إيران وأمريكا.. “رسائل النار” آخذة في الازدياد و”لا خط أحمر”
تصاعدت هجمات الميليشيات المدعومة من إيران ضد أهداف أمريكية في سورية والعراق، خلال الأشهر الماضية، في الوقت الذي لم يسجل فيه رد “قوي” من جانب الولايات المتحدة، منذ العام الماضي.
وقال مسؤولون أمريكيون لشبكة “إن بي سي نيوز“، اليوم السبت، إن الهجمات التي يشنها “وكلاء إيران” على القواعد التي تضم عسكريين أمريكيين في البلدين المذكورين “آخذة في الازدياد”.
وأضافوا: “لم ترد واشنطن بقوة منذ 2021، لكن ذلك لا يعني أنها تتجاهل الهجمات”.
وخلال شهر مايو / أيار الماضي تم تسجيل سبع هجمات، وهو ذات الرقم الذي تم تسجيله أيضاً خلال أشهر: فبراير ومارس وأبريل.
في حين كان هناك ما مجموعه 29 هجوماً منذ أكتوبر / تشرين الأول 2021 “دون رد أمريكي فعلي”.
ولم يُقتل أي أمريكي في هذه الحوادث، لكن تقييماً استخباراتياً أمريكياً وجد أن إيران قد تعتقد أن الجماعات التي تعمل بالوكالة لها قتلت وجرحت أمريكيين، وفقاً لمسؤولين أمريكيين مطلعين على التقييم.
وغالباً ما يتباهى الإيرانيون بالنجاحات في ساحة المعركة، دون أن يثبتوا ذلك.
في وقت سابق من هذا العام، زعم مسؤولون إيرانيون أنهم قتلوا إسرائيليين في منزل آمن في أربيل، واتضح أن ذلك غير صحيح.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الهجمات نفذتها فصائل تدعمها إيران.
“لا خط أحمر”
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب قد أوضحت أنها سترد إذا أصيب أو قُتل أمريكيون في هجوم، من جانب ميليشيات إيران.
لكن إدارة بايدن، وفق الشبكة الأمريكية “لم ترسم خطاً أحمر مشابهاً للانتقام، فيما لن يكون الرد المحتمل متوقفاً على إصابة أمريكية”.
ويقول مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والذي يتابع الميليشيات عن كثب: “كانت هناك زيادة منذ أبريل في الهجمات، التي يبدو أنها مصممة لإرسال تحذير”.
ويضيف أن “الدافع وراء تصعيد الهجمات كان على الأرجح المفاوضات المتوقفة بشأن الاتفاق النووي لعام 2015 وإشارات من واشنطن بأنها قد تزيد الضغط الاقتصادي على طهران إذا انهارت المحادثات تماماً”.
ويعتقد ذات المتحدث أن الهجمات تهدف إلى إرسال رسالة إلى واشنطن مفادها أن المزيد من الضغط على إيران سيؤدي إلى مزيد من الهجمات على القوات الأمريكية في العراق وسورية.
“يبدو أن الكثير من هذه الأشياء على شكل تحذير، مثل – نحن قادمون. نحن نستعد. هذا ما يمكننا فعله إذا أردنا ذلك”.
وتابع نايتس “إنهم يذكروننا بأنهم يمكن أن يقتلونا. أعتقد أن هذا مؤشر على أنهم يسخنون قدراتهم ويظهرون لنا أنهم يسخنون قدراتهم”.
ماذا حصل بعد التنف؟
في أكتوبر / تشرين الأول 2021، هاجمت خمس طائرات مسيرة انتحارية محملة بالمتفجرات والشظايا القاعدة الأمريكية في منطقة التنف جنوبي سورية.
ولم يُقتل أي من القوات الأمريكية في الهجوم، لكن العديد من المباني تضررت بشدة.
وكانت إيران وراء الهجوم، وفقاً لثلاثة مسؤولين دفاعيين أمريكيين ومسؤولين في إدارة بايدن، حيث نفذت قواتها بالوكالة الهجوم بنية قتل القوات الأمريكية.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن إيران شنت الهجوم رداً على غارة إسرائيلية استهدفت أجزاء صواريخ متطورة في سورية، أسفرت عن مقتل وإصابة مواطنين إيرانيين.
وحذر الجيش الأمريكي من أن الطائرات بدون طيار كانت متجهة للداخل وتمكنت من نقل معظم القوات الأمريكية البالغ عددها 200 جندي بعيداً عن القاعدة، والتي أضاف المسؤولون أنها ربما كانت السبب الوحيد لعدم إصابة أو مقتل جنود.
وبعد هجوم التنف، بعثت الولايات المتحدة برسالة إلى إيران عبر القنوات الدبلوماسية تحذرها فيها من توجيه الضربة مرة أخرى.
ومنذ ذلك الحين، تعرضت القوات الأمريكية للهجوم في 29 مناسبة منفصلة على الأقل، وفقاً لقائمة قدمها مسؤول دفاعي كبير.
وكان أحدث هجوم الأسبوع الماضي عندما أطلقت مجموعة مدعومة من إيران خمسة صواريخ كاتيوشا على قاعدة الأسد الجوية في غرب العراق.
ونفذت إدارة بايدن غارات جوية في سورية في فبراير 2021 رداً على الهجمات الصاروخية، وضد أهداف الميليشيات العراقية في يونيو 2021 رداً على هجمات الطائرات بدون طيار، لكنها لم ترد على وكلاء إيران لأي هجوم منذ “التنف”.
وأشارت شبكة “إن بي سي” إلى أن إدارة بايدن أبلغت النظام الإيراني أنها تحمل طهران المسؤولية عن هجمات الجماعات المسلحة في العراق وسورية.
وأضافت أن المسؤولون يصرون على أن إيران تعلم أن الولايات المتحدة، من الرئيس جو بايدن إلى الجيش الأمريكي، مستعدة تماماً للرد.
ما الذي تريده إيران؟
في غضون ذلك جاء في سياق تقرير الشبكة الأمريكية أنه ربما تحاول الجماعات المدعومة من إيران جر الولايات المتحدة إلى موقف قد يتصاعد.
ويجادل بعض مسؤولي إدارة بايدن أنه “من الحكمة” العمل مع الجيش العراقي، والتركيز على الرسائل الدبلوماسية أو التفكير في فرض عقوبات.
وتشارك الولايات المتحدة المعلومات الاستخباراتية مع العراقيين، وكانت قوات مكافحة الإرهاب التابعة لهم فعالة، في مطاردة مجموعات الميليشيات بعد الهجمات.
وفي سورية قد يختلف الأمر قليلاً، حيث يسود جو من القلق لدى المسؤولين الأمريكيين بشأن العدد المتزايد للطائرات بدون طيار أحادية الاتجاه، والتي يشار إليها غالباً باسم الطائرات الانتحارية بدون طيار.
وكان هناك هجوم صاروخي محتمل من طراز SA-6 أرض-جو على طائرتين أمريكيتين من طراز F-16 في دير الزور شرقي سورية، لكن “لم يتم الكشف عنه”.
وتنقل الشبكة عن مسؤول عسكري أمريكي قوله إن “الوضع بين الولايات المتحدة وإيران سلم تصعيد” ، مستشهداً باغتيال قائد كبير لفيلق القدس في طهران، واستيلاء إيران على ناقلتي نفط يونانيتين، والمناورات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة لمحاكاة الضربات على إيران.