تغيب الأنظار عن الظروف والأوضاع التي تعيشها السجينات في الشمال السوري، رغم الحاجة الماسة لتسليط الضوء عليهن، وعدم تهميشهن ضمن مشاريع الحماية والتدريب وإعادة التأهيل التي تستهدف عموم النساء في تلك المناطق.
ونظراً لـ”حساسية الأمر من الناحيتين الأمنية والاجتماعية”، تواجه تلك المشاريع تحديات وعقبات عدة تجعل من الصعب الوصول للسجينات وتخصيص برامج لهن، مع وجود استثناءات لمشاريع لم تظهر للعلن.
ومنذ بداية العام الجاري، بدأت منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية”، أحد برامج “المنتدى السوري”، العمل على مشروع مماثل يستهدف السجينات في مناطق ريف حلب الشمالي، تحت اسم “برنامج الحماية للنزيلات في السجون التابعة للإدارات المحلية شمالي حلب”.
مشروع “فريد” يستهدف فئة “مهمشة”
تقول منسقة قسم الحماية في منظمة “إحسان”، مجد صوان، في حديثها لموقع “السورية نت”، إن البرنامج يستهدف السجينات اللواتي دخلن الحجز لأسباب جنائية،، في كلٍ من جرابلس واعزاز والراعي، الخاضعة لإدارة “الحكومة السورية المؤقتة” شمالي حلب.
وأضافت أن أهمية المشروع تكمن في كونه “فريد من نوعه”، إذ لم يسبق لأي جهة تقديم هذا النوع من الخدمات لفئة مهمة في المجتمع، تعاني من أشد أنواع العزلة داخل أسوار السجن، حسب تعبيرها.
وتابعت: “تُعتبر هذه الشريحة من المجتمع من بين أشد الفئات حاجة لتلقى خدمات الحماية عموماً، وخدمات الدعم النفسي خصوصاً، نظراً لما يتعرضن له من ضغوط نفسية نتيجة العزلة والبعد عن الأهل والعائلة، إلى جانب أجواء السجن وما لها من آثار سلبية على حياة النزيلات”.
ومن بين البرامج المخصصة للنزيلات في سجون ريف حلب، تدريبات خاصة بتطوير قدرات المستفيدات في مجالات عدة، أبرزها محو الأمية وتعليم اللغات خاصة اللغة التركية، إلى جانب برنامج مهارات الحياة للنساء، وغيرها من البرامج التي يجري الإعداد لها.
كما استهدف البرنامج النساء اللواتي يصطحبن أطفالهن معهن داخل السجن، عبر تنفيذ برنامج المهارات الوالدية، لدعمهن وتوعيتهن في كيفية التعامل مع أطفالهن ضمن هذه الظروف.
ومنذ انطلاقه مطلع عام 2022، استهدف البرنامج ما لا يقل عن 60 مستفيدة، بالتنسيق مع إدارة السجون في مدن اعزاز وجرابلس والراعي.
“تحديات لكسر الجليد”
بدأت منظمة “إحسان” بتنفيذ برامج الحماية للسجينات، بعد سلسلة من التنسيق مع إدارة السجون في ريف حلب، جرى خلالها توضيح أهداف النشاط والفئات المستهدفة فيه وطبيعة البرنامج وأثره على السجينات، حيث أبدت إدارة السجون “تعاوناً مريحاً” في تسهيل وصول فرق المنظمة إلى داخل السجن، بحسب منسقة قسم الحماية في “إحسان”، مجد صوان.
وحول أبرز التحديات، تقول صوان إن اكتساب ثقة السجينات كان العائق الأبرز لتنفيذ البرنامج، حيث تم تنفيذ جلسات “كسر جليد” لتعريفهن بالمشروع وأهدافه.
وأضافت: “في البداية لم يلقَ البرنامج ردود فعل جيدة من قبل السجينات، باعتباره أمر جديد بالنسبة لهن، ويجهلن أي شيء عنه وعن أهدافه، لكن بعد كسب ثقتهن وشعورهن بالارتياح تجاه الفريق وتعريفهن بالبرنامج، بدأنا بتنفيذه وتجاوزنا هذه العقبة”.
ويرى الفريق المسؤول عن هذا البرنامج أن السجون لا تُعتبر بيئة آمنة لتنفيذ كافة أنشطة الحماية، خاصة في الجزء المتعلق بإدارة الحالة والإفصاح عن حالات العنف، كون هذا البرنامج يحتاج سرية وبيئة خاصة وآمنة.
وبحسب ذات المتحدثة، واجه الفريق صعوبة أيضاً في تنفيذ بعض البرامج والتدريبات المهنية، التي من شأنها رفع القدرات والمهارات الشخصية، كالتدريب على الخياطة أو تصفيف الشعر أو حياكة الصوف، على اعتبار أن هذه الأنشطة تحتاج أدوات حادة لتنفيذها، يُمنع دخولها إلى السجون للحفاظ على سلامة المدربة والسجينات أيضاً.
ومن جملة الصعوبات التي واجهها الفريق صعوبة التعامل مع هذه الفئة من المجتمع، ما يفرض على مقدمي الجلسات اختيار المواضيع والألفاظ والجمل لتتناسب مع طبيعة البيئة والمستفيدات، إلى جانب عدم القدرة على ربط المستفيدات بخدمات إدارة الحالة أو مسارات الإحالة، كالخدمات الطبية وتقديم الألبسة والمتممات غذائية.
ولا توجد أرقام عن عدد السجناء والمحكومين من قبل “الحكومة السورية المؤقتة”، ولم يسبق وأن كشفت الأخيرة عن تفاصيل ذلك في السنوات الماضية.
إلا أنها أصدرت خلال تلك السنوات قرارات عفو عام، كان آخرها في يونيو/ حزيران 2021، في خطوة قالت إن الهدف منها “إعطائهم الفرصة للعودة إلى طريق الصواب”.