سياسة “النفط مقابل الغذاء” هل يمكن تطبيقها في سورية؟
أعلنت شركة “غلف ساندز بتروليوم” البريطانية قبل أيام، عن إمكانية طرح مبادرة تحت عنوان “النفط مقابل الغذاء”، تقوم على استثمار آبار النفط في شمال شرق سورية مقابل تمويل مشاريع إنسانية واقتصادية.
وقال العضو المنتدب للشركة جون بيل، لموقع “المونيتور“، الاثنين الماضي، إن المقترح هو “وضع الأموال في صندوق يُدار دولياً من أجل تمويل المشاريع الإنسانية والاقتصادية والأمنية في جميع أنحاء البلاد لصالح الشعب السوري، بطريقة متوافقة مع العقوبات”.
وأضاف أن ذلك يتم من خلال التوافق مع المجتمع الدولي وأصحاب المصلحة من السوريين، بالتماشي مع القرار الدولي 2258.
واعتبر بيل، أنه يمكن إعادة إنتاج النفط والغاز السوري، بما يصل إلى 500 ألف برميل يومياً، ما يعود بـ20 مليار دولار سنوياً بالنظر إلى أسعار النفط العالمية اليوم.
وأكد أن المناقشات جارية في مرحلتها الأولى مع المسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية والتنمية في بريطانيا، مشيراً إلى أن المبادرة تتطلب موافقة الأطراف المعنية في المنطقة وهي نظام الأسد و”قوات سوريا الديمقراطية”.
في هذا السياق، نقل موقع المونيتور عن مصادر وصفها بالدبلوماسية قولها إن اقتراح الشركة البريطانية “غير واقعي” بسبب التقسيم الفعلي لسورية حالياً بين نظام الأسد المدعوم من قبل روسيا وإيران في الجنوب، وبين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من واشنطن في الشمال الشرقي، وبين الجيش الوطني المدعوم من قبل تركيا في الشمال الغربي.
وتعليقاً على ذلك يقول كرم شعار، الباحث السوري في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن، وحامل درجة الدكتوراه في الاقتصاد، إن “شركة غلف ساندز بتروليوم كانت لاعباً هامشياً في سوق النفط السوري قبل بدء الحرب، حيث استخرجت 24 ألف برميل يومياً فقط في عام 2010، أي ما يكافئ 6٪ من الناتج النفطي الإجمالي”.
ويضيف شعار في منشور عبر حسابه في “فيس بوك“، أن “الشركة الدولية هي الأكثر نشاطاً حالياً، في محاولة إيجاد طريقة لمعاودة نشاطها مرة أخرى من خلال العمل مع الإدارة الذاتية والدول الغربية التي تعاقب قطاع النفط السوري”.
هل يمكن تطبيق المبادرة؟
وأثارت مبادرة الشركة البريطانية تساؤلات حول إمكانية تطبيق “النفط مقابل الغذاء” في سورية.
شعار شكك في قبول واشنطن المبادرة، بسبب “الضرر الذي سيطال سمعتها حول العالم واتهامها بأنها تسوق لسرقة الموارد الطبيعية السورية، لا سيما وأن المردود الاقتصادي للعملية سيكون محدوداً للغاية، بسبب صغر حجم البلوك وموارد سورية النفطية عموماً”.
في حين اعتبر الباحث في العلاقات الدولية، والمتخصص في شؤون الطاقة، حسن الشاغل، أن “سياسة النفط مقابل الغذاء لا يمكن تطبيقها في سورية.
وحدد الشاغل عبر حسابه في “فيس بوك” عدة أسباب لذلك، وهي أن ” سورية لا تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط، والطاقة القصوى للإنتاج في سورية لا تتعدى 500 ألف برميل يومياً”.
إضافة إلى ذلك، تعاني آبار النفط في الوقت الحالي من التلف نتيجة الاستخدام الخاطئ لها، إلى جانب صعوبة التنفيذ كونها بحاجة إلى توافق دولي.
وأكد الشاغل، أن سياسية النفط مقابل الغذاء نفذت في العراق في عام 1993 إبان الحصار على العراق. لكن كان العراق حينها ينتج يومياً ثلاثة ملايين برميل.
وأوضح أن حصة العراق حينها كانت كبيرة في السوق الدولية، ونقصها يزعزع السوق، في حين أن النفط السوري يستهلك بمجمله محليا ويصدر 150 ألف برميل منه.
وتضم مناطق شرق سورية حقولاً نفطية وغازية ذات أهمية “استراتيجية”، منها الرميلان والشدادي والجبسة والسويدية، التي سيطرت عليها “وحدات حماية الشعب” الكردية منتصف العام 2012.
إضافةً إلى ذلك، تضم المنطقة، مصفاة الرميلان، وحقول كراتشوك وحمزة وعليان ومعشوق وليلاك، عدا عن الحقول التي سيطرت عليها “الوحدات” في ريف دير الزور الشرقي، أيلول 2017، أهمها كونيكو والجفرة والعمر.
وتسيطر الولايات المتحدة الأمريكية عبر حلفائها المحليين (قسد)، على حقول النفط المتواجدة في المنطقة.