نشرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية تقريراً مطولاً سلّطت فيه الضوء على عمليات تهريب المخدرات (الكبتاغون) من سورية إلى لبنان باتجاه المملكة العربية السعودية، مشيرة إلى أن الأخيرة باتت “عاصمة للمخدرات في الشرق الأوسط”، حسب وصفها.
وكانت المملكة قد أعلنت، يوم الأربعاء الماضي، عن أكبر ضبطية لمخدرات غير مشروعة في تاريخ البلاد بعد إخفاء قرابة 47 مليون حبة أمفيتامين في شحنة دقيق مصادرة في مستودع في العاصمة الرياض.
وتوضح مصادرة الرقم القياسي ما يقول الخبراء إنه “دور السعودية المتنامي كعاصمة للمخدرات في الشرق الأوسط، مما أدى إلى زيادة الطلب، بينما أصبحت الوجهة الرئيسية للمهربين من سورية ولبنان”، وفق “سي إن إن“.
ويقول خبراء نقلت عنهم الشبكة الأمريكية إن “السعودية هي واحدة من أكبر الوجهات الإقليمية وأكثرها ربحاً للمخدرات”، وأن “هذا الوضع يزداد حدة”.
“أكبر محاولة”
وكانت عملية الأربعاء، أكبر محاولة تهريب مخدرات منفردة، بحسب “المديرية العامة لمكافحة المخدرات”.
وفي حين أن السلطات لم تذكر اسم العقار الذي تم ضبطه أو مصدره، قال مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) في وقت سابق إن “التقارير المتعلقة بمضبوطات الأمفيتامين من دول في الشرق الأوسط لا تزال تشير في الغالب إلى أقراص تحمل الكبتاغون”.
و”الكبتاغون” في الأصل هو الاسم التجاري لمنتج طبي يحتوي على المنشطات الاصطناعية (الفينيثيلين).
وعلى الرغم من أنه لم يعد يتم إنتاجه بشكل قانوني، إلا أن الأدوية المزيفة التي تحمل اسم “الكبتاغون” يتم ضبطها بانتظام في الشرق الأوسط، وفقاً لمركز المراقبة الأوروبي للمخدرات والإدمان.
ونمت أعداد مخدرات الكبتاغون في المملكة العربية السعودية وحول المنطقة بمرور الوقت.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، صادر قارب خفر السواحل الأمريكي 320 كيلوجراماً من أقراص الأمفيتامين وما يقرب من 3000 كيلوجرام من الحشيش، بقيمة ملايين الدولارات من قارب صيد في خليج عمان.
ولقد انتشر العقار في المملكة منذ حوالي 15 عاماً، ولكنه انتشر بشكل مكثف في السنوات الخمس الماضية.
“ربما أصبح على قدم المساواة مع القنب”، وفقاً لفاندا فيلباب براون، الزميلة في معهد بروكينغز في واشنطن العاصمة.
وتحدثت الخبيرة أن أحد أسباب انتشار الكبتاغون هو “وجود فيضان إمداد يأتي معظمه الآن من سورية”، حيث يتم إنتاجه “على نطاق صناعي في المصانع الكيماوية الموروثة من نظام الأسد، والتي يتم توفيرها من قبل أمراء الحرب والمنسبين للنظام”.
“من 10 إلى 25 دولاراً”
ويباع الكبتاغون مقابل ما بين 10 و25 دولاراً للحبة الواحدة، ما يعني أن أحدث شحنة سعودية، تبلغ قيمتها في الشارع ما يصل إلى 1.1 مليار دولار، استناداً إلى أرقام من مجلة “إنترناشيونل إدمان ريفيو”.
ويشير التقرير إلى أن الحشيش والقات هما أيضاً مخدران شائعان في المملكة، إلا أن الأمفيتامينات تحظى بشعبية بين الشباب السعودي.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، ظهر عدد من مراكز إعادة التأهيل من المخدرات في جميع أنحاء المملكة، بعد أن بدأت الحكومة الترخيص للمؤسسات الخاصة.
ويقول خالد المشاري، الرئيس التنفيذي لشركة “قويم”، أحد أوائل هذه المراكز التي تم افتتاحها، إن حوالي أربعة أو خمسة مراكز افتتحت في العامين الماضيين.
ويضيف أن هذا دليلاً على اعتراف الحكومة بأهمية إعادة التأهيل، لكنه يظهر أيضاً أن المشكلة آخذة في الازدياد.
وخلال الأشهر الأولى من العام الحالي، أعلنت السلطات الأردنية والسعودية والعراقية ضبط شحنات من الكبتاغون.
والشهر الماضي، أسقطت القوات الأمنية العراقية طائرة شراعية محملة بمليون حبة في البصرة في جنوب البلاد.
وتنتقد دول الخليج وعلى رأسها السعودية منذ فترة طويلة لبنان لعدم التزامه بمكافحة هذا التهريب، متهمة “حزب الله” بأنه المحرك الرئيسي لعمليات التهريب تلك.
“تقارير سابقة”
وفي تقرير لها، في مايو/أيار 2021، قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، إن الحدود بين سورية ولبنان انعدم فيها القانون، وباتت مرتعاً لعمليات التهريب، التي يتورط فيها مسؤولون من الجانبين.
وينقل المهربون الحشيش و”الكبتاغون” عبر طريق يمتد من سهل البقاع اللبناني ومدينة القصير السورية الحدودية، والطرق شمالاً باتجاه مينائي اللاذقية وطرطوس.
ووفقاً لـ”الغارديان” فإن اللاذقية تقع تحت عيون ومراقبة كثيفة من أجهزة أمنية أميركية وأوروبية وأجهزة الاستخبارات. ورغم هذا وقعت بعض عمليات التهريب من المصدر، وتم إحباطها لاحقاً.
من جهتها قالت مجلة إيكونوميست (The Economist) البريطانية، في تقرير لها مطلع العام الحالي إن سورية تحولت إلى “دولة مخدرات” تشكل أقراص الكبتاغون صادرها الرئيسي.
وأضاف التقرير أنه مع انهيار الاقتصاد الرسمي تحت وطأة الحرب التي يشنها النظام على الشعب السوري والعقوبات والحكم القمعي لعائلة الأسد أصبحت المخدرات الصادر الرئيسي لسورية ومصدر العملة الصعبة فيها.