن”.
ما هي لجنة التحقيق؟
أنشئت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المكلفة بالتحقيق في الجرائم والانتهاكات الحقوقية بسورية، في 22 أغسطس/آب 2011 بعيد اندلاع الثورة السورية بشهور عديدة، جراء القمع المتصاعد ضد المواطنين السوريين المطالبين بالحرية والكرامة.
وأصدرت اللجنة منذ تأسيسها عددا من التقارير والتحديثات الدورية، عرضت فيها انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سورية، استناداً إلى مئات المقابلات مع شهود وضحايا بشكل مباشر في المخيمات والمستشفيات في البلدان المجاورة لسورية، وأحياناً عبر مقابلات بالهاتف وسكايب مع ضحايا وشهود داخل البلد.
ورغم الجهود التي بذلتها اللجنة والتقارير المستقصية التي قدمتها والاتهامات التي وجهتها للأطراف في سورية، وفي مقدمتها النظام السوري والمليشيات الموالية له الذين حظوا بنصيب الأسد من اتهامات اللجنة، فقد بقيت تقاريرها حبيسة الأدراج المغلقة ولم تتحول إلى إجراءات تستهدف محاكمة المتورطين بالجرائم.
وتقول منظمات حقوق إنسان سورية ودولية إن النظام السوري ارتكب الجزء الأكبر والأخطر من جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان، منذ عام 2011.
في المقابل افتقرت اللجنة إلى تفويض بإجراء محاكمات، ومنعت الخلافات داخل مجلس الأمن من إحالة الملف إلى محكمة جرائم الحرب الدولية بلاهاي، وبسبب ذلك ظلت تقاريرها وإفاداتها حبراً على ورق.