تتجه الأنظار في الأيام المقبلة إلى القمة التي ستشهدها العاصمة الإيرانية طهران حول سورية، حيث سيجتمع رؤساء تركيا وإيران وروسيا رجب طيب أردوغان وإبراهيم رئيسي وفلاديمير بوتين لأول مرة وجهاً لوجه، منذ عامين.
ووصفت الخارجية الروسية القمة في بيان لها، اليوم الجمعة بأنها “ستكون حدثاً مهماً للغاية”، وبينما تشير معظم التصريحات إلى أن سورية ستكون على رأس أولوية المباحثات والنقاشات، في حين ومن المقرر أن يتناول القادة ملفات إقليمية وعالمية أخرى.
وتعتبر تركيا إلى جانب إيران وروسيا “دول ضامنة” لمسار “أستانة السوري”، والذي بلغ عدد جولاته، خلال السنوات الماضية 18، تركّزت في معظمها على طبيعة حدود أطراف النفوذ على الأرض، و”ضمان عملية خفض التصعيد” ومسار “التسوية السياسية”.
وتكمن “أهمية” هذه القمة من كونها تأتي في ظرف زمني حساس، سواء بالنسبة لسورية أو لباقي الملفات الإقليمية والعالمية، والتي تتصدرها بشكل أساسي الحرب الروسية- الأوكرانية، التي تقترب من الدخول في شهرها السادس.
وبخصوص سورية كان لافتاً، خلال الأسابيع الماضية، سلسلة المواقف والتحركات التي فرضتها الدول الثلاث، كخطوة تمهيدية، من شأنها أن تركّز النقاش وتوضحه على نحو أكبر.
“تهديد تركي”
وحسب ما ذكرت وسائل إعلام تركية فإن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان يحمل في زيارته إلى طهران، في التاسع عشر من الشهر الحالي ملف العملية العسكرية التي يهدد بتنفيذها في الشمال السوري.
وكان أردوغان قد حدد هدف العملية بمنطقتي تل رفعت في ريف حلب الشمالي ومنبج في ريف حلب الشرقي.
وفي وقت لم يتحدد فيه توقيت البدء بالعملية، وما إذا كانت ستتم على أرض الواقع أم لا ذكرت صحيفة “صباح” المقربة من الحكومة، الأسبوع الماضي أن “القضية الأكثر أهمية بين تركيا وإيران ستكون هي العملية المحتملة في سورية”.
وسبق وأن قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان إن “العملية العسكرية المرتقبة في سورية قد تنطلق في أي وقت، وقد تأتي فجأة ذات ليلة”.
وفي وقت سابق، أبدت طهران معارضتها لأي عملية عسكرية محتملة للجيش التركي في شمال سورية، معتبرة أنها “تُهدد وحدة الأراضي السورية”.
لكن خلال زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى تركيا، قبل أسبوعين بيّن عبد اللهيان، أن بلاده “تتفهم ضرورة” تنفيذ القوات التركية عملية ضد المقاتلين الأكراد في شمال سورية. وتابع: “نتفهم جيداً مخاوف تركيا الأمنية”.
في حين أبدى نية طهران الوساطة بين تركيا والنظام السوري، في الزيارة التي أجراها إلى العاصمة السورية دمشق، حيث التقى رأس النظام، بشار الأسد ووزير خارجيته، فيصل المقداد.
“حرّاك إيراني”
في مقابل التهديدات التركية أقدمت طهران على عدة تحركات بخصوص سورية، في الأيام الماضية، وكان أبرزها الزيارة التي أجراها وزير خارجيتها، حسين أمير عبد اللهيان إلى العاصمة دمشق، حيث التقى رأس النظام السوري، بشار الأسد.
وعقب هذه الزيارة أجرى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي اتصالاً هاتفياً مع الأسد، وطالبه بضرورة تنفيذ الاتفاقيات بين البلدين، ومتابعتها بـ”جدية”.
وحسب صفحة “رئاسة الجمهورية السورية”، في العاشر من يوليو الحالي، فإن الأسد بحث مع رئيسي “التعاون الثنائي وآفاق تطويره وتوسيعه ليشمل مجالات جديدة”، إضافة إلى “متابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين”.
وكان الأسد زار طهران في مايو/ أيار الماضي، والتقى خلالها الزيارة الرئيس الإيراني والمرشد الأعلى للثورة الإيراني، علي الخامنئي.
واعتبر وزير الخارجية الإيرانية، أمير عبد اللهيان، أن زيارة الأسد “فتحت مرحلة استراتيجية جدیدة بين البلدين”.
وقال عبد اللهيان عبر حسابه في “تويتر”، إن “طهران ودمشق عازمتان على الرقي بعلاقاتهما وصولاً للمستوى اللائق”.
“تثبيت مواقف روسية”
في غضون ذلك وعلى الرغم من تضاؤل مسار التصريحات الروسية بشأن سورية، لاعتبارات تتعلق بالحرب الحاصلة في أوكرانيا اتجهت موسكو خلال الأيام الماضية لتثبيت مواقفها، سواء السياسية أو التي تتعلق بالأرض.
وبينما أكد المسؤولون الأتراك على نية تركيا إطلاق عملية عسكرية في شمال سورية دفعت روسيا بتعزيزات عسكرية إلى شمال وشرق سورية، وخاصة إلى مطار القامشلي، الذي تتخذه قاعدة عسكرية، منذ 2019.
وفي مقابل ذلك ناور المسؤولون الروس في كلماتهم على أكثر من جانب، فيما لم يحددون موقفاً واضحاً بشأن ما تطالب وتهدد به تركيا.
ومن جانب آخر كانت روسيا قد حظيت، قبل أيام بتمرير مشروعها الخاص بالمساعدات الإنسانية التي تدخل إلى سورية عبر الحدود.
وبعد استخدامها حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار غربي ينص على تمديد قرار المساعدات لعام كامل أعلن مجلس الأمن الموافقة على تمديد التفويض لستة أشهر، وهو ما كانت تطالب به موسكو، وتضعه شرطاً أساسياً.