استهدفت روسيا قاعدة التنف الحدودية جنوبي سورية، ليلة أول أمس الأربعاء، في خطوة “نادرة” اعتبر مسؤولون أمريكيون أن موسكو تريد من ورائها “إرسال رسالة”.
وكان “جيش مغاوير الثورة” وهو فصيل عسكري محلي ينتشر في التنف ويتلقى دعماً عسكرياً ولوجستياً من الولايات المتحدة قد أعلن في بيان، الخميس، أن “قوات مجهولة” هاجمت بالطائرات مواقع تابعة له.
وقال إن “الهجمات كانت غير مجدية، ولم يصب أي أحد من قواتنا بأذى ولحقت أضرار مادية بسيطة”.
من جهتها ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، اليوم الجمعة أن “روسيا حذّرت الجيش الأمريكي في وقت سابق من هذا الأسبوع، من أنها ستشن غارات جوية ضد مقاتلين محليين مع الولايات المتحدة في التنف”.
ونقلت عن مسؤولين دفاعيين أمريكيين قولهم إن التحذير أدى إلى “قيام الولايات المتحدة بتحذير المقاتلين بسرعة لتحريك مواقعهم والتأكد أيضاً من عدم وجود قوات أمريكية في الجوار”.
وأضاف المسؤولون لشبكة “CNN” أن القوات الأمريكية لم تضطر إلى التحرك، لأنها كانت بعيدة بما فيه الكفاية، لكن المقاتلين المحليين فعلوا ذلك.
ويبدو أن الضربات الجوية الروسية محسوبة للغاية، بحسب الشبكة الأمريكية، حيث تأتي عندما تتصاعد التوترات بين واشنطن وموسكو بسبب الحرب في أوكرانيا.
وتحاول وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ضمان عدم تصاعد التوترات مع القوات الروسية، بما في ذلك في سورية، حيث عمل الجانبان على مقربة من بعضها البعض لعدة سنوات.
وأوضح المسؤولون أن التقييم الأمريكي الأولي هو أنه من المحتمل أن تكون القوات الروسية قد تلقت أوامر بإخطار الولايات المتحدة في وقت مبكر، وشن الضربات الجوية، مع العلم أنها لن تضرب القوات الأمريكية، وأن الأمريكيين سيحذرون حلفائهم.
لكن أحد المسؤولين أشار إلى إن الروس ما زالوا على الأرجح قد حققوا هدفهم المتمثل في “إرسال رسالة” إلى الولايات المتحدة، مفادها أن بإمكانهم الهجوم دون القلق من الانتقام.
وجاء الإخطار من قبل روسيا من خلال خط عدم التضارب الثنائي طويل الأمد الذي يعمل منذ عدة سنوات، حيث يقوم كل جانب بإخطار الآخر بالعمليات العسكرية والتحركات التي قد تؤدي إلى سوء تقدير، إذا لم يكن كل جانب على علم بأنشطة الطرف الآخر.
ووجهة النظر الأمريكية هي أن الروس كانوا يقللون من مخاطر حدوث أزمة، مع العلم أن الولايات المتحدة ستبلغ المقاتلين المحليين.
وذكر المسؤولون الأمريكيون أن الروس زعموا أن الجماعة (مغاوير الثورة) نفذت هجوماً بقنبلة زرعت على جانب الطريق ضد القوات الروسية.
وتعتقد الولايات المتحدة أن ذلك لم يحدث، واستخدمه الروس ببساطة كسبب لشن غارات جوية.
وتشير “cnn” إلى أن “هذا النوع من الاستفزاز الروسي نادر ولكنه ليس غير مسبوق”.
وفي شباط / فبراير 2018، تصاعدت المواجهة بسرعة وأصبحت مميتة، عندما عبرت قوة قوامها 500 فرد معظمها من متعاقدين روس، وميليشيا مسيحية موالية للنظام السوري نهر الفرات بالقرب من دير الزور.
وتكرر حادث آخر، في أغسطس / آب 2020، عندما أصيب عدد من الجنود الأمريكيين في تصادم مع رتل عسكري روسي شرقي سورية.
وتقع التنف عند المثلث الحدودي بين سورية والعراق والأردن، وأيضاً على الطريق السريع بين دمشق وبغداد، والذي كان ذات يوم طريقاً رئيسياً لدخول الشاحنات والإمدادات الإيرانية إلى سورية.
كما تعتبر من أبرز القواعد العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية في سورية، وسبق أن زارها قادة عسكريون كبار.
وكانت القاعدة تعرضت في 20 أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، إلى هجوم بخمس طائرات مُسيّرة، وهو ما وصفته القيادة المركزية الأميركية بأنه هجوم “متعمد ومنسق”.
وكشف مصدر بالبنتاغون أن معلومات استخباراتية وصلت من إسرائيل إلى القاعدة قبل الهجوم، دفعت بالقيادة الأمريكية إلى إجلاء 200 عنصر.
وحسب مسؤولين أميركيين لصحيفة “نيويورك تايمز”، فإن إيران تقف وراء الهجوم “ووجهت وزودت ميليشيات موالية لها بالمعدات لتنفيذ الهجوم”.