نشرت مجلة “نيوز ويك” الأمريكية مقالاً تحليلاً للعميد (الاحتياط) جاكوب ناجل مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو رجّح فيه أن يصب أي انسحاب روسي في سورية في مصلحة إسرائيل.
وكانت تقارير إعلامية إحداها لصحيفة “موسكو تايمز” قد تحدثت، في الأيام الماضية، عن إقدام موسكو على “تقليص قواتها في سورية”، لمواجهة الضغوط العسكرية التي تتعرض لها في الأراضي الأوكرانية.
ورغم أن هذه المعلومات لم يؤكدها أو ينفيها أي مصدر رسمي في موسكو، إلا أنها لاقت الكثير من الاهتمام لدى الأوساط الغربية.
كما أنها دفعت العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني للتحذير بأن الدور الروسي في البلاد يتراجع، وأن “هذا الفراغ سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم”، مضيفاً: “للأسف أمامنا هنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا”.
ما هي الفرصة؟
واستعرض كاتب المقال التحليلي جملة من التطورات المتعلقة في أوكرانيا من جهة، وانعكاساتها التي “باتت واضحة”، بحسب تعبيره على الملف السوري.
ويقول جاكوب ناجل: “الآن كل الأنظار تتجه إلى سورية. دفعت الحرب في أوكرانيا روسيا إلى إعادة نشر بعض القوات والمعدات خارج سورية، حيث كانت تدعم نظام بشار الأسد المحاصر. مع رحيل الروس، يريد الإيرانيون ملء الفراغ”.
وجاء في المقال أن “الإسرائيليون مصممون على عدم السماح بحدوث ذلك”.
وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، الأسبوع الماضي، عن تفاصيل أكبر تدريبات للجيش الإسرائيلي في السنوات الأخيرة.
وتضمنت التدريبات محاكاة ضربات جوية على إيران ومحاكاة حرب متعددة الجبهات ضد وكلاء تدعمهم إيران في سورية ولبنان وغزة.
واعتبر ناجل: “كانت الرسالة واضحة: الحكومة الإسرائيلية تزن خياراتها العسكرية، والجيش مستعد لما تقرره الحكومة. وبذلك يجب أن تكون إيران قلقة”.
وكان لافتاً خلال الأيام السبعة الماضية إقدام إسرائيل على استهداف مواقع عسكرية في سورية، الأولى في مصياف بريف حماة الغربي، والثانية في محيط العاصمة دمشق. وحصلت الضربة الأخيرة، ليلة أمس الجمعة، وأسفرت عن قتلى من قوات الأسد و”خسائر مادية”، بحسب وكالة “سانا”.
وجاءت هذه الضربات بالتزامن مع الحديث الذي ساد عن “بدء تقليص القوات الروسية في البلاد، لصالح قوات وميليشيات إيرانية”.
وأوضح المقال أن “خروج روسيا من سورية يشكل الآن خطراً وفرصة لإسرائيل”.
ويضيف: “من الواضح أن الإيرانيين يسعون لملء الفراغ في الأراضي الرئيسية التي أخلتها روسيا. لكن مثل هذه الخطط يمكن التنبؤ بها وشفافة”.
وجاء فيه: “يمكن للعمليات العسكرية الإسرائيلية (الضربات) أن تجبر الإيرانيين على الخروج. في الواقع، بدون الروس وأنظمة دفاعهم الجوي المتقدمة، يجب أن يتمتع سلاح الجو الإسرائيلي بحرية أكبر للمناورة”.
وبعد سنوات من الخلاف الدقيق مع الكرملين مدفوعاً بالخوف من استهداف طائرات روسية بطريق الخطأ في سماء سورية أو القوات الروسية على الأرض، “يمكن للجيش الإسرائيلي الآن أن يكسب مصلحته”.
وتابع جاكوب ناجل: “مع تركيز الروس على أوكرانيا، ورد أن عدد العمليات الإسرائيلية في سورية قد زاد بالفعل ومن المرجح أن يتكثف فقط”.
ما المتوقع؟
وحتى الآن لم يصدر أي تعليق إسرائيلي بشأن التقارير التي تحدثت عن “الفراغ الروسي، ومحاولات إيران لاستغلاله”.
كما لم تصدر تعليقات بخصوص الضربات التي استهدفت مصياف ومحيط العاصمة دمشق، وهي سياسة تتبعها إسرائيل، منذ بدء ضرباتها ضد مواقع “الميليشيات الإيرانية” في سورية.
وبينما يتخذ الإيرانيون ذات السياسة بـ”عدم التعليق”، كانت روسيا قد اتجهت مؤخراً للتعليق على كل ضربة على حدة، معلنة تصدي منظومات الدفاع الجوي للصواريخ الإسرائيلية، وأن القصف أسفر عن خسائر بشرية ومادية.
في المقابل لم يتضح أي موقف من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، وهي الطرف الفاعل سياسياً وعسكرياً في سورية، منذ سنوات طويلة، وتشترك مع إسرائيل بجملة من القواسم المشتركة.
وأورد المقال التحليلي الذي نشرته “نيوز ويك” أنه “إذا وقّعت الولايات المتحدة على الاتفاق النووي الذي يلوح في أفق معيب شديد مع إيران، فإن تخفيف العقوبات الهائل الذي تحصل عليه الأخيرة سيكون بمثابة نعمة للجهود العسكرية الإيرانية في المنطقة”.
وأضاف: “بين رحيل روسيا وأزمة لبنان والعقبة الأخيرة في المفاوضات النووية، قد يكون لدى إسرائيل فرصة قصيرة للحد بشكل كبير من التهديد الإيراني في سورية والبنية التحتية لإنتاج الصواريخ الموجهة بدقة (PGM) في لبنان”.
واختتم المقال بعبارة: “يمكن دعم ذلك بمساعدة سياسية ودبلوماسية من واشنطن. لكن باستثناء ذلك يمكن توقّع أن تعمل إسرائيل بمفردها”.