كارثة النازحين في مخيم الركبان..حصار أسدي جائر ودور أمريكي مشبوه
كارثة حصار مخيم الركبان من قبل ميليشيا النظام الأسدي، والدور الأمريكي الذي يغمض عينيه عن هذا الحصار، رغم وجود قوات أمريكية في هذه المنطقة، يدلان على استهتار بالغ بحياة سكّان هذا المخيم، الذي يُعدّ قاطنيه بالآلاف، استهتار من النظام الأسدي الذي يجوّعهم ويعطّشهم، بحجة إعادة سيطرة الدولة على أراضيها، وكأن هؤلاء السكان هم من كوكب آخر.
مخيّم الركبان الذي تحميه قوات مغاوير الثورة، هذا الفصيل العسكري يقوده العقيد مهنّد الطلاع المنحدر من مدينة موحسن التابعة لمحافظة دير الزور، هو فصيل يتلقى الدعم من القوات الأمريكية الموجودة ضمن قاعدة لها في مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية، أي (منطقة التنف)
فصيل عسكري عاجز عن تأمين حاجات سكّان المنطقة، وهو بهذا لا يشكّل فعلياً أكثر من ذراعٍ أمريكية، تؤدي وظيفتها بناء على الحاجات الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية عسكرياً رغم صعوبة العيش فيها نتيجة وضعها الجغرافي كجزء من بادية الشام فقيرة الغطاء النباتي والزراعي والمياه.
والسؤال ما الذي يفعله فصيل يدّعي الثورية والدفاع عن الثورة السورية، ويرفع أعلامها، ويردد خطابها، ومع ذلك يعجز عن تأمين الماء والغذائيات الضرورية والإنسانية لسكان يحتمون بظله؟
مغاوير الثورة كفصيلٍ، يعرف معنى عودة سكان مخيم الركبان في المثلث السوري إلى مناطقهم التي نزحوا عنها، ويعرف أن هذه العودة ستحكمها إذلالات واسعة وكثيرة، منها أن الجميع سيعتبرون وفق تصنيف النظام على أنهم إرهابيون، أو على الأقل حاضنة شعبية لقوى إرهابية، التي تعني لدى النظام كل الفصائل العسكرية، التي قاومت طغيان النظام الأسدي.
فصيل مغاوير الثورة لا يستطيع إقناع الأمريكيين بضرورة فكّ حصار النظام عن سكان المخيم، وهو بهذا يساهم دون قصد بزيادة سوء أوضاع الناس، وهو ما يتطلب إعادة انتاج رؤية متكاملة للبقاء في التنف، شرط أن تتكفل قوى التحالف الدولي وفي مقدمتها الولايات المتحدة على رفع الحصار عن سكان المخيّم، وأن تلعب المنظمة الدولية ما يفيد هذا الهدف الإنساني، وإلا فستكون الأمم المتحدة شريكاً في عمليات تجويع وتعطيش سكان المخيم.
والسؤال الآخر، لماذا يمتنع الأمريكيون عن لعب دور في حماية الحياة في مثلث التنف عموماً، وفي مخيم الركبان خصوصاً؟ هل السبب أنها لا تهتم بحياة الناس وفيهم نساء عُزّل وأطفالٌ وعجزة؟ لأنها بالأساس تهتم فقط بالسيطرة على هذا المثلث الاستراتيجي بالمعنى العسكري واللوجستي، فتمنع من خلال سيطرتها أي محاولات لتهريب الأسلحة أو غير الأسلحة لصالح النظام، أو بالعكس لتهديد أمن الدول المجاورة، وفي مقدمتها دولة الأردن.
الأمريكيون مسؤولون عن حياة السكّان هناك، وهم مشاركون جديون في تجويع الناس وتعطيشهم، وكأنهم يضغطون على هؤلاء السكان الهاربين من بطش النظام الأسدي، من أجل إخلاء المنطقة وهذا يصبّ لاحقاً في مصلحة النظام الأسدي.
إن القيام بحملات على وسائل التواصل الاجتماعي بالتعاطف مع مخيم الركبان المنكوب، لا تقدّم حلاً جدياً لمعاناتهم، وكذلك فمؤسسات المعارضة التي تمثّل قوى الثورة والرافضين للنظام الاستبدادي الأسدي، ليس لديها غير مناشدات وتنديد، وهذا لا يكفي في حل كارثة ستحلّ بهؤلاء السوريين، ولذلك ينبغي البحث عن وسائل أكثر فاعلية وتأثير.
السيد رئيس الائتلاف الوطني السوري غرّد حول مأساة مخيّم الركبان: “نطالب الأمم المتحدة بالتدخل العاجل إنفاذهم وإدخال المساعدات إليهم، وفك حصار الأسد عنهم، فما يجري لا يمكن السكوت عنه، ولابدّ من التدخل العاجل لإنقاذ أرواح العائلات السورية هناك”
من جهة أخرى وجّه المسلط رسالة إلى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، بخصوص معاناة أهالي مخيم الركبان المحاصر من قبل قوات الأسد وداعميه بالقرب من الحدود الأردنية.
الرسالة تكشف عن زاوية رؤية الحكومة الأردنية للوضع في مخيم الركبان، حيث تمنع أي عمليات إدخال مساعدات إلى هذا المخيم، ربما يقف خلف ذلك رؤيتهم بعدم التدخل بالصراع السوري، رغم أن سكان هذا المخيم هم ضحايا لهجمات النظام على قراهم ومناطقهم.
ربما يمكن توسيع دائرة الضغط الديبلوماسي من أجل إيجاد حلٍ لوضع مخيم الركبان خارج تدخل النظام الأسدي، فتدخله يعني فتح بوابة عذابات جديدة وقاسية على السكان الذين هربوا من جحيمه، فالضغط المطلوب يأتي عبر زيارات لمكتب العلاقات الخارجية في الائتلاف الوطني السوري لعواصم فاعلة في الصراع السوري، يشرح فيها الكارثة ويطالب بالمساعدة في حلها.
كذلك ينبغي صياغة مذكرة وطنية سورية تخاطب الأمم المتحدة بهذا الشأن، وتحديداً من خلال مكتب الأمانة العامة والجمعية العامة، كي يمكن الحصول على موقف ما، بحيث ينعدم تأثير الفيتو الروسي إذا ما تمّ الأمر من خلال مجلس الأمن الدولي.
إن القيام بحملات تواقيع وحملات إعلامية حول إنقاذ مخيم الركبان من الحصار الأسدي عليه مع القيام بجهود دولية، ربما يكون من شأنه إيجاد منفذ أمل لهذه الوحشية التي يمارسها النظام ضد سكان مخيم الركبان الأبرياء.
بقي أن نوضح أن قوى الثورة والمعارضة بانفتاحها الواسع على قضايا شعبها إنما تزيد من التفاف السوريين حولها، وهذا أحد أهداف الإصلاح الشامل الذي يسعى الائتلاف لإنجاز ملفه، فالعلاقة المتينة بين الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وحاضنتيه الشعبية والثورية سيغيّر من طبيعة الموقف الدولي غير المبالي حالياً.
إن القضية السورية ونتيجة انتقال حالتها من الداخلي إلى صراع أجندات دولية وإقليمية، ستكون في حالة تراجع على مستوى تأثير قوى الثورة، وقد يتم تعديل هذا الموقف من خلال النهوض بعلاقة تصحح المسار، ولذلك يصير مطلب توحيد قوى الثورة على قاعدة برنامج وطني يأخذ بالاعتبار القرار 2254 كمطلب ضرورة، وهو مسؤولية كل قوى الثورة السورية والسوريين.
مخيم الركبان يستصرخ، فهل بتنا مجرد شعب يسمع ولا يفعل؟ نأمل حراكاً جمعياً للدفاع عن شعبنا أينما كان.
المواد المنشورة والمترجمة على الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة السورية.نت