تستمر في جنيف أعمال الدورة الـ50 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الذي انطلق في 14 يونيو/حزيران، على أن يُختتم في 8 يوليو/ تموز الجاري، ويتضمن جدولها قضايا حقوق الإنسان في العديد من الدول، بينها سورية.
وشهدت أعمال المجلس في هذه الدورة، إدانات لنظام الأسد، عبر العديد من وفود الدول، والمنظمات والهيئات السورية والدولية، والتي نادت بضرورة تطبيق مبدأ المحاسبة والمسائلة حول الجرائم المرتكبة في سورية.
أصوات سورية في جنيف
ومنذ اندلاع الثورة السورية سنة 2011، ينظر مجلس حقوق الإنسان بكل دوراته، بحالة حقوق الانسان في سورية، حيث تم تشكيل “لجنة التحقيق الدولية المعنية بحالة حقوق الانسان في الجمهورية العربية السورية”، والتي تقدم تقارير دورية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان المُرتكبة.
وشهدت أعمال الدورة الجالية لمجلس حقوق الإنسان، مشاركة منظماتٍ مجتمع مدني سورية غير حكومية، حيث ألقى مدير السياسيات والتواصل والمناصرة في “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، داني البعاج، كلمةً خلال إحدى جلسات الدورة 50، وقال فيها:”لقد أعاد التحقيق الذي نشرته صحيفة الغارديان حول ما يصطلح على تسميته مجزرة التضامن، تذكير المجتمع الدولي بجسامة واتساع الانتهاكات التي ترتكبها الأجهزة الأمنية السورية، في ظل افلات كامل ومؤسف من العقاب، مما يؤكد على الحاجة القصوى لانشاء آلية دولية مستقلة تعنى بمكشف مصير المخفيين والمغيبين قسراً في سورية”.
وأضاف ذات المتحدث في كلمته، أن ممثل النظام طالب في جلسة سابقة للمجلس سنة 2019، أن تتيح إسرائيل “الوصول الفوري وغير المقيد وغير المشروط للجنة المعنية بالتحقيق بالممارسات الاسرائيلية في الاراضي العربية المحتلة وغيرها من لجان التحقيق والتقصي التي أنشأها هذا المجلس”، مطالباً حكومة النظام أن “توائم بين مواقفها الدولية والسياسيات التي تنتجها وأن تتيح وصولاً فورياً غير مقيد وغير مشروط للجنة التحقيق الدولية المعنية بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في الجمهورية العربية السورية”.
وعُقدت على هامش دورة “مجلس حقوق الإنسان” الحالية، عدة لقاءاتٍ شارك بها عضو مجلس إدارة “المنتدى السوري”، ياسر تبارة، إذ التقى بعثة “الإتحاد الأوروبي” إضافة لبعثات، المملكة المتحدة، وسويسرا، ومنظمة العفو الدولية، حيث تم بحث أشكال التعاون والتنسيق المشترك، لدعم آليات حقوق الإنسان في سورية.
أهمية المساءلة
من جانبها، المملكة المتحدة، أدانت في بيان بعثتها، هجمات النظام على المدنيين والبنى التحتية، معربة عن شعورها بـ”الرعب” من التقارير التي تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان “المستمرة والواسعة النطاق في سورية”.
وأشار البيان، إلى التقارير التي تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة والواسعة النطاق في سورية، و”رفض النظام قبول التوصيات بإنهاء الهجمات ضد المدنيين”.
بدورها نوهت بعثة قطر على أهمية المساءلة والمحاسبة لجميع المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سورية، وتقديمهم إلى العدالة الجنائية الدولية.
وذكرت في بيانها الذي ألقته جوهرة السويدي، القائم بالأعمال بالإنابة بالوفد الدائم لدولة قطر في جنيف، أن “النظام السوري عمل منذ بداية الصراع على توظيف الاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري كوسيلة من وسائل الحرب”.
وفيما نوهت ذات المتحدثة، إلى تَعَرضَ أكثر من مليون سوري للاعتقال منذ سنة 2011، أكدت أن “أكثر من 150 ألف سوري مازالوا محتجزين تعسفياً أو مخفيين قسرياً، تاركين وراءهم عائلات عانت من مرارة الانتظار وعدم معرفة مصير ذويهم”، وأدانت تعمد النظام “إخفاء المعلومات عن مصير ومكان المفقودين، وتعرضهم للتعذيب والقتل، كالمجزرة التي حصلت في حي التضامن عام 2013، وتم الكشف عنها مؤخراً”.
ليسوا مجرد أرقام
وقُتل أكثر من 300 ألف مدني في سورية خلال عقد واحد، بحسب تقرير حديث صدر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في 1 يوليو/ تموز الجاري.
وتشكّل هذه الإحصائية “أعلى تقدير حتى الآن للوفيات من المدنيين، والذين قضوا منذ عام 2011″، في أعقاب انطلاقة الثورة السورية، واعتماد النظام للقمع والحل العسكري منذ الأيام الأولى للمظاهرات السلمية.
وقالت ميشيل باتشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: “إن أرقام الضحايا المرتبطة بالنزاع الواردة في التقرير ليست مجرد مجموعة من الأرقام المجردة، ولكنها تمثل أفراداً بشريين”.
و”كان لأثر قتل هؤلاء المدنيين البالغ عددهم 306887 شخصاً، تأثير عميق ومتردد على الأسرة والمجتمع الذي ينتمون إليه”، وفق باتشيليت.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في 15 مارس/ آذار الماضي، أعداد القتلى المدنيين في سورية خلال 11 عاماً من الثورة.
وحسب التقرير “أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية مسؤولة عن مقتل 228 ألفاً و647 مدنياً منذ مارس/ آذار 2011 حتى آذار الماضي، بينهم 14 ألفاً و664 قضوا تحت التعذيب، بينما لا يزال 151 ألفاً و462 شخصاً قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، إضافة إلى تشريد قرابة 14 مليون سوري”.
المجلس واختصاصاته وأعضائه
يشار إلى أن “مجلس حقوق الإنسان”، هو هيئة دولية داخل منظومة الأمم المتحدة، مسؤولة وفق ما جاء في تعريفه على الموقع الرسمي للمجلس، عن “تدعيم تعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها في جميع أرجاء العالم”.
كما يتناول المجلس الذي يعقد اجتماعاته في مقر الأمم المتحدة في جنيف “حالات انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم توصيات بشأنها”.
والمجلس الذي حل مكان لجنة الأمم المتحدة السابقة لحقوق الإنسان، مؤلف من 47 دولة عضواً في الأمم المتحدة، تنتخبها الجمعية العامة للأمم المتحدة، كل ثلاث سنوات، بحيث يتم مراعاة التمثيل الجغرافي كما يلي:
الدول الافريقية 13 مقعداً، الدول الآسيوية 13 مقعداً، أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي 8 مقاعد، دول أوروبا الغربية 7 مقاعد، دول أوروبا الشرقية 6 مقاعد.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان ما لا يقل عن ثلاث دورات عادية في السنة، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل. وهي تُعقد في مارس/ آذار (4 أسابيع) ويونيو/ حزيران (3 أسابيع) وسبتمبر/ أيلول (3 أسابيع).
ويمكن لمجلس حقوق الإنسان، إذا طلب ثلث الدول الأعضاء ذلك، أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.